"يديعوت أحرونوت": الجيش الإسرائيلي يواصل التمييز في انتقاء جنود وحدات النخبة والسايبر

08 ديسمبر 2021
يعتمد جيش الاحتلال سياسة تفضيل أبناء الطبقات الميسورة (جاك غويز/فرانس برس)
+ الخط -

قال تقرير نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" إنّ الجيش الإسرائيلي يواصل سياسات التمييز عند تجنيد الشبان الإسرائيليين للخدمة العسكرية الإلزامية، من خلال تفضيل أبناء الطبقات الميسورة وبالأساس من أصول غربية أشكنازية للخدمة في وحدات النخبة العسكرية، سواء أكانت وحدات شعبة الاستخبارات، أم وحدات السايبر التكنولوجية، التي تضمن لخريجها مستقبلاً اقتصادياً واعداً، واندماجاً في سوق العمل في قطاع السايبر والتكنولوجيا المتطورة.

وبيّن التقرير الذي نشر اليوم الأربعاء، أنّ الجيش، على الرغم من تعهده في العام الماضي، عندما فُضح إقصاء الشرقيين ومن يسكنون في أطراف الدولة عن وحدة النخبة للحرب السيبرانية 8200، بتغيير سياسة التجنيد، إلا أنه يتبين من معطيات حصلت عليها الصحيفة أنّ 76% من الذين جُنِّدوا لدورات التدريب العسكري "تلبيوت"، وهو أفضل مسار للتدريب التكنولوجي في الجيش، جاؤوا من مدن وسط إسرائيل، وما يُعرف بغوش دان، الذي يضم أهم المدن الإسرائيلية من تل أبيب وهرتسليا التي تسكنها الطبقات الميسورة.

وأضاف التقرير أنّ الجيش ادعى أنّ 26% من المجنّدين لهذا المسار يأتون من أطراف الدولة، لكن يتضح أنّ هؤلاء في الواقع من أبناء القرى التعاونية الزراعية "موشافيم" و"كيبوتسات"، التي يقطنها بالأساس اليهود من أصول أوروبية أشكنازية، ممن هاجروا إلى فلسطين قبل النكبة، بينما ظلت بلدات الأطراف والمستوطنات التي أقيمت بعد النكبة في سنوات الستينيات لاستيعاب المهاجرين الشرقيين من الدول العربية والإسلامية، خارج معطيات التجنيد لوحدات نخبوية وخاصة.

وقال التقرير إنّ المؤسسة الأمنية في إسرائيل تطلق على مسار التدريب التكنولوجي "تلبيوت"، وصف "المورد القومي لدولة إسرائيل"، وهو برنامج مُعدّ خصيصاً لتجنيد الشبان والشابات النجباء والأذكياء على نحو خاص، لمنظومات وبرامج البحث وتطوير الأسلحة والوسائل القتالية، حيث يُقبل سنوياً 70 مرشحاً فقط، يترك كثر منهم المسار لطوله، إذ يمتد على مدى تسع سنوات، ويشمل الدراسة الأكاديمية في علوم الفيزياء والحاسوب والرياضيات.

فجوة كبيرة في فرص الالتحاق بوحدة النخبة للحرب السيبرانية

ولفتت الصحيفة إلى التحقيق الذي نشرته العام الماضي حول التجنيد للخدمة 8200، الذي كشف عن الفجوة الكبيرة في فرص التحاق المتجندين بهذه الوحدة، تبعاً لمكان سكنهم الجغرافي (البلدات العريقة والمستوطنات الأولى يقطنها أساساً اليهود الغربيون، بينما يقطن الشرقيون في بلدات على الأطراف في النقب وأقصى الشمال). وبيّن التقرير النسبة العالية لليهود من أصول غربية في هذه الوحدات، بما يفوق نسبتهم في مجمل السكان.

واستذكرت الصحيفة أن الجيش تعهد بتغيير امتحانات القبول والتصنيف للخدمة العسكرية، ليس فقط في الوحدة المذكورة، ولكن أيضاً في وحدات أخرى ومسارات تدريب عسكري في الوحدات التكنولوجية وفي وحدات شعبة الاستخبارات، وأيضاً في برنامج "تلبيوت" المذكور أعلاه.

وأشار التقرير إلى أنه على الرغم من ادعاء الجيش أنّ 24% من الملتحقين بمسار التدريب "تلبيوت" جاؤوا من بلدات في الأطراف، إلا أنّ فحصاً أجرته الصحيفة أظهر أنّ هؤلاء جاؤوا من "الكيبوتسات" والبلدات التعاونية المصنّفة بأنها من البلدات الغنية، التي بمقدور الأهالي فيها ضمان دورات تعليم مكثفة وغالية الثمن لضمان نجاحهم في اجتياز امتحانات التصنيف العلمية للوحدات النخبوية، مثل بلدة لاهافيم، التي تُصنَّف من حيث مستوى المعيشة والرخاء الاقتصادية في سلّم من عشر درجات بأنها تحصل على التقييم الأعلى 10، وكذلك الحال في بلدات مثل زخرون يعقوف، ومستوطنات مرج بن عامر.

