التحقت منطقة حوض اليرموك في الريف الغربي لمحافظة درعا في جنوبي سورية بالتسوية مع النظام السوري، بعد أقل من شهر على فرض هذه التسوية من قبل الجانب الروسي على المدن والبلدات في المحافظة الخارجة عملياً عن سلطة قوات النظام، ما مهّد الطريق أمام عودة العلاقات على مستويات عدة بين النظام والجانب الأردني. وفي هذا الإطار، دخلت وحدات من قوات النظام وأجهزته الأمنية، أول من أمس الأحد، ناحية الشجرة في منطقة حوض اليرموك، وبدأت عملية تسوية أوضاع مقاتلين سابقين في فصائل المعارضة السورية في المنطقة، وأوضاع منشقين عن قوات النظام من أبناء الناحية وقرى وبلدات تابعة لها، تتضمن تسليم السلاح الفردي والمتوسط. وقال الناشط الإعلامي في "تجمع أحرار حوران" يوسف المصلح، لـ"العربي الجديد"، إن بلدات وقرى حوض اليرموك، باستثناء بلدة تسيل، دخلت التسوية مع النظام، وأبرزها: الشجرة، حيط، جملة، سحم الجولان، نافعة، جلين وعين ذكر.
بدأت قوات النظام تسوية أوضاع مقاتلين سابقين في فصائل المعارضة في ناحية الشجرة بحوض اليرموك
وبيّن المصلح أن أهمية حوض اليرموك في ريف درعا الغربي تنبع من كونها منطقة متاخمة للحدود السورية مع الأردن وللأراضي الفلسطينية المحتلة، مشيراً إلى أن المنطقة شهدت خلال الآونة الأخيرة عمليات استهداف لآليات تابعة لقوات النظام، ما أدى إلى مقتل عدد كبير من عناصر هذه القوات. من جهته، لفت الصحافي السوري إبراهيم العواد (وهو من أبناء درعا)، إلى أن منطقة حوض اليرموك "خزّان مائي مهم في جنوبي سورية، حيث تضم العديد من السدود، أبرزها سد الوحدة". وأشار العواد، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "حوض اليرموك منطقة زراعية خصبة تضم 11 بلدة وقرية، أكبرها الشجرة، ويقطنها نحو 200 ألف شخص". أما صحيفة "الوطن" التابعة للنظام، فقالت إن وحدات من قواته انتشرت في قرى حيط وجلين والمزيرعة وسحم الجولان في حوض اليرموك بعد انتهاء عمليتي تسوية واستلام السلاح في تلك القرى.
وكانت بلدات وقرى عدة في ريف درعا الغربي قد أجرت خلال شهر سبتمبر/ أيلول الحالي تسويات مع قوات النظام تحت إشراف روسي، وهي: تل شهاب وقرى في محيطها، المزيريب، اليادودة، وطفس. وكانت قوات النظام وفصائل محلية قد طردت فصيل "جيش خالد"، الذي كان تابعاً لتنظيم "داعش"، من المنطقة في منتصف عام 2018، بعد معارك واشتباكات بين الطرفين انتهت بـ"صفقة" مع التنظيم لم تكشف تفاصيلها، ولكن مصادر مطلعة أكدت في حينه أنها تضمنت توفير ممر آمن لمن بقي من عناصر التنظيم إلى البادية السورية.
