اعتبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم الجمعة، أن بلاده لم تصل إلى "نتائج مأمولة" مع الرئيس الأميركي جو بايدن فيما يخصّ العلاقات بين البلدين، مشيرا إلى أنه لم يشهد مواقف شبيهة بمواقف بايدن مع أي رئيس أميركي سابقا.
وجاء كلام أردوغان خلال تصريحات أدلى بها عقب صلاة الجمعة في مدينة إسطنبول، بعد يوم واحد من عودته من أميركا دون لقاء بايدن، فيما يعكس خلافات عميقة بين البلدين.
وذكر أردوغان: "فيما يتعلق بالعلاقة مع أميركا، حتى الآن ما نأمل به من لقاءاتنا مع بايدن لم نصل بشأنه إلى نتائج مطلوبة، والأمر مستمر.. ولأننا عضوان في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وبما أننا لسنا في الوضع المطلوب كحلفاء، يجب نتحدث عن هذه الأمور".
وأضاف: "إن كانت العلاقات في الوضع غير المأمول، علينا التعبير عن ذلك، لأنني (على عكس إدارة بايدن) لم أشهد مثل هذه المواقف مع أي من القادة السابقين في أميركا، ولا يجب كحلفاء في "الناتو" أن نكون في هذه الحالة.. أميركا تمنح التنظيمات الإرهابية فوق ما هو متوقع من الدعم، وبدل مكافحتها تقوم بتوفير الأسلحة والمعدات لها. تركيا مضطرة إلى إطلاع الرأي العام العالمي على هذه التفاصيل عندما تُقدم دولة (أميركا) عضو في الحلف على مواقف كهذه".
وكان أردوغان قد عبّر، قبل عودته من أميركا، عن أمله في أن تسود الصداقة علاقات بلاده مع الولايات المتحدة، رغم البداية غير الجيدة مع إدارة الرئيس جو بايدن.
وقال أردوغان: "ما نتمناه هو أن تسود الصداقة علاقاتنا مع الولايات المتحدة، عوضا عن الخصومة، لأننا حليفان في "الناتو". وقد عملت بشكل جيد مع (الرؤساء السابقين) جورج بوش الابن و(باراك) أوباما و(دونالد) ترامب، لكن لا أستطيع القول بأن بداية عملنا مع (جو) بايدن كانت جيدة".
ولاقت تصريحات أردوغان اليوم صدى واسعاً في وسائل الإعلام التركية، التي أشارت إلى أن كلام الرئيس التركي يعتبر تحذيراً لواشنطن، وأنه "لا يمكن أن يلوم أحد تركيا مستقبلاً".
تركيا وأميركا: مرحلة ما قبل 2017
إلى ذلك، تساءلت صحيفة "خبر تورك": "هل يفهم من كلام أردوغان أن هناك عودة لعام 2017، زمن الخلافات المتعلقة برجل الأعمال الإيراني رضا زراب، واتهامات بخرق العقوبات على إيران، وقضية مصرف خلق بانك، حيث كانت العلاقات قد تراجعت، لتتحسن بعد العلاقة الشخصية بين أردوغان والرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب".
وأضافت أن تصريح أردوغان "لا يدع مجالا للشك بأن العلاقات في ظل إدارة بايدن تتجه لمرحلة ما قبل عام 2017"، في مقابل العلاقة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث أفاد بأن اللقاء بينهما سيكون ثنائيا، مشيرا إلى أن "تركيا لم تشهد أي خطأ في العلاقة مع روسيا".
وذهبت الصحيفة إلى أنه "لا يجب لأحد أن يستغرب، بناء على المواقف من الدولة الغربية، أن تتجه تركيا لتعزيز علاقاتها التجارية والاقتصادية مع الصين التي تسعى الإدارة الأميركية لمحاربتها".
وبررت الصحيفة ذلك بأن "مسألة تشغيل مطار كابول الأفغاني لم تكن عبر مفاوضات مباشرة بين تركيا وأميركا، بل عبر المفاوضات في الدوحة، وكذا الأمر مع طائرات "إف 35"، التي امتنعت أميركا من تسليمها لتركيا".
أما صحيفة "حرييت" فأفادت بأن "تركيا دفعت مليارا وأربعمائة مليون دولار ثمن طائرات "إف 35"، ولم تستلمها من أميركا، وبالطبع ستلجأ إلى القانون من أجل حل هذه القضية، لأن تركيا تغيّر وضعها ولم تعد الأساليب القديمة تنفع معها".
وتوقفت الصحيفة عند جملة قالها أردوغان في حديثه بأن مستوى العلاقة مع واشنطن "لا يدل على علامة خير"، مشيرة إلى انها "تحمل تحذيرا من صديق (تركيا) إلى أميركا"، ومبينة أن أردوغان شدد في كلامه على أنه "لا أحد يمكن أن يلوم تركيا في حال توجهت لشراء المقاتلات من جهات أخرى، كما حصل في قضية الصواريخ الروسية".
وكان بايدن قد قال في تصريح له قبيل انتخابه رئيسا إن "أردوغان يشكل خطرا، ويجب الإطاحة به عبر دعم المعارضة في تركيا (..) وعبر العملية الانتخابية".
ومنذ تولي بايدن الحكم في يناير/ كانون الثاني الماضي، لم يلتق أردوغان سوى مرة واحدة على هامش اجتماعات حلف شمال الأطلسي في بروكسل في يونيو / حزيران الماضي، وجمعهما اتصال هاتفي سبق ساعات من وصف بايدن أحداث عام 1915 بحق الأرمن، في زمن الدولة العثمانية بأنها "إبادة".
لقاء بوتين
وبشأن زيارته المنتظرة إلى سوتشي في 29 من الشهر الجاري، قال أردوغان، خلال تصريحاته اليوم: "ما ننتظره من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مختلف، لأنه في سورية هناك تهديد ضد تركيا، وروسيا كدولة صديقة تأمل التضامن معنا وأن تنهج مقاربة مختلفة كدولتين صديقتين".
وشدد الرئيس التركي: "أميركا كما نرى لم تعد تهتم بسورية، ونحن نوجد هناك مع روسيا وإيران، وإذا كنا نرغب بتحويل المنطقة لحوض سلام فهذا يمكن عبر المشاركة واللقاء، وسنتكلم بشأن ذلك، إذ نرغب في تطوير العلاقات للوصول إلى مرحلة متميزة مع روسيا، والوصول إلى 100 مليار دولار كحجم تجارة، وهذا يتطلب تطوير العلاقات بين البلدين".