شهد العراق منذ مطلع العام الحالي أحداثاً مهمة على مختلف المستويات السياسية والأمنية والاجتماعية رافقها جدل سياسي واسع بشأن أهم حدثين هما الانتخابات المبكرة ونتائجها، واتفاق بغداد مع واشنطن على خروج القوات القتالية التابعة للتحالف الدولي نهاية العام الحالي.
وبدأ العراق عام 2021 بالتهيئة للانتخابات المبكرة التي طالبت بها الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في الربع الأخير من العام 2019، وجرى الاتفاق بين القوى السياسية والحكومة على إجرائها في السادس من يونيو/ حزيران، قبل أن يتم تأجيل الموعد لاحقاً حتى العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول.
زيارة تاريخية للبابا فرنسيس في مارس
وفي مارس/آذار، شهد العراق زيارة تاريخية للبابا فرنسيس شملت خمس محافظات عراقية، وحظيت الزيارة باهتمام سياسي وشعبي واسع.
وفي الشهر التالي صُدم العراقيون بخبر حريق واسع في مستشفى ابن الخطيب في بغداد تسبب بمقتل وإصابة العشرات حرقاً واختناقاً، وبعد ذلك بثلاثة أشهر نشب حريق كبير في مستشفى الناصرية جنوبي البلاد تسبب بمقتل أكثر من 90 شخصاً وإصابة عشرات آخرين.
وشهد يونيو/ حزيران الماضي حدثاً سياسياً مهماً تمثل بعقد قمة ثلاثية جمعت رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والعاهل الأردني عبد الله الثاني لتفعيل التنسيق المشترك بين بغداد والقاهرة وعمان. وفي الشهر اللاحق عقدت بغداد وواشنطن الجولة الرابعة للحوار الاستراتيجي بين البلدين والتي تمخض عنها اتفاق على خروج القوات الأجنبية القتالية من العراق قبل نهاية 2021.
وفي أغسطس/ آب، استضاف العراق قمة دول الجوار بحضور عدد من رؤساء وملوك وأمراء الدول العربية والإقليمية إلى جانب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والتي اعتبرت حدثاً مهماً لم يشهده العراق منذ تغيير النظام السياسي على يد الاحتلال الأميركي عام 2003.
الانتخابات المبكرة الأولى في أكتوبر
وفي العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول، شهد العراق الانتخابات المبكرة الأولى، والتجربة الانتخابية البرلمانية الخامسة بعد عام 2003، وأعقب تلك الانتخابات طعون وجدل واسع استمر أكثر من شهرين ونصف حتى حسمت المحكمة الاتحادية الجدل في السابع والعشرين من ديسمبر/ كانون الأول حين ردت جميع الطعون وصادقت على نتائج الانتخابات.
حدث آخر مهم شهده العراق في نوفمبر/ تشرين الثاني هو قيام جماعة مسلحة مجهولة باستهداف منزل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بطائرتين مسيرتين في محاولة اغتيال فاشلة ما زالت تداعياتها متواصلة لغاية الآن.
ويختتم عام 2021 سلسلة أحداثه بخروج القوات القتالية التابعة للتحالف الدولي في الحادي والثلاثين من ديسمبر/ كانون الأول بحسب اتفاق سابق بين بغداد وواشنطن.
عام 2021 كان حافلاً بالأحداث
وقال النائب السابق حامد المطلك إن عام 2021 شهد عددا من الأحداث الإيجابية التي تحسب لحكومة مصطفى الكاظمي مثل المساهمة في إخراج القوات الأجنبية، والانفتاح على المحيط العربي، مشيراً في حديث لـ"العربي الجديد" إلى وجود تقدم في عمل الحكومة الحالية، والتي تشكلت في مايو/ أيار 2020، وتنتهي مهامها بمجرد تشكيل حكومة جديدة.
واستدرك: "لدينا بعض الجوانب التي تجب معالجتها، وخصوصاً تلك المتعلقة بقدرة المواطن على الكلام أو الاحتجاج"، مؤكداً أن العام الحالي شهد استمرارا لبعض الظواهر السلبية مثل استشراء الفساد، وانتهاك القانون، وعدم وضع حل للمعتقلين والمغيبين.
ولفت إلى أن الجدل الذي شهدته البلاد بعد الانتخابات يعطي صورة سيئة لما حدث في العراق خلال 2021، مبيناً أن الخروج المرتقب للقوات الأجنبية نهاية العام يمثل سيفا ذا حدين، لأن الأوضاع الإقليمية قلقة وغير مستقرة.
وبشأن أهم أحداث عام 2021 والمتمثل بخروج القوات الأجنبية، قال القيادي في "الجبهة التركمانية العراقية"، أرشد الصالحي، إن "الأمر لا يتعلق فقط بالقوات الأجنبية، بل بالفرد العراقي الذي يجب أن يفضل الولاء للوطن على الولاءات الفرعية"، موضحا لـ"العربي الجديد"، أن عام 2021 شهد استمراراً لكثير من الأزمات وخصوصاً تلك المتعلقة بحاجات الشعب.
وتابع: "ما زلنا نرى محاضري الجامعات والمتعاقدين مع الوزارات يتظاهرون"، مؤكداً أن النظام السياسي العراقي بحاجة إلى عقد سياسي جديد.
وشدد على أهمية وضع استراتيجية لإدارة البلاد بدلاً من التكتيكات الوقتية التي اعتمدت خلال المرحلة الماضية، مضيفاً: "يجب أن تكون هناك خطط اقتصادية وتنموية تتطابق مع رؤية الكتل السياسية على المدى البعيد دون ذلك سيفشل العراق وستكون العواقب وخيمة".
وأكد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في أكثر من مناسبة أن حكومته تمكنت من تحقيق النجاح خلال عام 2021 في مختلف المجالات السياسية، والأمنية، والاقتصادية، والاجتماعية. غير أن تقريرا لمعهد السلام الأميركي صدر في وقت سابق، قال إن الكاظمي وعد بتلبية العديد من مطالب المحتجين، إلا أنه لم يحقق كثيراً من النتائج الملموسة، مضيفاً: "من غير الواقعي توقع تلبية أي حكومة للمطالب في غضون عام أو عامين فقط، ولا سيما أن التراكمات التي تواجهها الحكومة العراقية لا حصر لها".
استاذ العلوم السياسية حسان العيداني أكد أن عام 2021 كان حافلاً بالأحداث، موضحا لـ"العربي الجديد" أن الأحداث السياسية والأمنية كانت الأبرز.
ولفت إلى أن حكومة الكاظمي نجحت في ملفات سياسية وأمنية مهمة مثل إجراء الانتخابات واستقبال قادة دول المنطقة والعالم في بغداد، وتحقيق انفتاح غير مسبوق على المستويات العربية والإقليمية والدولية، مستدركاً: "إلا أن الحكومة فشلت في التعامل مع ملفات أخرى أبرزها استمرار انتشار ظاهرة السلاح المنفلت الذي لا يزال بيد قوى غير منضبطة كثيراً ما استخدمته في تهديد أو الضغط على الدولة ومؤسساتها".