"العدالة الانتقالية" في تونس: وقت المصالحة انتهى وحان وقت المحاسبة

25 مارس 2021
العدالة الانتقالية تنظر في قضايا تورط فيها نظام زين العابدين بن علي (فرانس برس)
+ الخط -

نظرت الدائرة المتخصصة في العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية في تونس، اليوم الخميس، في عدد من القضايا المتعلقة بانتهاكات شملت سجناء سياسيين ومنتمين لحركة الاتجاه الإسلامي، كما نظرت في قضايا تورط فيها نظام زين العابدين بن علي وعدد من قياداته الأمنية، مشددة على أنّ "وقت المصالحة انتهى وحان وقت محاسبة الجلادين".

وتعلقت القضية الأولى بالسجين السياسي، رشاد جعيدان، والتي شملت انتهاكات تورط فيها الرئيس المخلوع الراحل زين العابدين بن علي، ومدير الأمن الرئاسي السابق عز الدين جنيح، ومسؤولون أمنيون سابقون وأعوان سجون، ووجهت إليهم تهمة التعذيب والإيقاف التعسفي واحتجاز شخص بدون إذن قانوني والعنف والتهديد وانتهاك الحق في المحاكمة العادلة.

وأوقف رشاد جعيدان في 29 يوليو/ تموز 1993 إثر عودته من فرنسا لحضور حفل زفاف شقيقته، وتمّ نقله إلى وزارة الداخلية أين تم تعذيبه والتنكيل به.

وقال السجين السياسي، رشاد جعيدان، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ جلسة اليوم تغيب فيها المتهمون من نظام بن علي، وبرغم المراسلات العديدة، إلا أن المنسوب إليهم الانتهاك يرفضون الحضور ومواجهة الضحايا، مؤكداً أنّ المحكمة "يبدو أنها في اتجاه اتخاذ إجراءات ضد هؤلاء قد تشمل تجميد أموالهم بحسب قانون العدالة الانتقالية".

وأكد أنّ "هؤلاء فوتوا فرصة هامة للمصالحة وكشف الحقيقة، وحفظ الذاكرة، وبالتالي سيتم المرور مباشرة إلى المحاسبة، فقد انتهى وقت المصالحة، ولن يتم التهاون في استرداد الحقوق، وهم متمسكون بالعدالة وبمحاسبة الجلادين"، مشيراً إلى أنّ منظومة بن علي "تواصل التعنت وتتجاهل حقوق الضحايا، ولكن هذا لن يعفيهم من المساءلة ونيل جزائهم عما اقترفوه من جرائم".

وتابع جعيدان أنّ "من تعرّض للسجن وعُذب ونُكل به لا يمكن أن ينسى التجربة التي مر بها، فالماضي يلاحقه إلى غاية اليوم، وآثار التعذيب الجسدي لا تزال موجودة وما قد ينسيه ولو قليلاً من الآلام هو إيقاف مرتكبي الانتهاكات ومحاسبتهم"، مؤكداً أنه "لا يمكن التملص من الأدوار التي مارسوها وتزييف الحقائق وتعذيب المساجين". وشدد على أنه لن يتنازل عن حقه ولن يسامح جلاديه.

ونظرت المحكمة، اليوم الخميس، في قضية القيادي في حركة "النهضة"،مبروك الزرن، الذي قُتل تحت التعذيب في سجن "9 أفريل" على خلفية انتمائه لحركة "النهضة"، إذ تم قطع ساقه وتعذيبه إلى أن توفي داخل السجن. واعتُقل الزرن في عدة مناسبات لقضايا مختلفة، ولكن بدون خروج من السجن لأنه توفي هناك بعد أن ساءت حالته الصحية وتعفنت ساقه داخل السجن وتم قطعها.

وأفادت ابنته، سميرة الزرن، التي قدمت شهادتها في جلسة، اليوم، بأنّ مطلب العائلة الأساسي هو محاسبة الجلادين ولا سيما من قتلوا والدها داخل السجن، مبينة أنّ والدها كان مصاباً في ساقه، ولم يتلق أي علاج رغم عديد الأمراض التي كان يعاني منها.

ولفتت، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ اعتقال والدها تم دون قضية، و"سجنه كان سريعاً بعد أن سئم بوليس بن علي من مراقبته، وبالتالي كان الحل الأنسب للنظام الزج به في السجن". 

وأوضحت الزرن أنّ والدها كان مطلوباً لدى نظام بن علي خاصة، وأنه رغم فراره في مناسبات عديدة، إلا أنه وفي إحدى الزيارات لأسرته تم اعتقاله وسجنه، مشيرة إلى أن العائلة نالها من التعذيب والتنكيل الكثير في فترة التسعينيات.

المساهمون