في محاولة لاحتواء حالة الغضب الواسع في الشارع المصري جراء تعديلات قانون الشهر العقاري، التي تلزم المواطنين بتسجيل وحداتهم السكنية بمبالغ ضخمة لإشهار العقارات، أعلن حزب "مستقبل وطن" الموالي لسلطة الرئيس عبد الفتاح السيسي، الجمعة، اعتزام هيئته في مجلس النواب التقدم بتعديلات على التشريعات المرتبطة بالتسجيل والقيد في الشهر العقاري، مستهدفة تسهيل إجراءات تسجيل العقارات، والحفاظ على حق الدولة في استكمال منظومة الشهر العقاري.
ودشّن مغردون وسم "#مش_هنسجل_ياسيسي"، الذي تصدر قائمة الأكثر تداولاً على موقع "تويتر" في مصر، للدعوة إلى عدم التسجيل في مصلحة الشهر العقاري، في وقت قال فيه حزب "مستقبل وطن" إنه "تابع بمزيدٍ من الاهتمام ردود الأفعال الواسعة، والجدل المُثار على مواقع التواصل الاجتماعي، بشأن تسجيل العقارات والقيد بالشهر العقاري، ما دفعه إلى محاولة تمثيل صوت الشعب، والسعي صوب تحقيق آماله وطموحاته".
وأضاف الحزب، في بيان، أن "قرار التقدم بتعديلات على قانون الشهر العقاري جاء تماشياً مع سياسة رئيس الجمهورية إزاء التخفيف عن كاهل المواطنين، والعمل لصالحهم، وتحديث المنظومة التشريعية بما يتوافق مع خطة التنمية"، على حدّ زعمه.
بدوره، أعلن عضو مجلس النواب المحسوب على المعارضة ضياء الدين داود انتهاءه من إعداد مشروع قانون بتعديل المادة رقم (35 مكرراً) من قانون تنظيم الشهر العقاري، والتي تحول دون نقل المرافق والخدمات من كهرباء ومياه وغاز طبيعي، إلا بعد أن يقدم صاحب الشأن سنداً يحمل رقم الشهر أو القيد، وذلك بالتعاون مع فريق من الخبراء والمتخصصين في الشهر العقاري.
وأشار داوود إلى أن التعديل يقضي بحذف الفقرة الثالثة المتعلقة بالمرافق، لا سيما في ظل التشابكات والمنازعات بين الدولة ممثلة في وزارة الأوقاف، والأملاك العامة والملكيات الخاصة للأفراد، بحيث يكون سند الطلب حكماً نهائياً، ومختصماً فيه المالك الأصلي، وغير مبني على الإقرار بأصل الحق، أو التسليم للمدعى بطلباته، أو الموثقة صلحاً بين الخصوم، واشتراط شهر الصحيفة.
كذلك تطرّق التعديل إلى قواعد النشر ومدة الاعتراض، ومدها من شهر واحد إلى ثلاثة أشهر، مشيراً إلى اعتزامه التقدم بالمشروع إلى رئيس مجلس النواب، حنفي جبالي، بعد غدٍ الأحد، بعد استيفاء الاشتراطات الشكلية بتوقيع عُشر عدد أعضاء المجلس، متمنياً أن يلقى قبولاً ودعماً لدى الأحزاب والقوى السياسية المختلفة داخل البرلمان.
ولا يقتصر تعامل نظام السيسي مع تعديلات قانون الشهر العقاري التي تدخل حيز التطبيق في 6 مارس/ آذار المقبل على تعظيم موارد الدولة والشق الاقتصادي البحت، بل أدى التعامل الدعائي الصاخب من قبل أجهزة النظام، ووسائله الإعلامية، إلى تخويف المواطنين من عدم الالتزام بالتعديلات، وتجاهل تسجيل العقارات، وصولاً إلى أزمة شعبية لم تعد مكتومة، وتصاعد دخانها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وتعيد هذه الأزمة إلى الأذهان الغضب الشعبي الذي تصاعد العام الماضي بسبب حملة إزالة المخالفات العقارية، خصوصاً في المناطق الريفية، والدفع بقوات الجيش لتنفيذها، ما أثار اضطراباً مجتمعياً واسع المدى بلغ ذروته في تظاهرات سبتمبر/ أيلول الماضي، في عدد من ضواحي القاهرة وقرى الجيزة ومحافظات الصعيد.