أبرز محطات تبادل طرد الدبلوماسيين بين روسيا والغرب

05 ابريل 2022
طردت واشنطن في فترات سابقة دبلوماسيين من السفارة الروسية لديها (منديل نغان/فرانس برس)
+ الخط -

في ردّ غربي يُعتبر من الأعنف على روسيا ضمن الحروب الدبلوماسية بين الطرفين، أعلن عدد من البلدان الأوروبية اليوم الثلاثاء طرد عشرات الدبلوماسيين الروس ضمن عملية منسقة.

وجاءت عمليات الطرد بعد نشر صور ومقاطع فيديو لمقابر جماعية وضحايا عمليات تعذيب حتى الموت في مدينة بوتشا شمال غرب كييف، بعد انسحاب القوات الروسية منها، مع توجيه أصابع الاتهام للجنود الروس بارتكابها، الأمر الذي نفته موسكو وقالت إنها صور ومقاطع فيديو مفبركة للتحريض عليها وتشويه سمعتها.

وارتفع عدد الدبلوماسيين الروس المبعدين من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منذ بداية الحرب على أوكرانيا إلى أكثر من 260 دبلوماسياً، بينهم سفير. ومن المرجح أن يزداد عدد الدبلوماسيين الروس غير المرغوب بهم في الساعات والأيام المقبلة، فيما تعهدت الخارجية الروسية بالرد.

وبدا أن الأزمة تكبر مثل "كرة الثلج"، ما ينذر بأنها ستكون أوسع وأشمل من المعارك الدبلوماسية السابقة. وأعلنت ألمانيا طرد 40 دبلوماسياً روسياً مساء الإثنين، وفرنسا طرد 35 دبلوماسياً، لتتبعهما إيطاليا اليوم الثلاثاء بطرد 30 دبلوماسياً. ويشكل ذلك مؤشراً خطيراً لتدني مستوى العلاقات الروسية مع ثلاثة من أهم البلدان الأوروبية التي طالما دعت للحوار مع موسكو، وشاركت سابقاً بشكل رمزي في "الحروب الدبلوماسية" بين روسيا والغرب، التي غالباً ما قادتها بريطانيا في إطار "الحروب الجاسوسية" مع الاتحاد السوفييتي السابق، واستخدام الأسلحة المحرمة دوليا لتصفية المعارضين في عهد الرئيس فلاديمير بوتين.

أعلنت فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا طرد عشرات الدبلوماسيين الروس خلال يومين

كما أعلنت إسبانيا اليوم طرد "نحو 25" دبلوماسياً روسياً، ودخلت الدنمارك على الخط بطرد 15 دبلوماسياً روسياً بتهمة التجسس، ولاتفيا بطرد 13 دبلوماسياً وموظفاً روسياً، والسويد 3 دبلوماسيين روس. واللافت أن معظم البلدان الأوروبية أعلنت أن عمليات الطرد جاءت حفاظاً على الأمن القومي، ووجهت لمعظمهم اتهامات بالتجسس.

وحسب البيانات الرسمية منذ بداية الحرب على أوكرانيا في 24 فبراير/شباط الماضي، طردت بولندا 45 دبلوماسياً روسياً، وبلجيكا 21 دبلوماسياً، وهولندا 17 دبلوماسياً، وطردت ليتوانيا 5 دبلوماسيين روس، بينهم سفير، وخفضت مستوى العلاقات الدبلوماسية مع روسيا، وأغلقت القنصلية الروسية في كلايبيدا.

ورداً على عمليات الطرد، ندّد الكرملين اليوم الثلاثاء بـ"ضيق البصيرة" الأوروبية. وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف في تصريحات إعلامية "هو أمر مؤسف. فالحدّ من فرص التواصل على الصعيد الدبلوماسي في هذه الظروف الصعبة" ينمّ عن "ضيق بصيرة من شأنه أن يعقّد بعد أكثر" العلاقات بين روسيا والاتحاد الأوروبي. وأضاف "سيؤدي ذلك حتما إلى إجراءات انتقامية".

سوابق تاريخية لطرد الدبلوماسيين

ومع توقعات بأن تكون عمليات الطرد المتبادل للدبلوماسيين من الطرفين الأوسع نطاقاً على الإطلاق، فقد شهدت العلاقات الدبلوماسية بين روسيا والغرب أزمة غير مسبوقة في عام 2018، بدأت بعدما أعلنت بريطانيا طرد 23 دبلوماسياً بعد توجيه تهم للاستخبارات الروسية بتسميم العميل المزدوج سيرغي سكريبال وابنته في مدينة سالزبوري جنوبي لندن في مارس/آذار 2018 باستخدام "مادة نوفوتشوك" السامة المستخدمة في الأغراض العسكرية.

وتصاعد الموقف مع رد روسيا بالمثل وطرد 23 دبلوماسياً بريطانياً، ولاحقاً قررت طرد 50 آخرين بعد توقيف طائرة دبلوماسية في مطار هيثرو كانت تقل الدبلوماسيين وعائلاتهم.

