أبرز ملفات زيارة بلينكن المرتقبة للصين: أزمة المنطاد وأوكرانيا وتايوان

10 يونيو 2023
من المقرر أن يصل بلينكن إلى الصين في 18 يونيو (Getty)
+ الخط -

 

من المقرر أن يصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، إلى الصين في 18 يونيو/ حزيران، في رحلة مؤجلة بعد حادثة بالون التجسس الصيني، حيث سيعقد اجتماعات مع مسؤولين صينيين، حسبما أكدت وكالة "رويترز"، نقلاً عن مسؤول أميركي.

وينتظر أن يلتقي بلينكن نظيره الصيني تشين قانغ، وأيضاً من المتوقع أن يلتقي الرئيس الصيني شي جين بينغ. وكانت الزيارة مقررة في شهر فبراير/ شباط الماضي، ولكنها أُجِّلَت بعد إسقاط القوات الأميركية بالون تجسس صيني كان قد عبر فوق مناطق حساسة في الولايات المتحدة، بينما تصرّ بكين على أنه بالون يستخدم لأغراض علمية انحرف عن مساره بسبب قوة قاهرة.

وكان رئيسا البلدين قد اتفقا في اجتماع لهما في بالي (إحدى مقاطعات إندونيسيا) العام الماضي، على ترتيب الزيارة المقررة قبل أن تتدهور العلاقات بين بكين وواشنطن على خلفية أزمة المنطاد والموقف الصيني من الحرب الروسية على أوكرانيا، والتوترات العسكرية في مضيق تايوان، وكذلك في بحري جنوب وشرق الصين. وتأتي إعادة جدولة الزيارة في وقت يضغط فيه الجانبان لتحسين العلاقات المتدهورة بينهما.

وخلال الأسبوع الماضي، رفض وزير الدفاع الصيني لي شانغ فو، طلباً من نظيره الأميركي لويد أوستن، لعقد اجتماع بينهما على هامش حوار شانغريلا في سنغافورة. ولكن، في أعقاب ذلك، سافر كبير الدبلوماسيين الأميركيين لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ، دانيال كريتنبرينك، إلى بكين مع مسؤول كبير في مجلس الأمن القومي، وأجرى محادثات مع مسؤولين صينيين وُصفت بالصريحة والمثمرة، ويُعتقد أنه تم الاتفاق خلال هذه الرحلة على تحديد زيارة وزير الخارجية الأميركي لتذليل العقبات واستئناف المحادثات بين الجانبين.

استدراك أميركي

في تعليقه على زيارة بلينكن المرتقبة، قال الباحث الصيني في العلاقات الدولية وانغ تشي بينغ، في حديث مع "العربي الجديد"، إن وزارة الخارجية الصينية لم تؤكد بعد الزيارة، لكنها تصب في مصلحة الطرفين من أجل تحسين العلاقات التي شهدت خلال الأشهر الماضية توترات شديدة.

وأضاف أنها تأتي بعد أن فشل الجانبان في ترتيب اجتماع بين وزيري دفاع البلدين في سنغافورة، وكان ذلك، حسب رأيه، "تطرفاً غير محسوب من قبل الولايات المتحدة التي لم تستجب للاشتراطات الصينية قبل عقد اللقاء، ما زاد من الهوة بين بكين وواشنطن".

 واعتبر وانغ شي بينغ، أن إعادة جدولة الزيارة استدراك أميركي لتفويت فرصة تحسين العلاقات على هامش حوار شانغريلا الأمني.

وعن القضايا المدرجة على جدول أعمال الزيارة، قال الباحث الصيني: "لا شك أن موقف بكين من الحرب الروسية يمثل أولوية بالنسبة إلى واشنطن، هناك مصلحة في إثارة هذا الملف مع الجانب الصيني للحصول على ضمانات معينة أو لتوضيح الرؤية في ما يتعلق بالمرحلة المقبلة، في ظل ارتفاع حدة التصعيد والتهديدات الروسية المستمرة. أيضاً ملف تايوان سيحضر بقوة بطبيعة الحال، مع تزايد الحديث عن خطط عسكرية صينية لاستعادة الجزيرة، وتصاعد المناورات العسكرية في المنطقة".

