جددت أحزاب سياسية في الجزائر دعوتها للرئيس عبد المجيد تبون إلى اطلاق حوار سياسي شامل يسمح بتجاوز الأزمات الداخلية، وذلك على خلفية الكشف عن مشروع سياسي يعتزم تبون اطلاقه قبل الخامس من يوليو المقبل "للمّ الشمل"، في خطوة تستهدف المعارضين.
فقد استغل حزب "التجمع الوطني الديمقراطي" مناسبة تخليد الجزائر ذكرى الثامن من مايو/ أيار 1945، للإعلان عن "دعمه وسعيه إلى المشاركة في حوار سياسي شامل يُعالج كافة القضايا والملفات".
وأشار "التجمع"، الذي يعد الحزب الثاني للسلطة في البلاد، في بيان أمس الأحد، إلى أن "الجزائر الجديدة تحتاج لتعاون وثيق بين مكونات الطبقة السياسية والقوى الحية في المجتمع، ونبذ الخلافات وتجاوز ما يعكر الصفو ويؤدي إلى الفرقة وتشتيت الصفوف بين أبناء الوطن الواحد في الداخل والخارج".
واعتبر الحزب أن الرئيس الجزائري "يحوز وحده على الأدوات القانونية والشرعية السياسية الكفيلة بلمّ شمل الجزائريين، وتوحيد جهودهم وكلمتهم لمواجهة التحديات ودرء المخاطر والتهديدات".
ويأتي موقف الحزب في سياق التفاعل مع "مبادرة" سياسية يمهد الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، لطرحها، تتعلق بـ"لم الشمل" وإجراء مصالحة سياسية ومجتمعية.
والثلاثاء الماضي نشرت وكالة الأنباء الجزائرية تقريراً قصيراً في صورة بيان غير منسوب للرئاسة، (نشر من دون مناسبة)، كشفت فيه عن مشروع رئاسي لـ"لم الشمل"، وأكدت أن "يد الرئيس عبد المجيد تبون ممدودة للجميع، بشكل دائم، ما عدا للذين تجاوزوا الخطوط الحمراء وأولئك الذين أداروا ظهرهم لوطنهم".
واحتفلت الجزائر، أمس الأحد، بذكرى المجازر التي نفذتها القوات الفرنسية ضد الجزائريين في الثامن من مايو/ أيار 1945، عشية الاحتفال بانتصار الحلفاء على النازية في الحرب العالمية الثانية، خاصة في مدن سطيف وقالمة وخراطة شرقي الجزائر، وقد خلفت 45 ألف قتيل.
من جهته، دعا المجلس السياسي لحزب "جيل جديد" (تقدمي) إلى توافق سياسي وطني، موضحاً في بيان له أمس الأحد، أن الأوضاع السياسية والتحديات التي تعيشها الجزائر تستدعي أن "تستعيد البلاد بسرعة توافقا سياسيًا وطنيًا يربط خيوط الثقة ويعيد تأهيل السياسة ويحضر لمواجهة الاضطرابات الاجتماعية المحتملة".
وأشار إلى أن "الصعوبات الاجتماعية والاقتصادية لا يمكنها إلا أن تعزز سوء ظن وعدم ثقة المجتمع الجزائري تجاه المؤسسات السياسية".
وقال إن "المتابعات القضائية عبر الاعتقالات الوقائية المفرطة لأسباب سياسية، والافتقار الصارخ للتواصل بين الجهازين القضائي والسياسي، ومن باب أولى عند حدوث وفاة، (موت ناشط داخل السجن) والإغلاق غير المبرر لوسائل الإعلام، تعزز الشعور بعدم الارتياح في البلاد".
وكان حزب "جبهة التحرير الوطني"، أكبر أحزاب السلطة، قد أعلن، أول من أمس السبت، دعمه لمبادرة الرئيس الجزائري "للم الشمل". واعتبر أن "الجزائر بحاجة لجميع أبنائها من أجل التحضير لاحتفالات الذكرى الستين لاستعادة السيادة الوطنية، كموعد لعرس الجزائر الواحدة القوية بشعبها الموحد".
كما كانت "حركة البناء الوطني" قد دعت إلى "وضع اليد في اليد للتغلب على جميع الصعاب والمخاطر"، وكذا "رص الصفوف وتوحيد الجهود للتصدي لكل من تُسول له نفسه المساس بأمن الجزائر واستقرارها واستهداف لسيادتها".
ولم تعلن أحزاب المعارضة الرئيسية في الجزائر، سواء الإسلامية كـ"حركة مجتمع السلم" أو التقدمية كـ"جبهة القوى الاشتراكية" وحزب "العمال" و"التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" عن موقفها بعد من المبادرة التي لم يعلن رسمياً عنها بعد، ويعتقد أنها تنتظر إعلانا صريحا من الرئاسة بهذا الشأن قبل اتخاذ موقف.