أحزاب تونسية: البلاد دخلت في نفق مظلم بعد انقلاب قيس سعيد

25 نوفمبر 2021
قيس سعيد جمع السلطات بيده (ناصر طلال/الأناضول)
+ الخط -

رأت أحزاب تونسية أن الوضع في البلاد، بعد مضي نحو 4 أشهر على قرارات الرئيس قيس سعيد في 25 يوليو/تموز الماضي، التي وصفها معارضون بـ"الانقلابية"، يسير في اتجاه الغموض وتعميق الأزمة.
وقال الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي، اليوم الخميس، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه "وبعد مرور 4 أشهر وبما لا يدع أي مجال للشك فإن تونس دخلت في نفق مظلم يتحتم الخروج منه".
وبين أنه "يوماً بعد يوم يتأكد أيضا أن النهج الذي سار فيه سعيد وخروجه عن النظام الديمقراطي والشرعية الدستورية عقد الأزمة التي كانت تعيشها البلاد".

سعيد جمّع السلطات بيده


وأوضح أن "تونس كانت تعيش أزمة حقيقية وكان لا بد من الإصلاح والتغيير، ولكن رئيس الجمهورية لم يقم لا بإصلاح ولا بحلول للخروج من الأزمة، بل استغلها لتجميع السلطات بين يديه وإلغاء الديمقراطية والتأسيس لحكم فردي".
ورأى الشابي أنه "بعد 4 أشهر على والأزمة يبدو أنها آخذة بالتعمق على مستوى المؤسسات والدستور المعلق، فتونس تكاد تفتقد لحكومة، لأن وجودها صوري، وهناك ضبابية وعدم قدرة على إدارة الشأن العام مع أزمة اقتصادية ومالية متفاقمة تهدد بانهيار الأوضاع".
وقال إن "هناك مع ذلك رفضاً من سعيد لنهج الحوار، وعزلة دولية غير مسبوقة طاولت حتى المجال الرياضي"، معتبراً أنه "لا يوجد أسوأ من هذا الأداء، وبالتالي تونس في حاجة اليوم إلى تظافر الجهود للعودة إلى مسارها الدستوري والديمقراطي، ووضع حد لحالة الاستثناء وإلغاء التدابير التي عطلت الدولة".

ولاحظ المتحدث أن هناك "خيبة أمل تتسع لدى أغلب التونسيين"، لافتاً إلى أن "عدة شرائح كانت مؤيدة لسعيد بدأت تفقد الثقة، ونهج الحكم الفردي لن يؤدي إلا لمثل هذه النتائج وبالتالي لا إيجابيات يمكن تعديدها باستثناء السيطرة على موجة كورونا في أوج الموجة وتوفر اللقاحات بمساعدات دولية".
وأردف أنه "في ما عدى ذلك فتونس في وضع أسوأ مما كانت عليه سابقاً، وسعيد قام بخطأ كارثي وبمعالجة خاطئة لأزمة حقيقية، إذ لا يمكن الخروج من الوضع الراهن إلا بحل واحد ووحيد وهو الالتقاء على مائدة حوار وتفاوض جدي لوضع حلول وخريطة طريق، وتكليف حكومة إنقاذ وطني وتنقيح نظام الانتخابات للذهاب إلى انتخابات مبكرة".

النهضة: الوضع يزداد تأزماً


من جهتها، قالت النائبة المستقيلة من حركة النهضة جميلة الكسيكسي، لـ"العربي الجديد"، إن "الوضع في تونس يزداد تأزماً يوماً بعد يوم"، مبينة أن "لا بوادر لأي تحسن، وهناك قطيعة تامة على المستوى السياسي في غياب حوار، بل هناك شخص واحد يتحكم في الوضع، ويجمع بين يديه جميع السلطات".
وأوضحت أنه "على المستوى الحقوقي فإن الحريات تنتهك، وهناك محاكمات للمدنيين أمام القضاء العسكري"، مشيرة إلى أن "الوضع الاقتصادي سيئ جداً وهناك طفرة في غلاء الأسعار، وحتى على مستوى الاستثمار فتونس في تراجع مستمر وغير جاذبة للمستثمرين، كما أن التصنيف العالمي لتونس سيئ جداً".
وأضافت أن "تونس تعيش اليوم عزلة دولية غير مسبوقة"، مؤكدة أن "نتيجة 4 أشهر من الانقلاب واضحة، وللأسف هذا ما وصلنا إليه مع بوادر انقسام للمجتمع وخطابات تحريضية، والوضع مرشح للأسوأ ويتجه نحو الأخطر في ظل تعمق الأزمة وتعدد الإشكاليات".
ولفتت إلى أن "الحل لا يكون إلا بسقوط الانقلاب وبحوار وطني واسع يضع جميع الأطراف ويناقش أهم الملفات على الطاولة، وإلا فإن البلاد ستنزل إلى الهاوية".

