"مواطنون ضد الانقلاب" تحشد لمسيرة الأحد لـ"تحرير" المجلس الأعلى للقضاء في تونس

12 فبراير 2022
احتجاجات رافضة لاستهداف قيس سعيّد للمجلس الأعلى للقضاء (جديدي وسيم/ Getty)
+ الخط -

يحشد حراك "مواطنون ضد الانقلاب" وحركة "النهضة" للخروج في تظاهرات غداً الأحد، احتجاجاً على إعلان الرئيس التونسي قيس سعيّد حلّ المجلس الأعلى للقضاء، واستبداله بآخر، ليتصدر "تحرير المجلس من سطوة الانقلاب"، شعار مطالب المتظاهرين.

ودفع إعلان سعيّد حلّ المجلس الأعلى للقضاء بالقوة بواسطة مرسوم (لم يصدر رسمياً حتى اليوم) وتشكيل لجنة مؤقتة لتعويضه، مختلف المكوّنات إلى الاحتجاج والتظاهر إسناداً للقضاة المضربين والغاضبين، ودفاعاً عن استقلالية القضاء ومبدأ التفريق بين السلطات، وحمايةً للمسار الديمقراطي.

وقال القيادي في تنفيذية حراك "مواطنون ضد الانقلاب"، زهير إسماعيل، في تصريح لـ"العربي الجديد"، اليوم السبت، عن المسيرة التي أُجِّلَت الأسبوع الماضي: "كنا نعتزم التحرك يوم 6 فبراير/ شباط بغاية الدفاع عن استقلالية القضاء والمجلس الأعلى للقضاء المستهدف، والتشديد على معرفة الحقيقة في ملفّ الاغتيالين السياسيين، اللذين كانا استهدافاً لمسار بناء الديمقراطية في 2013، فضلاً عن حق عائلتي الشهيدين (شكري بلعيد ومحمد البراهمي) في معرفة الحقيقة".

وأوضح إسماعيل، قائلاً: ''أُجِّل تحركنا إلى يوم 13 فبراير حرصاً منا على أن يكون الشارع الديمقراطي، ونحن جزء منه، في مواجهة الانقلاب فقط كي لا يقع تزييف عنوان المعركة التي يجب تركيزها في مواجهة الانقلاب واستعادة مؤسسات الدولة المختطفة".

وتابع قائلاً: "مواطنون ضدّ الانقلاب مبادرة مواطنية دشّنت مواجهة الانقلاب والدفاع عن الدستور والديمقراطية، وقد نجحت في رسم حقيقة المواجهة، وهي مواجهة بين الانقلاب والشارع الديمقراطي، رغم محاولات الانقلاب وأذرعه المليشياوية من بقايا النظام القديم لجعلها مواجهة على الهوية تلعب على تأجيج رواسب الاستقطاب الأيديولوجي وادعاء تصحيح المسار".

وبيّن أنه "في هذا السياق يتضح سعي الانقلاب للربط بين استهداف السلطة القضائية وحقيقة الاغتيال، بربطه بجهة سياسية ومنع القضاء المستقل من أن يقول كلمته فيها، خاصة أنّ أحكاماً قضائية قد صدرت في هذا الملف، ويتواصل التحقيق في مستجداتها عند الدوائر القضائية المختصة".

وقال إسماعيل: "إذا عرفنا السياق الذي تتنزّل فيه الدعوة إلى حلّ المجلس الأعلى للقضاء، تبيّنا خطورة هذا القرار على الديمقراطيّة ومسارها، فاستهداف المجلس الأعلى للقضاء يمثّل خطوة منتظرة في مسار قيس سعيّد الانقلابي منذ 25 يوليو/تموز 2021".

وأضاف: "اعتمد سعيّد المنهجية نفسها في هدم مؤسسات الدولة بغاية الاستحواذ على السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، ووضعها جميعاً في يده، ويعتمد في استهدافه للمؤسسات ترذيلها واتهام القائمين عليها بالفساد ونزوعهم إلى التنكيل بالشعب التونسي ثم المرور إلى تجميدها أو حلها"، موضحاً أنّ الرئيس التونسي "لم ينتهج طرق الانقلابات التقليدية بأن يلغي الوضع القائم، حيث اعتمد هذا في تجميد البرلمان، المؤسسة الأصلية، وفي حلّ الحكومة. ويمرّ إلى اعتماده في استهداف المجلس الأعلى للقضاء".

الحكم المطلق

وتابع إسماعيل: "سعيّد ألغى الدستور الذي أقسم أمام مجلس نواب الشعب على احترامه يوم توليه منصب رئاسة الجمهورية، وإن كان ما زال ينكر إبطال دستور الثورة اتّقاءً لردّ فعل شركاء تونس والمجتمع الدولي".

