استمع إلى الملخص
- انتكاسة في الشفافية والمصداقية: انتخابات 2024 تعاني من نقص في الشفافية والمصداقية، مع تحكم مترشح في المسار الانتخابي وتنقيح القانون، مما خلق مناخاً من الترهيب وغياب ضمانات الاختيار الحر.
- مسار غير عادي وتوقعات بالعزوف: المسار الانتخابي الحالي غير عادي مقارنة بالانتخابات السابقة، مع رفض ثلاثة مترشحين وتنقيح القانون في وقت متأخر، مما أدى إلى توقعات بعزوف التونسيين عن التصويت.
تبدو أجواء الانتخابات الرئاسية في تونس المقررة في 6 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، متشنجة وتغلب عليها الضبابية، بحسب ناشطين من عدة منظمات مهتمة بالانتخابات ويرون أن تعديل القانون الانتخابي في البرلمان، يوم الجمعة الماضي، ساهم في توتير الأجواء وأضاف المزيد من الغموض على المسار الانتخابي ككل.
وأكد رئيس جمعية "عتيد" المختصة في ملاحظة الانتخابات الرئاسية في تونس، بسام معطر، في تصريح لـ"العربي الجديد " أن "الأجواء العامة متوترة ومتشنجة، حيث تم تغيير القانون الانتخابي وحصلت احتجاجات ضد هذا التغيير فيما لم تشهد البلاد حملات انتخابية نشيطة"، مضيفاً أن هناك "مترشحاً في السجن هو العياشي زمال، في حين أن أحد المترشحين، وهو زهير المغزاوي، يقوم بأنشطة من خلال التواصل المباشر مع المواطنين، أما المترشح الثالث، قيس سعيّد، فلم يقم بنشاطات شخصية كبيرة، بل هناك من يقومون بحملات لفائدته ويتولون توزيع صوره أو القيام بأعمال استعراضية في الأسواق أو في الشارع".
وأكد معطر أنه "لا توجد أجواء بحجم وأهمية الانتخابات الرئاسية في تونس، وما شاب المسار ككل أثر في أجواء الانتخابات وسيؤثر في الاقتراع"، مبيناً أنه "كلما كان المناخ سليماً ويحترم القوانين المنظمة للانتخابات ويستجيب للمعايير الدولية، سيحوز ثقة المواطنين، ويذهب التونسيون إلى صناديق الاقتراع. ولكن مع وجود أجواء متوترة وحملة انتخابية تكاد تكون غائبة، خصوصاً في الأسبوعين الأولين، فإن كل هذا سيؤثر في المسار وفي إقبال المواطنين ومعرفتهم بأنشطة المترشحين". وقال إن "المسار يفتقر إلى الوضوح، وهناك ضبابية، خصوصاً بعد إقصاء منظمات رقابية وحديث الهيئة في بيان لها عن تمويل أجنبي مشبوه لجمعيات ومؤسسات إعلامية دون توضيح"، متسائلاً: "كيف سيوظف ذلك في الانتخابات؟ وهل ثبت فعلاً استعمال المال الأجنبي في غير المسالك القانونية، وهل هو ضمن التمويل المسموح به أم لا؟".
وقال عضو الشبكة التونسية للحقوق والحريات، وسام الحمادي، في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "تونس شهدت بعد ثورة 14 يناير محطتين انتخابيتين للرئاسية، لكن انتخابات 2024، التي انطلقت من أجواء 25 يوليو2021، تشهد انتكاسة كبيرة ومن ملامحها الارتداد على شفافية الانتخابات من قبل مترشح يتحكم في المسار، ما مسّ مصداقية وشفافية الانتخابات إلى جانب تنقيح القانون الانتخابي، وبالتالي هناك مناخ لا يخلو من ترهيب المجتمع المدني والسياسي والإعلامي".
وأكد الحمادي أن هذه الانتخابات الرئاسية في تونس بعيدة "كل البعد عن انتخابات تتوافر فيها ضمانات الاختيار الحر، وفي المقابل هناك سلطة تكابر وتورط نفسها شيئاً فشيئاً"، لافتاً إلى أنه "لا توجد حملات تحشيد شعبي تقريباً، ولا تكاد توجد حملة انتخابية لأنه تم وأدها نظراً لعدد المترشحين القليل، ثلاثة فقط أحدهم مسجون والمرشح زهير المغزاوي يقوم بحملة مباشرة في حين أن الرئيس لا يقوم بحملة انتخابية، فنحن إزاء حملة صامتة ونجد أنفسنا دون حوار ودون مناظرة مباشرة. أي إن الحد الأدنى غير متوافر وهذا يرجع إلى المسار ككل وفي الحقيقة فإن السلطة السياسية مسؤولة عن هذا الوضع".
وبيّن الحمادي أن هناك "عدة أخطاء حصلت وهناك عدة مواطنين لم يسمعوا بوجود حملة أو انتخابات رئاسية في تونس، وهذا يشكّل انتكاسة حقيقية وكارثة على البلاد وربما كل هذا مقصود من قبل السلطة التي لها آليات تحاول أن تضمن بها وصولها مجدداً إلى الكرسي، إذ قُمع النقاش العام والتداول في الفضاء العام، وهذا يمنع وجود حملة حقيقية بما يخدم السلطة لتجديد العهدة"، مضيفاً أن "الشبكة التونسية للحقوق والحريات اختارت التحرك في الشارع واستعادة ديناميكية الشارع والتعبير التي تحاول السلطة تجميدها، وهناك منظمات وجمعيات لا تزال تدافع عن الحقوق والحريات وتجمع كل القوى المؤمنة بالديمقراطية، وهناك منظمات وأطراف سياسية لا تقبل الارتداد عن المكاسب والحقوق، وستكون هناك عدة تحركات في قادم الأيام لإجبار السلطة على عدم القيام بتجاوزات والقمع، والعودة إلى تكريس نظام ديمقراطي".
من جهته، أكد المدير التنفيذي لمرصد شاهد، ناصر الهرابي، في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "المسار إلى حد الآن يبدو غير عادي وغير طبيعي مقارنة بانتخابات 2014 و2019"، موضحاً أن "أحد المترشحين في السجن وآخر لم يغطّ كامل مسار الحملة الانتخابية، والمرشح الثالث لم يقم بالمناظرة التلفزيونية، ما يجعل التنافس غائباً، كما أن الحملة مقارنة بالحملات السابقة ليس فيها تنافس جدي لإيصال البرامج وحثّ الناخبين على التوجه للانتخابات".
وأضاف أن "المسار اتسم بالجدل، فهناك رفض لثلاثة مترشحين لم يتم دمجهم بالانتخابات بحسب قرار المحكمة الإدارية (وهم عبد اللطيف المكي وعماد الدايمي ومنذر الزنايدي) وكذلك جاء تنقيح القانون الانتخابي في وقت متأخر، وكل هذا من شأنه أن يؤثر في طبيعة سير مسار الانتخابات وهناك توقعات بعزوف التونسيين عن التصويت"، لافتاً إلى أن "الأجواء ككل لا تمت بصلة إلى الانتخابات الرئاسية، تماماً كأجواء الاستفتاء والانتخابات التشريعية والبلدية حيث غابت المنافسة، وهو ما يفسر الفتور لأن عدة عوامل ساهمت في أن يكون المسار غير عادي وغير طبيعي".