 ولفت أيضاً إلى مصالح تجارية بين البلدين بعد فتح الصين حدودها الخارجية التي أغلقت في أثناء جائحة كورونا، مشيراً في هذا السياق إلى "رغبة مشتركة في تعزيز العلاقات التجارية لإنعاش الاقتصاد واستئناف التبادلات وإلغاء التعريفات الجمركية التي فرضت في عهد الإدارة الأميركية السابقة".

هذا وكان مستشار الأمن القومي لبايدن، جيك سوليفان، قد التقى خلال الشهر الماضي في فيينا كبير الدبلوماسيين الصينيين، وانغ يي، وقال البيت الأبيض في ذلك الوقت إن الاجتماع كان جزءاً من الجهود المستمرة للحفاظ على خطوط اتصال مفتوحة وإدارة المنافسة بشكل مسؤول.

إجابات صينية

من جهته، قال الأستاذ في معهد تسيونغ كوان للدراسات والأبحاث (مقره هونغ كونغ) لي يانغ، في حديث مع "العربي الجديد"، إن زيارة وزير الخارجية الأميركي للصين، هي الأولى لمسؤول رفيع المستوى منذ أزمة منطاد التجسس، وبالتالي فإنها "تمثل فرصة لإثاره هذه القضية وجهاً لوجه بعيداً عن التراشق الإعلامي والتصريحات والاتهامات المتبادلة".

وأضاف لي يانغ أن الجانب الأميركي ينتظر إجابات من بكين بشأن طبيعة عمل المنطاد، خصوصاً أن وسائل إعلام أميركية ذكرت أن المنطاد جمع معلومات استخبارية من مواقع عسكرية حساسة، وأن الأمر لا علاقة له بأبحاث الطقس، كما ادعت بكين. وهو أمر يمسّ الأمن القومي الأميركي، ولا يمكن أن يمر مرور الكرام.

 وأوضح أن السكوت عن هذا الأمر قد يعرض إدارة بايدن للمساءلة، لذلك هناك رغبة ملحة ومصلحة كبيرة في إثارة هذا الملف خلال زيارة بلينكن، للوقوف على أبعاد ذلك وخطورته. وتوقع لي يانغ أن يكون هذا الملف مصدر إزعاج للجانب الصيني، وقد يحول دون التوصل إلى تفاهمات من شأنها أن تذلل العقبات بين الطرفين.

أيضاً لفت إلى أن الجانب الأميركي سيثير ملف التعاون الصيني الروسي والمناورات العسكرية الأخيرة التي أجراها الجانبان في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، والتي شهدت تحليق حاملات صواريخ روسية، وقاذفات صينية استراتيجية فوق المياه الإقليمية لبحر اليابان وبحر شرق الصين وكذلك الجزء الغربي من المحيط الهادئ.

هذا وكانت واشنطن قد دعت بكين في أعقاب هذه المناورات إلى العودة لقنوات الاتصال العسكرية بين الجانبين، وقالت إن العلاقة بين روسيا والصين مقلقة. بينما أكدت الخارجية الصينية أن المناورات العسكرية المشتركة تأتي في إطار خطة التعاون العسكري بين بكين وموسكو للعام الجاري.

هذا وشهدت العلاقات بين الولايات المتحدة والصين توترات شديدة خلال الأعوام الأخيرة الماضية، وتتكرر الصدامات بين الطرفين في منطقة المحيط الهادئ وبحر الصين الجنوبي، من خلال تحريك قطع عسكرية في المنطقة. وتبرر واشنطن أفعالها باعتبارها عمليات بحرية روتينية لضمان وتأكيد حرّية الملاحة، بينما تقول بكين إن التحركات الأميركية تهدد أمنها، وإنها لن تتوانى في الدفاع عن سيادتها وحدودها الإقليمية.