قلب تونس: لا يمكن للركود أن يستمر

بدورها، قالت النائبة عن قلب تونس لمياء الورتتاني، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "هناك عدة معطيات موضوعية تجعلنا في وضع ريبة، ولا نعرف إلى أين نسير، ففي قانون المالية هناك نقص فادح في التمويل وغياب للموارد ولا حلول لعديد المشاكل العالقة".
ولفتت إلى أن "أزمة عقارب موجودة في كل المحافظات، وأزمة أصحاب الشهادات العاطلين من العمل مستمرة، ولا وضوح حول المسار، والأزمة على عديد المستويات المالية والجبائية والاقتصادية والاجتماعية، وحتى مع الصناديق المانحة".
غير أنها رأت أنه "بعد وضع الضبابية والركود الذي نعيشه ستحصل استفاقة لأنه لا يمكن للركود أن يستمر، والجميع تقريباً على المسافة ذاتها اليوم، فحتى الأحزاب التي ساندت الانقلاب هي اليوم تتراجع وتعبر عن مواقفها الرافضة للوضع".
وأضافت أنه "من خلال مختلف تجارب الأزمات التي عاشتها تونس فإنه كلما اشتد الخناق تفرج، وأن من يصر على المواصلة في الطريق ذاته سيجد الطريق مسدوداً ولن يؤدي ذلك إلى أي نتيجة، فتونس لن يحكمها إلا التوافق، والدولة لا تدار بالأهواء وبالخطابات المكررة والجوفاء، بل بالعقل".
في المقابل، يرى النائب المستقل حاتم المليكي أنه "في ظل الحالة السيئة التي وصلت إليها تونس ومجلس نواب الشعب والفوضى التي عاشتها الحكومة فقد كان قرار 25 يوليو قراراً صائباً، خاصة مع تلك الصورة المسيئة لتونس ولتجربة الانتقال الديمقراطي ككل".
واستدرك قائلاً، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه "رغم ذلك فإن مقاربة رئيس الجمهورية خلال الأشهر الأربعة لا تخلو من عدة مؤاخذات بمعنى أنه يبدو أننا لم نتعظ من تجربة 2011 ومن الأخطاء السابقة، حيث إنه تم التركيز على الأولويات السياسية ولم يتم الأخذ بعين الاعتبار الإصلاحات الاجتماعية وظروف المواطن التونسي، لأنه كلما نهضنا بوضعه يكون انخراطه في الشأن السياسي أفضل. وأعتبر أننا بصدد تكرار الأخطاء ذاتها، عبر حل المشاكل السياسية على حساب المواطن".
وبين المليكي أن "تونس لا يمكنها القيام بإصلاحات سياسية والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية تسوء، بل أصبح الوضع يشكل خطراً، والفرق بين عامي 2011 و2021 أن جل المؤشرات خطرة وتنبئ بعواقب وخيمة على عدة مستويات، منها تزايد مؤشرات الفقر والمديونية العمومية وتراجع النمو".
وأكد أن "المسؤولية تتحملها الأحزاب بعد 2011 وأيضاً حركة النهضة بسبب ضعف أدائها"، ولفت إلى أن "مشاكل تونس هي مشاكل هيكلية وقد تراكمت منذ عدة سنوات، وبالتالي ستكون معالجتها طويلة المدى، وبمقاربة واضحة وبعيداً عن المغالبة والمعالجة السياسية".

وأكد على ضرورة "الاستفادة من الموارد المتاحة ومعالجة المشاكل في ظرف دقيق، لأن النسيج الحالي لا يسمح بخلق ثروة، وهناك خيارات يجب التعجيل بها من خلال برنامج إصلاحي واضح بعيداً عن التجاذبات السياسية، وأي تأخير سيضر بجميع المسارات".
وبين أن "المطلوب اليوم وبصفة عاجلة التراجع عن المرسوم 117، لأنه غير مبرر وكان بإمكان الرئيس الاكتفاء بالمرسوم 80 وتعيين حكومة دون المرور عبر البرلمان كما أراد دون تعليق الدستور".
وأوضح أن "هذه الخطوة تمنح الحكومة صلاحيات جدية مع تشكيل لجنة تتكون من المنظمات الكبرى لوضع تصورات عاجلة للخروج من المديونية"، مبيناً أنه "بإمكان سعيد أو الاتحاد العام التونسي للشغل الإشراف على حوار يبحث بشأن الإصلاحات الكبرى والضرورية".