يعود البرلمان التركي، اليوم الأحد، إلى العمل في العام التشريعي الثاني للدورة الـ28 وعلى أجندته مواضيع حافلة أهمها مسألة الموافقة على انضمام السويد إلى حلف الناتو، ومهام القوات التركية خارج الحدود ووضع دستور جديد، فضلاً عن أجندة داخلية حافلة.
وتتزامن عودة البرلمان للعمل مع هجوم مسلح وقع في ساعات الصباح بالقرب من مقر وزارة الداخلية في العاصمة أنقرة ، وأدى إلى إصابة شرطيين ومقتل مسلحين هاجما مديرية الأمن العامة، أحدهما فجر نفسه، والثاني سقط برصاص قوى الأمن، بحسب وزير الداخلية علي يرلي كايا.
ويلتئم البرلمان مجدداً ويفتتح الجلسة رئيسه نعمان قورطولموش، فيما يخاطب الرئيس رجب طيب أردوغان المجلس بحضور النواب وزعماء الأحزاب، وفيه سيتحدد بشكل كبير خطة العمل في المرحلة المقبلة، ويضم البرلمان الجديد 14 حزباً و6 كتل برلمانية.
أجندة مكثفة
وتضم أجندة البرلمان في الفترة والأيام المقبلة أحداثاً هامة مكثفة سيجري التطرق إليها، وأهمها مسألة انضمام السويد إلى حلف الشمال الأطلسي (ناتو)، حيث ينتظر أن تكون في مقدمة المواضيع التي سيناقشها البرلمان، في ظل استمرار انزعاج الحكومة التركية من نظيرتها السويدية.
ويُعَدّ ملف انضمام السويد إلى الناتو جدلياً، حيث إن أنقرة تريد خطوات من السويد في ما يتعلق بمطالبها بمكافحة أحزاب ومجموعات تصنفها بقوائم الإرهاب والمجموعات المحظورة، وأهمها حزب العمال الكردستاني، وجماعة الخدمة، فضلاً عن مطالب تتعلق بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
وإزاء ذلك، تربط الولايات المتحدة الأميركية مسألة موافقة بيع مقاتلات إف 16 لتركيا بموافقة الأخيرة على انضمام السويد إلى الناتو، ما يضع الأطراف المعنية أمام أزمة حقيقية ستتوضح أكثر مع تناول البرلمان التركي لهذا الملف خلال الشهر الجاري.
الأجندة الثانية الهامة في الفترة المقبلة للبرلمان هي مذكرات رئاسية حول تمديد مهام القوات المسلحة خارج الحدود، وخاصة في 3 دول عربية هي سورية والعراق وليبيا، ومن الواضح أن هذا المذكرات ستمر وقد تشهد مناقشات من المعارضة ممثلة بالأحزاب اليسارية العلمانية، وأهمها حزب الشعب الجمهوري بسبب معارضتها سياسة الحكومة الخارجية.
ويمتلك التحالف الجمهوري الحاكم أغلبية كافية لتمرير المذكرات، ومن المنتظر أن تنقسم المعارضة في هذا الصدد، إذ يتوقع أن تصوت الأحزاب اليمينية لصالح تمرير هذه المذكرات، وينتظر أن تأتي المذكرات تباعاً في الفترة المقبلة.
الأجندة الثالثة تتعلق بكتابة دستور جديد للبلاد في ظل دعوة الحكومة والمعارضة لدستور جديد مع اختلاف التوجهات، ودعا الرئيس أردوغان عدة مرات المعارضة من أجل هذه التعديلات، وقد تبدأ المناقشات فيه وتستمر لأشهر طويلة.
ويرتبط بمسألة تعديل الدستور مسألة ضمان حرية الحجاب للسيدات، وهو من الوعود التي تقدمت بها الحكومة، وطرحتها المعارضة، وقد تسعى الأحزاب للوصول إلى توافقات حولها وقد تحتاج إلى لقاءات بحسب تصريحات من مسؤولي الأحزاب في الأيام الماضية.
وقالت القيادية في حزب العدالة والتنمية الحاكم، أوزلم زنغين في تصريح صحفي إن "هناك عدة خيارات في ما يتعلق بمسألة التعديلات الدستورية، وقد تكون هناك لقاءات مع الأحزاب المقبلة، الحزب مهتم بمسألة تعديل كامل للدستور، إن لم يتم ذلك فقد تكون هناك 12 مادة للتعديلات والذهاب إلى الاستفتاء إن لم تمرّ من البرلمان".
يحتاج تعديل الدستور مباشرة موافقة 400 عضو من أصل 600 يمثلون نواب البرلمان
ويحتاج تعديل الدستور مباشرة موافقة 400 عضو من أصل 600 يمثلون نواب البرلمان، فيما يحتاج التعديل إلى 360 صوتاً للذهاب إلى الاستفتاء الشعبي، وتفضل الأحزاب السياسية عدم الذهاب لها بسبب كلفة تنظيم أي استفتاء على خزينة البلاد.
ومن الأجندة الهامة للبرلمان مسائل اقتصادية تتعلق بخطط الحكومة على المدى المتوسط والرواتب والأجور، وبعض التعديلات المتعلقة بالطلاب، وتقديم الدعم لعدد من شرائح المجتمع.
كما ستحضر مسألة المذكرات الرئاسية المرتبطة برفع الحصانة البرلمانية عن بعض النواب، ومن أبرزهم المطالب برفع الحصانة عن النائب في حزب الشعب الجمهوري عن دياربكر سيزغين تانري كولو، الذي اتهم الجيش التركي بارتكاب مجازر بحق الأكراد.
واستدعت تصريحات تانري كولو قبل نحو شهر ردود فعل من الحكومة ومن المعارضة، ما أدى إلى تسريع مرحلة رفع الحصانة عنها وإعداد مذكرة تمهيداً للتحقيق معه ومحاكمته، ولاحقاً إسقاط عضويته، حيث يتهم "بالتحريض على الحقد والكراهية بين الشعب".
وفي كلمته الافتتاحية، دعا رئيس البرلمان نعمان قورطولموش إلى "كتابة دستور جديد في تركيا يتجاوز دستور الانقلاب في عام 1982، وأن البرلمان أهم مكان لكتابة الدستور، وذلك بعد استكمال تشكيل الديوان والأمور التقليدية عقب افتتاح البرلمان".
ودعا قورطولموش "جميع الأحزاب والمفكرين وأصحاب الرأي للمساهمة في مسألة كتابة الدستور الجديد المدني المناسب لتركيا"، متمنياً أن "يناقش البرلمان أيضاً مسألة النظام الداخلي وإقراره بطريقة تشارك جميع الأحزاب فيه".
وطالب البرلمان "بأن يكون فاعلاً باللقاء مع بقية البرلمانات عبر اللجان المختلفة، ومراقبة التطورات الإقليمية والدولية، والأزمات الاقتصادية والمناخية والغذائية، وعلى البرلمان أن يتصدى لمسألة كراهية الأجانب والإسلاموفوبيا، خصوصاً في أوروبا".