وفي 26 مارس/آذار 2018، أعلنت الولايات المتحدة و14 بلداً أوروبياً وكندا، حرباً دبلوماسية على روسيا، وقررت طرد عشرات الدبلوماسيين الروس في رسالة تضامن قوية مع بريطانيا. واختارت هذه البلدان توقيتاً موحداً لإعلان قراراتها، وأعلنت واشنطن أنها قررت طرد 60 دبلوماسياً روسياً، 48 منهم من السفارة في واشنطن و12 دبلوماسياً آخرين ضمن بعثة روسيا في مقر الأمم المتحدة في نيويورك. كما طلبت من موسكو إغلاق القنصلية الروسية في سياتل.

دفع تسميم سكريبال وابنته عام 2018 لندن وعواصم غربية لطرد دبلوماسيين روس

وقررت كل من ألمانيا وفرنسا وبولندا وكندا طرد أربعة دبلوماسيين روس، فيما طردت هولندا دبلوماسيين اثنين من أراضيها. وأعلنت ليتوانيا طرد ثلاثة دبلوماسيين روس، وكان تقرير أمني ليتواني قال إن "ثلث السلك الدبلوماسي الروسي فيها مرتبط بأجهزة الاستخبارات". أما جارتها إستونيا، فقررت طرد الملحق العسكري الروسي. كما طردت لاتفيا السكرتير الثاني في السفارة الروسية. وأعلنت الدنمارك أيضاً طرد دبلوماسيين روسيين من أراضيها.

وشكّلت الخطوة الغربية والرد الروسي، حينها، أكبر عملية طرد منذ انتهاء الحرب الباردة. وأكدت رئيسة الوزراء البريطانية حينها تيريزا ماي أن الغرب أرسل رسالة واضحة لتقويض عمل الاستخبارات الروسية ومنعها من استخدام أسلحة سامة محرمة. ومعلوم أن بريطانيا طردت في 2006 أربعة دبلوماسيين روس عقب عملية اغتيال الجاسوس ألكسندر ليتفينينكو باستخدام عنصر "بلوتونيوم 210" المشع.

وفي فبراير/شباط 2021 طردت ألمانيا وبولندا والسويد دبلوماسيين روسيين رداً على طرد روسيا ثلاثة دبلوماسيين من تلك الدول، بعد اتهامهم بالمشاركة في الاحتجاجات الشعبية على اعتقال المعارض أليكسي نافالني.

وفي إبريل/نيسان 2021، دخلت تشيكيا على خط الأزمة مع روسيا، وأعلنت طرد 18 دبلوماسياً روسياً، بتهمة التورط مع المخابرات الروسية في انفجار بمخزن أسلحة عام 2014. وسارعت روسيا بعدها بأيام إلى طرد 20 دبلوماسياً تشيكياً.

تعليق العلاقات الدبلوماسية مع حلف الأطلسي

وفي تدهور غير مسبوق في العلاقات الدبلوماسية مع حلف شمال الأطلسي، أعلنت روسيا في أكتوبر/تشرين الأول 2021 تعليق عمل بعثتها لدى الحلف وإغلاق مكاتب الحلف في موسكو.

ورداً على طرد حلف شمال الأطلسي ثمانية من أعضاء بعثة موسكو لدى الحلف بتهمة التجسس، أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن الشروط الأساسية للعمل المشترك مع الحلف لم تعد قائمة، وإغلاق مهمة الاتصال الخاصة بالحلف في السفارة البلجيكية في موسكو، والتي تم إنشاؤها في عام 2002، ومكتب معلومات الحلف الذي تم إنشاؤه في عام 2001 لتحسين التفاهم بين موسكو والحلف.

التوترات مع الولايات المتحدة

في بداية عهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي تسلم الحكم عام 2000، نشبت معركة دبلوماسية حادة، وأعلنت الولايات المتحدة في مارس 2001 طرد 50 دبلوماسياً روسياً بتهمة التجسس، بعد أيام على اعتقال عميل مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي روبرت هانسن بتهمة التجسس لحساب موسكو. وحينها ردت روسيا بالمثل. وشكّلت عملية تبادل الطرد أكبر عملية من نوعها منذ 1986 حين أمر الرئيس الأميركي رونالد ريغان بطرد 80 دبلوماسياً سوفييتياً بتهمة التجسس.

طرد أوباما 35 من الدبلوماسيين الروس أواخر العام 2016 بتهمة التدخل لصالح دونالد ترامب

وفي نهاية عام 2016، ومع قرب انتهاء فترة حكمه في البيت الأبيض، قرر الرئيس باراك أوباما طرد 35 من الدبلوماسيين الروس في السفارة الروسية بواشنطن والقنصلية الروسية في سان فرانسيسكو، بتهمة التدخل لصالح دونالد ترامب في الانتخابات التي فاز بها الأخير على حساب المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون. حينها قرر بوتين عدم الرد بطرد دبلوماسيين على أمل تحسن العلاقات في عهد ترامب.

وبلغ التوتر في العلاقات الروسية الأميركية نقطة غير مسبوقة في إبريل/نيسان 2021، حين تبادل الطرفان طرد عشرة دبلوماسيين بعد اتهامات أميركية لروسيا بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الأميركية نوفمبر/تشرين الثاني 2020 وتنفيذ هجمات سيبرانية. وغادر سفيرا البلدين مكان عملهما وعاد كل منهما إلى عاصمته، لكنهما استأنفا عملهما بعد قمة بوتين وبايدن في يونيو/حزيران 2021.

المساهمون