أعلن النائب البرلماني المستقل أوميت أوزداغ، وهو ينتمي للتيار القومي المتطرف، قبل يومين، عن تأسيسه حزب "النصر"، متخذاً من خطاب الكراهية ضد اللاجئين السوريين والمهاجرين غير النظاميين شعارات لحزبه.
واستقال أوميت أوزداغ من الحزب الجيد المعارض قبل أشهر، رغم أنه من مؤسسيه، حيث تم طرده بداية عقب اتهامات وجهها لأحد قيادي الحزب بالانتماء لجماعة "الخدمة" المحظورة، لكن محكمة تركية أعادته للحزب، ليستقيل هو بإرادته، ويؤسس حزبه الجديد.
واختار أوزداغ، بحسب سلسلة تغريدات له، هذا التوقيت لإعلان تشكيل الحزب، بما يتناسب مع أسبوع النصر في تركيا، حيث يتم إحياء عيد النصر في البلاد في 30 أغسطس/ آب، وإحياء ذكرى معركة ملاذكرت التاريخية التي ساهمت بدخول الأتراك بشكل موسع للاستقرار بمنطقة الأناضول، وهي معركة انتصر فيها القائد السلجوقي ألب أرسلان على البيزنطيين في 26 أغسطس من عام 1071.
ويتخذ السياسي التركي المتطرف من خطابه ضد اللاجئين السوريين والمهاجرين غير النظاميين، وخاصة الأفغان، مادة دسمة في خطابه السياسي، وعبر البرامج الحوارية التي يشارك بها عبر الإعلام التركي.
وقال أوزداغ في حسابه الرسمي على تويتر "نريد إعادة البلاد للشعب، إذ انتزع مستقبل الشباب من يديهم، وسرقت المليارات من الخزينة، وأحرقت الغابات لتحقيق النفوذ، وتحولت حدود البلاد إلى خانات لعبور الجميع (المهاجرين)، الدولة التي تحولت لشركة عائلية، الدولة التي احتلها اللاجئون".
كذلك نشر أوزداغ عبر الحساب في "فيسبوك" صوراً لتقديمه، أمس، لوزارة الداخلية، الطلب الرسمي لتشكيل حزبه الجديد، على أن يعقد في وقت لاحق مؤتمراً يعلن فيه برنامج الحزب وأعضاءه المؤسسين.
وعقب تقديمه الطلب، قال أوزداغ "قدمنا أوراقنا بشكل رسمي لوزارة الداخلية وتم التدقيق، بها وسيتم أخذ الأوراق الرسمية اللازمة، وكان تأسيس الحزب في مرحلة امتدت منذ أشهر، متخذة من الانتصارات القومية محطات لها وتم التجول في عموم تركيا ولقاء جميع المكونات والطوائف، وستتم زيارة مناطق أخرى، وتم استغلال مناسبة النصر في ملاذكرت وبدء الدفاع الكبير عن تركيا للإعلان عن الحزب".
ويتصاعد الخطاب العنصري ضد اللاجئين السوريين والمهاجرين غير النظاميين من قبل الأحزاب السياسية، وخاصة أحزاب المعارضة، وتجد فيها مادة للضرب بحزب "العدالة والتنمية" الحاكم، ويعتبر ملف اللاجئين السوريين واحداً من الأسباب التي أدت إلى تراجع أصوات حزب "العدالة والتنمية" في الانتخابات المحلية السابقة في عام 2019، وفي استطلاعات الرأي الأخيرة.
الخطاب العنصري
وتعقيباً على تشكيل الحزب والمخاوف التي يترتب عليها، قال السياسي التركي محمد جيرن المقرب من الأوساط القومية، لـ"العربي الجديد"، "صحيح أن هناك خطاباً قومياً متصاعداً في البلاد، وتظهر استطلاعات الرأي تزايد مؤيدي الأحزاب القومية، وخاصة حزبي الحركة القومية والحزب الجيد، إلا أن استغلال هذا الخطاب العنصري في تأسيس الحزب ينم عن خطورة تتجاوز أبعاد المنافسة السياسية".
وأضاف "أوزداغ شخصية سياسية لها وزنها في تركيا، ومع فشل المعارضة في الحصول على تأييد الناخبين، بدأت الأحزاب والشخصيات المعارضة باللجوء إلى طرق أخرى، مستغلة الأوضاع الاقتصادية لضرب الحكومة من هذا الباب وربطه مع اللاجئين، ورغم الاعتراضات القائمة على الحكومة في سياسات قبول اللاجئين والممارسات الحكومية في الاقتصاد، إلا أن الزج بموضوع اللاجئين السوريين والمهاجرين الأفغان ستكون له تداعيات خطيرة على صعيد المستقبل".
وعن هذه المخاطر، أوضح أن "تركيا تضم نحو 4 ملايين سوري، وقرابة مليون لاجئ من دول أخرى، وأبناء هؤلاء اندمجوا نوعاً ما في المجتمع، بخلاف العوائل التي قد تجد صعوبة في ذلك، وهذا الانتماء ربما يؤدي إلى اضطرابات في شخصيات الأولاد ما بين تعلقهم بأصلهم وإنكارهم لها في ظل تصاعد الخطاب ضد اللاجئين، واستمرار تأثيره بالمجتمع".
وأردف "الخطورة تكمن في أن تأثيرات الخطاب تستمر بعد انتهاء المعركة الانتخابية تماماً كما يحصل حالياً، حيث وعد رئيس بلدية إسطنبول عن المعارضة أكرم إمام أوغلو بحل أزمة السوريين في إسطنبول خلال الانتخابات، وهو ما لم يكن قادراً على فعل شيء حياله بعد فوزه، ولكن تأثيرات دعواته خلال مرحلة الانتخابات استمرت على الشعب وما زالت تثير تلك الدعوات والتضليل الإعلامي حفيظة الشارع التركي".
من جهته، قال الصحافي يوسف سعيد أوغلو، لـ"العربي الجديد"، إنه "من المؤسف ألا تجد شريحة من السياسيين في تركيا ميداناً للمنافسة السياسية مع بقية الأحزاب وخاصة الأحزاب الحاكمة سوى ملف اللاجئين من أجل الضرب عبر هذه الملف الإنساني الذي يجب أن يكون فوق السياسة".
ورأى "من الطبيعي أن تكون هناك ميادين أخرى لدى أوزداغ للتطرق لها كالاقتصاد والحريات والحقوق، لكنه يكثف حديثه عن السوريين، وسبق أن صور مشاهد ما زالت منشورة عبر حسابه تظهره تطرفه".
وأكد أن "هذا الخطاب الخطير يترك انطباعاً لدى الشارع التركي بسبب الأوضاع الاقتصادية ونقص الشفافية الحكومية في هذا الملف، ما أدى إلى تصاعد الخطاب المعادي للأجانب، وخاصة السوريين، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وكانت أحداث أنقرة الأخيرة انعكاساً لخطورة هذا الخطاب".