وأضاف: "بالأمر 117 الرئاسي بتاريخ 22 سبتمبر/ أيلول 2021 يكون سعيّد قد شطب دستور 2014 وجعل من هذا الأمر الذي يمنحه كل السلطات باتجاه حكم الفرد المطلق الدكتاتوري أعلى من الدستور، وهو بهذا الانقلاب الشامل يكرّس لقضاء التعليمات الذي ساد في عهد الرئيسين السابقين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي، وهو ما يجعل من رئيس الجمهورية النيابة العمومية ودائرة التحقيق وغرفة القضاء".

وحذر من أنّ "تعيين مجلس أعلى للقضاء منصّب مكان المجلس الأعلى للقضاء المنتخب يعني امتلاك الأداة القضائية للتنكيل بالخصوم، وخاصة القوى السياسية التي تمثل شروطاً فعلية لتواصل المسار الديمقراطي والبناء الدستوري والتجربة الديمقراطية".

وقال المتحدث ذاته إنّ خطابات الرئيس التونسي "التي لم تخل من السب والشيطنة والتكفير تعطي صورة هنا لما يمكن أن تعرفه البلاد من مرحلة استبداد مفزعة إذا تسنّى لسعيّد تنفيذ برنامجه في الاستحواذ على كل السلطات وإلغاء كل مؤسسات الدولة الديمقراطية".

وفي سياق متصل، عبّرت كتلة حركة "النهضة"، في بيان لها، أمس الجمعة، عن "رفضها لما أقدم عليه رئيس الجمهوريّة من إعلان حلّه للمجلس الأعلى للقضاء والسعي الخطير للسيطرة على هذا المرفق الحيوي للبلاد وضرب استقلاليته وبنائه الدستوري، وأعلنت مساندتها التامّة لكل النضالات التي أعلنها السادة القضاة". ودعت إلى الاحتجاج تجاوباً مع دعوة "مواطنون ضد الانقلاب".

تحركات احتجاجية أخرى

يذكر أن العاصمة تونس شهدت بالتوازي، تحركات احتجاجية أخرى، حيث نظمت هيئة الدفاع عن القياديين اليساريين الراحلين، شكري بلعيد ومحمد البراهمي، وقفة احتجاجية بالقرب من منزل رئيس حركة "النهضة" راشد الغنوشي، موجهة إليه العديد من الاتهامات، وقال المنظمون للوقفة إنهم سيحتجون أيضا أمام مقر الحزب وفي الجهات.

وكانت حركة "النهضة" أكدت أمس أنها توجهت بمراسلات رسمية إلى كل "من رئاسة الجمهورية ووزارة الداخلية ووزارة الدفاع قصد تحميلهم مسؤولياتهم القانونية في حماية الأستاذ راشد الغنوشي وعائلته ومناصري الحركة ومقراتها".

وجاء ذلك في بيان للحركة "على خلفية ما ورد في الندوة الصحفية الخاصة بهيئة الدفاع عن الشهيد شكري بلعيد التي انعقدت يوم الأربعاء، من تحريض ضد رئيس الحزب ورئيس مجلس نواب الشعب، الأستاذ راشد الخريجي الغنوشي، بالدعوة إلى التوجه إلى بيته بمنتزه النحلي والمقر المركزي للحزب الكائن بمونبليزير، في خطاب يهدد سلامة رئيس الحزب وعائلته وكل المتواجدين بمنزله وبمقرات الحزب". وقالت "النهضة" إنها "تأخذ هذه التهديدات والدعوات إلى العنف والاقتتال بشكل جدّي".

من جهته، نظم أنصار "الحزب الدستوري الحر" وقفة احتجاجية أمام مقر وزارة تكنولوجيات الاتصال رفضا للاستشارة الإلكترونية التي دعا إليها سعيّد وستفضي إلى "استفتاء شعبي" في 25 تموز/ يوليو المقبل يتم بمقتضاه إجراء تعديلات دستورية.

ووصفت رئيسة الحزب، عبير موسي، الاستشارة، بـ"عملية تزوير تاريخية، وعملية سطو على إرادة الشعب التونسي".

وقالت إنها "تعكس التوجه الأحادي للرئيس، بلا رؤية أو استراتيجية واضحة، في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد".

وأعلنت موسي أن حزبها سيرفع قضية ضد الوزارة، بعد طلب نفاذ للمعلومة تقدم به الحزب من أجل التعرف على السند القانوني وهوية الأشخاص الذين كلفوا بإعداد الأسئلة الواردة ضمن هذه الاستشارة.

المساهمون