08 نوفمبر 2024
كارلوس غصن وعامر الفاخوري وصورة لبنان
اهتزت صورة "لبنان المقاوم"، في 4 سبتمبر/ أيلول الماضي، مع السماح للعميل الإسرائيلي، عامر الفاخوري، بالدخول إلى الأراضي اللبنانية. وتتعزَّز، هذه الأيام، صورة لبنان الذي يحمي الفساد مع وصول الرئيس السابق لشركة نيسان، اللبناني كارلوس غصن، إلى لبنان، فارّاً من اليابان. وإذ من المفترض حين وصول الاثنين أن يودعا السجن، إلا أن مظاهر الحفاوة رافقتهما منذ لحظة الدخول إلى مطار بيروت، وحتى وصولهما إلى مكاني إقامتيهما. وتحصل هذه الأمور في وقتٍ يُعتَقل نشطاء من الحراك المدني المعارض للسلطة اللبنانية التي يتهمونها بالفساد وبنهب أموالهم.
إذا كان القضاء اللبناني، أو مجتمع أهل السلطة، يتغاضى عن دخول العميل الفاخوري إلى أراضي البلاد، لأنه لا يملك أي شعور بالحرج تجاه مواطنيه، فإن هذا المجتمع لا يمكنه فعل ذلك أمام القضاء الدولي. وسيكون القضاء اللبناني مُلزماً بتنفيذ أوامر دولية بالقبض على متهمٍ بالفساد، في بلدٍ يستجدي القروض من الجهات المانحة التي أصبحت، في الفترة الأخيرة، أقل حماساً في الإقراض بسبب متلازمة الفساد في لبنان. ومرة أخرى، ستُظهر حادثة غصن طَواعِيَة السلطة اللبنانية تجاه الخارج، وتأسُّدها على مواطنيها، إن سلمته. أما إذا امتنعت عن تسليمه فتتكرَّس صورتها سلطةً فاسدةً، تحمي المشتبه بفسادهم، وملاذاً يلوذ به الفاسدون الدوليون، وتلك معضلتها التي ستزيد من قتامة صورة لبنان لدى الخارج.
وكان مستغربا عدم تحرّك القضاء اللبناني أو النيابة العامة اللبنانية لتوقيف الفاخوري، إلا بعدما انتشرت أنباء دخوله لبنان بين الناس، وبعد غضبٍ شعبيٍّ تجلّى بتحرّكاتٍ واعتصاماتٍ شعبيةٍ
واسعةٍ في الجنوب، على أرض معتقل الخيام، وفي بيروت. واستغرب الجميع كيفية دخول الفاخوري، وهو الذي عُرِف بـ "جزّار الخيام" حين كان القائد العسكري لهذا المعتقل السيئ الصيت، لأنه مارس عمليات القتل والتعذيب بحق مقاومين لبنانيين قاوموا إسرائيل ودحروا جيشها، سنة 1982.
ولم يشترك جمهور حزب الله في الاحتجاجات على دخول الفاخوري الأراضي اللبنانية، ولا الاعتصامات المطالبة بمحاكمته، وهم الذين أخذوا على عاتقهم مقاومة إسرائيل من دون غيرهم، وهو ما يؤثر على صورة "لبنان المقاوم" التي يسعون إلى إبرازها. فقد لوحظ أن جل المحتجّين يساريون كانوا أعضاء سابقين أو مناصرين لجبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، والتي أطلقتها الأحزاب اليسارية من أجل تحرير بيروت التي احتلها الجيش الإسرائيلي سنة 1982. وعمد هذا الجيش إلى زج أسرى هذه الجهة، أو الأسرى اللبنانيين والفلسطينيين عموماً، في معتقلَي أنصار والخيام. في تلك الفترة، عيَّن المحتلون الإسرائيليون عامر الفاخوري، الذي كان عضوا في جيش العميل أنطوان لحد المتعامل مع إسرائيل، عيَّنوه قائداً عسكرياً لمعتقل الخيام، فمارس التعذيب والقتل العمد بحق المعتقلين أكثر من عشر سنوات.
وفي حين دخل الفاخوري بجواز سفره الأميركي الذي حصل عليه بعد حصوله على الجنسية الأميركية، وهو الحاصل قبلها على الجنسية الإسرائيلية، فإن غصن ربما دخل من دون جواز سفرٍ، وهو ما يعد خرقاً للقواعد والإجراءات المتبعة في المطارات وعلى الحدود. وهي قضيةٌ يثار اللغط حولها؛ إذ قالت السلطات اللبنانية أنه دخل بطريقةٍ شرعيةٍ بجواز سفرٍ فرنسي وبطاقة هوية شخصية لبنانية. بينما تقول المعلومات إنه لا يملك جواز سفر يخوله عبور الحدود والمطارات، كون جوازات سفره الثلاثة، اللبناني والبرازيلي والفرنسي، بحوزة محاميه في اليابان، ومُنِع من الحصول عليها، لأنه كان تحت الإقامة الجبرية. وهو ما يثير الريبة بالإجراءات في مطار بيروت، وتجاوزها لصالح مرور هذا الشخص، أي بطريقة غير شرعية.
