"ولاية سيناء" يموّل ميزانيته من فدية المختطفين المصريين

14 سبتمبر 2021
لم يتمكن الجيش من تحرير أي مختطف (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

اتجه تنظيم "ولاية سيناء"، الموالي لتنظيم "داعش"، أخيراً، إلى أسلوب جديد لتمويل ميزانيته، في ظلّ الظروف المالية السيئة التي تعصف بالتنظيم الأم، وذلك من خلال اختطاف رجال أعمال وأصحاب مصالح في شمال سيناء وطلب فدية من عوائلهم مقابل الإفراج عنهم، بحجة تعاونهم مع الجيش المصري والدخول في مشاريع معه تعود عليهم بأموال طائلة. هذا ما أكده أحد المفرج عنهم أخيراً، مضيفاً أن التنظيم يعتبر أنه لا بد من أن يُدفع جزءٌ من هذه الأموال لصالحه، ليتمكن المختطف من العودة إلى منزله وعمله مجدداً. ويستغل "ولاية سيناء" عدم تحرير الأمن المصري لأي مختطف في المحافظة لدى التنظيم على مدار سنوات الصراع منذ عام 2013.

يتهم "ولاية سيناء" المختطفين بالتعاون مع الجيش المصري، ويريد تحصيل جزء من أموالهم

وأفاد أحد المفرج عنهم بعد اختطافه من قبل تنظيم "داعش"، لـ"العربي الجديد"، بأنه اختطف قبل أكثر من شهر على يد مسلحين من التنظيم أثناء وجوده في أحد أملاكه بشمال سيناء، وتواصلوا عبر الهاتف الذي يحمله مع عائلته، ليطلبوا منها مبلغ مليون جنيه (حوالي 64 ألف دولار)، حتى يفرجوا عنه فوراً. والتهمة الوحيدة الموجهة من قبل التنظيم للمختطف هي العمل في مشاريع تابعة للجيش المصري وللهيئة الهندسية في القوات المسلحة، وبالتالي فإن ذلك "يعد تربحاً غير جائز"، من وجهة نظر "ولاية سيناء"، ولا بد من "تكفير الذنب" بتسليم جزء من المال المجني من مشاريع الجيش لصالح التنظيم. وبعد مداولات عدة على مدار فترة الاحتجاز، تمّ خفض المبلغ إلى النصف تقريباً، وجرى الاتفاق على الاستلام والتسليم، وتم فعلياً تنفيذ الاتفاق وإنهاء الاحتجاز، من دون أي تدخل للجهات الأمنية والحكومية في المحافظة.

تقارير عربية
التحديثات الحية

وروى المواطن أنه كان مضطراً لدفع المبلغ المالي لإنهاء احتجازه لدى التنظيم في ظلّ مرور أكثر من شهر على اختطافه، دون أن يلمس أي اهتمام من الجهات ذات العلاقة، وخشية تعرض حياته للخطر على يد التنظيم، أو على يد الجيش عن طريق الخطأ في حال تعرض المكان للقصف الجوي أو المدفعي أو خلال اشتباكات. وأشار إلى أن مكان احتجازه ضمّ عدداً من المواطنين المصريين الآخرين، الذين يعملون في مشاريع للجيش، سواء من العمال أو المهندسين أو أرباب العمل، حيث يطالب مسؤولون في التنظيم جميع المختطفين بضرورة دفع مبالغ مالية مقابل الإفراج عنهم. وفي حال عدم الدفع، يهددونهم باستمرار الاختطاف حتى إشعار آخر، قد ينتهي بالقتل أو الإعاقة، مستشهداً بمصير العشرات من المواطنين الذين جرى اختطافهم على يد التنظيم خلال السنوات الماضية.

وكان مصدر حكومي مسؤول في مدينة العريش قد أشار في وقت سابق، متحدثاً لـ"العربي الجديد"، إلى أن السنوات الماضية شهدت تسجيل مئات حالات الاختطاف لمواطنين على يد "ولاية سيناء". وأضاف المصدر أن مصير هؤلاء تراوح بين الإفراج عنهم أو قتلهم بعد فترة زمنية، إلا أن مصير العشرات منهم لا يزال مجهولاً، إذ إن بعض المواطنين اختُطفوا منذ أربع سنوات، من دون توفر أي معلومة عنهم حتى هذه اللحظة.

يفشل الجيش في تحرير المختطفين وهو لا يستطيع منع عوائلهم من دفع الفدية

وتعليقاً على ذلك، اعتبر باحث في شؤون سيناء أنه من الواضح تأثر الفرع المحلي لتنظيم "داعش" في مصر بالأزمة المالية والقيادية التي تعصف بالتنظيم الأم في سورية والعراق، حيث يعيش التنظيم في سيناء ظروفاً قاسية، ما انعكس سلباً على نشاطه العسكري والأمني في شمال سيناء خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وأدى في بعض المراحل لتسليم عناصر من التنظيم أنفسهم لقوات الأمن، كان آخرهم خلال الأسبوع الحالي. وكان أحد "القضاة الشرعيين" في التنظيم قد سلّم نفسه أخيراً لاتحاد قبائل سيناء، لضمان حياة أسرته في ظلّ الحصار الذي يضربه الجيش على مناطق وجود التنظيم في الظهير الصحراوي لمدن شمال سيناء، رفح والشيخ زويد والعريش وبئر العبد، وصولاً إلى مناطق وسط سيناء، وبالتالي فإن التنظيم يحتاج إلى المال من الداخل، ليغطي العجز الناجم عن عدم وصول الدعم المالي من الخارج، بحسب الباحث.

وأضاف الباحث، الذي رفض الكشف عن هويته لوجوده في سيناء، أن مسألة طلب المال من عوائل المختطفين حصلت بشكل فعلي مع بعض حالات الاختطاف التي تمّت لرجال أعمال وأصحاب مصالح في شمال سيناء خلال الآونة الأخيرة، وجرى فعلاً تسليم التنظيم الإرهابي مبالغ مالية كبيرة مقابل الإفراج عنهم، فيما لا يزال مصير عدد آخر مجهولاً في ظل عدم قدرة عوائلهم على تسديد المبالغ المالية المطلوبة. وقال الباحث إن الأمن المصري يقف متفرجاً على هذه الحوادث المتكررة، في ظل عدم قدرته على تحرير المختطفين من جهة، وعدم قدرته من جهة أخرى على منع العوائل من تلبية أوامر التنظيم بتحويل المبالغ المالية، في ظلّ حاجتها لذلك من أجل الإفراج عن أبنائها وإخراجهم من دائرة الخطر والمصير المجهول قبل فوات الأوان. ويدرك أهالي سيناء أن التنظيم لا يخلف وعده في حال قرّر إعدام مختطفين، أو الإفراج عنهم.


 

المساهمون