في وقت أعلنت فيه السلطات الإيرانية بدء التحقيقات بشأن عملية اغتيال العقيد حسن صياد خدايي، أمس الأحد في طهران، متوعدة بالرد عليها مع اتهامها غير المباشر إسرائيل بالوقوف وراء الحادث، أعادت العملية إلى الأذهان اغتيالات سابقة تعرضت لها شخصيات إيرانية داخل البلد، فضلا عن انتشار أحاديث وتساؤلات في الأوساط الإيرانية حول وجود اختراقات أمنية في البلاد تسهّل تنفيذ هذه الاغتيالات.
لكن اغتيال القائد السابق لـ"فيلق القدس" الجنرال قاسم سليماني يبقى أهم وأبرز عملية اغتيال لشخصية إيرانية بعد الثورة الإسلامية عام 1979، مع الفارق أنها وقعت خارج البلاد في بغداد يوم الثالث من يناير/كانون الثاني 2020، كما أن الجهة المنفذة كانت واضحة ومعروفة وهي الولايات المتحدة الأميركية، التي تبنى رئيسها السابق دونالد ترامب عملية الاغتيال.
أما بقية الاغتيالات فقد وقعت داخل إيران، ولم تتبنَّها أي جهة، إلا أن الترجيحات والاتهامات الإيرانية تذهب باتجاه إسرائيل.
اليوم الإثنين، أكد المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية، أبو الفضل شكارجي، أن التحقيقات جارية لبحث مختلف أبعاد اغتيال العقيد في "الحرس الثوري" حسن صياد خدايي وملابساته، مضيفا، وفق ما أورده التلفزيون الإيراني، أن نتيجة التحقيقات ستعلن لاحقا، متهما إسرائيل والولايات المتحدة بـ"الوقوف وراء هذه الأعمال الإرهابية في العالم".
وتابع أن "الاغتيال ليس نجاحا لأعداء الثورة الإسلامية، وإنما هزيمة لهم"، على حد تعبيره.
من جهته، قال المتحدث باسم "الحرس الثوري الإيراني"، العميد رمضان شريف، إن الجهات المنفذة لاغتيال صياد خدايي "ستدفع ثمن عملها الإجرامي"، مؤكدا أن الاغتيال "سيزيد من عزم وإرادة الحرس في الدفاع عن أمن البلاد واستقلالها ومصالحها الوطنية ومواجهة أعدائها، وخاصة الكيان الأميركي الإرهابي والكيان الصهيوني المزور والمؤقت".
وأضاف شريف، وفق ما أوردته وكالة "سباه نيوز" التابعة للحرس، أن "العدو لن يحقق شيئا من خلال ارتكابه هذه الأعمال الإجرامية". فيما أكد أمين مجلس أمن الدولة، مجيد مير أحمدي، أن اغتيال خدايي كان "حتما من قبل الكيان الصهيوني"، متوعدا "المجرمين بتلقي صفعة صعبة من إيران"، حسب أقواله التي نقلتها وكالة "إرنا" الإيرانية الرسمية.
واليوم الإثنين، وقبيل توجهه إلى مسقط، علق الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، في مطار طهران، على اغتيال صياد خدايي، واصفا إياه بـ"الجريمة"، ومتهما قوى "الاستكبار" بالوقوف وراءها. وتوعد بالثأر لمقتل خدايي الذي أكد الحرس أنه قاتل في سورية وكان من "المدافعين عن الحرم".
وكان العقيد بالحرس الثوري الإيراني حسن صياد خدايي قد اغتيل أمس الأحد، في طهران، من قبل شخصين يستقلان دراجة نارية أطلقا خمس رصاصات تجاهه وهو أمام منزله. وقالت وسائل الإعلام الإيرانية إن خدايي كان في سيارته عندما أطلقت عليه النار، وقد أصيب برصاصات في الرأس واليد.
وصف "الحرس الثوري الإيراني"، في بيان، عملية الاغتيال بأنها "إجراء إرهابي معاد للثورة نفذه عناصر مرتبطون بالاستكبار العالمي"، مؤكدا أن "الإجراءات اللازمة مستمرة للوصول إلى المهاجم أو المهاجمين والقبض عليهم".
سلسلة اغتيالات طاولت قادة وعلماء إيرانيين
اغتيال العقيد الإيراني ليس عملية الاغتيال الوحيدة داخل إيران، حيث سبق أن وقعت عدة عمليات اغتيال لكبار العلماء النوويين الإيرانيين، لكن الاغتيال الأخير هو عملية الاغتيال الوحيدة الواضحة لشخصية عسكرية إيرانية في البلد.
وقتل، في 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، أبو البرنامج الصاروخي الإيراني العميد حسن طهراني مقدم، في انفجار داخل موقع عسكري على بعد 50 كيلومترا من غرب العاصمة طهران. وقالت السلطات الإيرانية، حينها، إن الانفجار وقع خلال نقل العتاد العسكري وإجراء تجربة صاروخية، لكن الكاتب الإسرائيلي رونين بيرغمن وجه أصابع الاتهام لـ"الموساد" الإسرائيلي، وذلك في كتابه الصادر عام 2018 بعنوان "أسرع واقتله".
وقبل اغتيال صياد خدايي، اغتيل في إيران كبير العلماء النوويين الإيرانيين محسن فخري زادة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020. وكان اغتيال فخري زادة الأبرز بين العلماء النوويين الإيرانيين والخامس من بين العلماء الذين اغتيلوا بعد بدء موجة عمليات اغتيال العلماء النوويين الإيرانيين عام 2010، أثناء المفاوضات النووية التي كانت تخوضها إيران مع المجموعة الدولية، المؤدية إلى الاتفاق النووي المبرم مع طهران يوم 14 يوليو/تموز 2015.
ووجهت إيران أصابع الاتهام للاحتلال الإسرائيلي، وأعلنت عن اعتقال "جواسيس وعملاء"، فيما أعدمت عناصر قالت إنهم مرتبطون بهذه الاغتيالات.
أما العالم الإيراني مسعود علي محمدي، أستاذ الفيزياء بجامعة طهران، فقد اغتيل يوم 22 يناير/كانون الثاني 2010، أثناء خروجه من بيته عبر قنبلة فُجّرت عن بعد، شمالي طهران.
واغتيل العالم النووي الثاني وأستاذ الفيزياء بجامعة "الشهيد بهشتي" في طهران، مجيد شهرياري، يوم 29 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2010، بعدما ألصق راكب دراجة نارية قنبلة على سيارته في العاصمة طهران.
كما اغتيل العالم النووي الثالث داريوش رضائي نجاد يوم 23 يوليو/تموز 2011 بخمسة طلقات نارية أمام منزله في طهران. وكان رضائي نجاد طالب الدكتوراه في الهندسة الكهربائية في جامعة "خواجة نصير الدين الطوسي" الصناعية.
واغتيل العالم النووي الرابع مصطفى أحمدي روشن، أحد مدراء منشأة "نطنز" أكبر المنشآت النووية الإيرانية وأهمها في تخصيب اليورانيوم، يوم 11 يناير/ كانون الثاني 2012 برفقة أحد موظفي هيئة الطاقة الذرية الإيرانية، وذلك بعد خروجه من بيته. إذ قام راكب دراجة نارية بإلصاق قنبلة مغناطيسية بسيارته.