تراجع الإقبال على الوحدات التقليدية

ونشرت الصحف الإسرائيلية في السنوات الأخيرة تقارير عدة عن ميول الشبان الإسرائيليين، واهتمامه بضمان الالتحاق بالوحدات التكنولوجية، ولا سيما الوحدة 8200، مقابل تراجع الإقبال على الخدمة العسكرية في الوحدات التقليدية حتى مثل وحدات "غولاني" و"جفعاتي".

ونقلت الصحيفة عن مصدر في الجيش الإسرائيلي قوله إنّ الجيش يبذل ويخصص جهوداً لتجنيد شبان من البلدات البعيدة والبلدات الضعيفة اقتصادياً، عبر الاتصال بمديري برامج التعليم للمتفوقين في هذه البلدات، وبإجراء امتحانات تمهيدية.

في المقابل، قال البروفيسور إيرز تسفريا للصحيفة، إنّ النتائج التي يعرضها الجيش في هذا المجال إشكالية، لأنه يمكن طرح نتائج حسب توزيع جغرافي فقط، وتجاهل ما أسماه "بلدات الأطراف الاجتماعية". وأوضح أن المعطيات الموجودة اليوم "تدل على أنّ الطريق للمساواة في الفرص للحصول على الوظائف المطلوبة أكثر من غيرها، لا تزال طويلة، فلا يزال الجيش يفضّل الحصول على مرشحين من بلدات المركز، أبناء عائلات غنية وميسورة، استثمرت في تعليم أبنائها منذ المراحل الأولية، لتسليحهم بخبرات يحتاجها الجيش في وحدات النخبة".

ويلفت التقرير إلى أنّ شعبة الاستخبارات التي تعتمد على من يعرفون اللغة العربية وثقافتها، قررت لأول مرة هذا العام، فتح مركز للاختبارات الأولية لسكان بلدات الجنوب والأطراف (حيث تسكن نسبة عالية من يهود الدول العربية)، في بئر السبع، وأخرى في حيفا وطبريا (حيث يوجد في البلدات القريبة منها تركيز كبير لليهود من أصول شرقية أيضاً، بدلاً من جلب أبناء هذه البلدات البعيدة إلى تل أبيب).

وقال مسؤول في الجيش للصحيفة، إنه بهذه الطريقة أُجريت اختبارات ودورات لنحو 2000 مرشح جديد، موضحاً أنّ 90% من عمليات التصنيف الأولي باتت تجري عبر الإنترنت، ما أسهم في إتاحة المجال أمام أبناء البلدات البعيدة عن المركز للمشاركة فيها، ورفع قدراتهم.

ولفت التقرير أيضاً إلى أنّ الجيش أدرك حاجته السريعة والملحّة لرفع نسبة المجندين من الأطراف الاجتماعية والاقتصادية، وليس فقط الجغرافية، فزاد من هدف رفع عدد الملتحقين في برنامج التدريب والتصنيف المعروف باسم "عتيديم"، وتعني الجنود المستقبليين، لتصل نسبة المجندين من هؤلاء إلى 30%.

مع ذلك، أشار التقرير إلى أنه من أصل 67 جولة قام بها مسؤولو الجيش في مدارس ثانوية لعرض برامج وخطط التدريب العسكري بعد الدراسة الأكاديمية، وتشجيع هذا المسار فقط، فقد جرت 8 جولات منها في مدارس بالبلدات والمستوطنات البعيدة عن المركز، مع إشارة التقرير إلى أنّ 30 بلدة إسرائيلية من الأطراف الجغرافية والاقتصادية الاجتماعية انضمت إلى هذا المشروع، ما يعني أنّ تحقيق هدف الوصول إلى 30% لا يزال بعيداً.

وتعكس نتائج التقرير، وما أبرزه الجيش في سعيه لوضع خطوات وبرامج لزيادة الوصول إلى الوحدات النخبوية، قلقاً في جيش الاحتلال من تراجع الثقة بسياسات قادته والمؤسسة الأمنية، وهو ما انعكس في نتائج الاستطلاع الذي نشره المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، في 23 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وبيّن أنه للمرة الأولى منذ إقامة دولة الاحتلال، تجاوزت نسبة مؤيدي الانتقال بالجيش إلى جيش مهني، وبالتالي وقف التجنيد الإلزامي، نسبة المؤيدين لبقاء نمط التجنيد الحالي، واعتماد الجيش على التجنيد الإلزامي تحقيقاً لشعار "جيش الشعب".

وبيّن الاستطلاع المذكور أنّ نسبة من أيّدوا الانتقال إلى نمط الجيش المهني، بلغ 46.8%، مقابل 42.3% أيّدوا الإبقاء على نمطه الحالي. كذلك إنّ 31.8% من الذين شملهم الاستطلاع قالوا إنهم يثقون بسياسة الصرف المالية لدى قيادة الجيش ووزارة الأمن.

المساهمون