ومن الواضح أن خريطة الحل التي وضعها ضباط روس لتجنب التصعيد العسكري في جنوب سورية تسير كما هو مرسوم لها، حيث دخلت قوات النظام السوري منذ مطلع الشهر الحالي إلى أغلب بلدات وقرى ريف درعا الغربي. وبدأت التسوية في منطقة درعا البلد، ما أنهى حصاراً خانقاً فرضه النظام على أحياء درعا البلد استمر لنحو 70 يوماً، وأثّر على آلاف المدنيين. في المقابل، فرض الروس على النظام الحد من انتشار الحواجز العسكرية في مدينة درعا ومحيطها، وتسهيل حركة الأهالي بين المدن والبلدات، وسحب مليشيات ووحدات تابعة له من مدينة درعا. وبالفعل، فقد انسحبت هذه المليشيات من أكثر الحواجز قسوة وفتكاً ضد المدنيين في المدينة، وهو ما كان يُدعى بـ"حاجز حميدة الطاهر" في حي السحاري بمدينة درعا. ووفق ناشطين محليين، يعتبر حاجز حميدة الطاهر، والذي أقيم في حديقة تحمل الاسم ذاته، الأول الذي تم إنشاؤه في مدينة درعا، حيث تمركزت قوات النظام فيه في أواخر نيسان/ إبريل 2011، وبقيت فيه حتى يوم الخميس الماضي. وذكرت شبكة "نبأ" المحلية للأنباء أن الحاجز المذكور "كان مصدر رعب للأهالي لوجود معتقل سري بداخله في حديقة حميدة الطاهر، قضى فيه العشرات بإعدام ميداني، فضلاً عن أنه كان أحد مصادر قصف الأحياء السكنية بقذائف الهاون التي حصدت أرواح المئات من المدنيين".
كما أجبر الروس الفرقة الرابعة التابعة لقوات النظام، والتي يقودها ماهر الأسد، على الانسحاب من مواقع عدة في مدينة درعا وريفها الغربي، وانحصر وجودها في ضواحي المدينة الغربية، وفق مصادر محلية أشارت إلى أن خريطة الحل الروسية أفشلت محاولة هذه الفرقة الموالية لإيران السيطرة على مدينة درعا والانتشار على الحدود السورية - الأردنية. وكانت الفرقة الرابعة تدفع باتجاه عدم الاتفاق في درعا لتنفيذ عملية انتشار في المدينة وريفها لتعزيز النفوذ الإيراني في عموم الجنوب السوري، ولكن الوقائع تشير إلى حصول تفاهم روسي أردني للحيلولة دون ذلك. وفي هذا الصدد، رأى عضو هيئة التفاوض التابعة للمعارضة السورية إبراهيم جباوي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الجهود الروسية التي منعت اقتحام المليشيات لدرعا، خيبت آمال إيران في المنطقة".
شهدت المنطقة خلال الآونة الأخيرة استهدافات لآليات قوات النظام، ما أدى إلى سقوط قتلى من عناصره
وعلى صعيد متصل، أعلن وزير الداخلية الأردني مازن الفرايه، أمس الإثنين، إعادة فتح الحدود الأردنية - السورية (معبر جابر - نصيب)، اعتباراً من صباح يوم غد الأربعاء، ووفق مصفوفة الإجراءات الفنية واللوجستية الخاصة بإعادة فتح هذا المعبر أمام حركة الشحن والمسافرين. وقالت وزارة الداخلية الأردنية، في بيان، إن القرار يأتي لغايات "تنشيط الحركة التجارية والسياحية بين البلدين الشقيقين، مع مراعاة الإجراءات الأمنية والصحية المطلوبة، وهو الأمر الذي جاء بتوجيهات من رئيس الوزراء بشر الخصاونة خلال زيارته لمركز حدود جابر، في الثامن من يوليو/ تموز الماضي".
ويأتي قرار فتح المعبر الرئيسي بين سورية والأردن متسقاً مع محاولات أردنية للتطبيع مع النظام السوري الذي يعاني من عزلة عربية وإقليمية ودولية منذ أواخر 2011. وتشهد العاصمة الأردنية عمّان مباحثات وزارية موسعة بين الجانبين الأردني والسوري، يشارك فيها 12 وزيراً يمثلون وزارات الاقتصاد والتجارة والصناعة والنقل والزراعة والطاقة والمياه، بهدف بلورة تفاهمات لتعزيز التعاون الاقتصادي في مختلف المجالات. وكان وزير الدفاع في حكومة النظام السوري، العماد علي أيوب، قد زار الأردن في 19 سبتمبر الحالي، وذلك للمرة الأولى منذ سنوات، حيث عقد اجتماعاً مع رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأردنية، اللواء يوسف الحنيطي، طغى عليه الجانب الأمني على ضوء التطورات التي حدثت في محافظة درعا مع بدء تطبيق اتفاقات التسوية، وتلاشي المخاوف من عمليات عسكرية واسعة النطاق في جنوب سورية.