وينسحب هذا الأمر على عامر الفاخوري الذي كانت توجد بحقه مذكّرة توقيف قضائية، بتهم التعامل مع العدو الإسرائيلي وممارسة عمليات القتل والتعذيب بحق أسرى لبنانيين، علاوة على جريمة حمله الجنسية الإسرائيلية التي لا تسقط مع مرور الزمن، حسب القضاء اللبناني. ولوحِظَ تعليق مذكِّرة التوقيف الصادرة بحقِّه، وبحقِّ آخرين من أمثاله من العملاء، قيل إن عددهم وصل إلى 230. كما أُزيل اسمه من لوائح ترقُّب الوصول في المطارات وعلى الحدود، ما مكَّنه من دخول الأراضي اللبنانية، والتجوُّل بكل حرية فيها، إلى أن وصلت أخباره إلى معتقلي الخيام السابقين، وبدأ تحرّكهم لمقاضاته والمطالبة بإعدامه فأُوقِف. وهذه فضيحة يُدان عليها القضاء اللبناني وأركان السلطة، والذين يُعد حزب الله جزءاً منهم، بينما المفترض أن يكون هو المخوَّل بمتابعة ملفّات الفاخوري وأمثاله، بسبب تبنِّيه (الحزب) مقاومة إسرائيل وإعلانه الانتماء إلى "محور المقاومة والممانعة".
ولا يبدو أن كثيرين يُدركون خطورة عودة العدد الذي جرى الحديث عنه من العملاء، وهو 230 عميلاً، ذكرت صحيفة لبنانية أنهم دخلوا بجوازات سفر أميركية، خلال النصف الثاني من العام
الماضي، وتوزَّعوا على الأراضي اللبنانية. ولا يبدو أن الخطر الذي يشكلونه قليل، وهم الذين أسدوا خدماتٍ كثيرةً لجيش الاحتلال والأجهزة الأمنية الإسرائيلية، ولا يمكن الجزم أن علاقتهم مع تلك الأجهزة قد قُطعت. وربما يكونون خلايا نائمة، يمكن أن يستخدمهم الإسرائيليون لتنفيذ خطط لا تكلّ القيادات الإسرائيلية ولا تمل من تنفيذها في الدول العربية.
ومن المتوقع أن تتفاعل قضية غصن، وأن يبدأ التحقيق الواسع مع كل المتورّطين فيها؛ في اليابان حيث مقر حبسه، وفي تركيا حيث حطّت طائرته الآتية من اليابان، ومعه هو في بيروت بناءً على مذكرة دولية أصدرتها الشرطة اليابانية للقبض عليه. ولأن أطرافاً دولية دخلت على الخط فستحوز القضية اهتمام الجميع. بينما المتوقع أن تخبو قضية عملاء العدو الذين دخلوا الأراضي اللبنانية، لأن من يثيرون قضيتهم ليسوا سوى ضحاياهم السابقين، مهيضي الجناح الذي لا يمثلهم أحد في السلطة. وهكذا ستهتز صورة "لبنان المقاوم" والمتسامح مع العملاء في الوقت عينه، على الأقل في نظر جمهور المقاومة، ويتعزّز ما لحق بسمعة سلطته؛ فاسدةً وحامية للفساد وملاذ الهاربين المتهمين باقترافه.
وكان مستغربا عدم تحرّك القضاء اللبناني أو النيابة العامة اللبنانية لتوقيف الفاخوري، إلا بعدما انتشرت أنباء دخوله لبنان بين الناس، وبعد غضبٍ شعبيٍّ تجلّى بتحرّكاتٍ واعتصاماتٍ شعبيةٍ
ولم يشترك جمهور حزب الله في الاحتجاجات على دخول الفاخوري الأراضي اللبنانية، ولا الاعتصامات المطالبة بمحاكمته، وهم الذين أخذوا على عاتقهم مقاومة إسرائيل من دون غيرهم، وهو ما يؤثر على صورة "لبنان المقاوم" التي يسعون إلى إبرازها. فقد لوحظ أن جل المحتجّين يساريون كانوا أعضاء سابقين أو مناصرين لجبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، والتي أطلقتها الأحزاب اليسارية من أجل تحرير بيروت التي احتلها الجيش الإسرائيلي سنة 1982. وعمد هذا الجيش إلى زج أسرى هذه الجهة، أو الأسرى اللبنانيين والفلسطينيين عموماً، في معتقلَي أنصار والخيام. في تلك الفترة، عيَّن المحتلون الإسرائيليون عامر الفاخوري، الذي كان عضوا في جيش العميل أنطوان لحد المتعامل مع إسرائيل، عيَّنوه قائداً عسكرياً لمعتقل الخيام، فمارس التعذيب والقتل العمد بحق المعتقلين أكثر من عشر سنوات.
وفي حين دخل الفاخوري بجواز سفره الأميركي الذي حصل عليه بعد حصوله على الجنسية الأميركية، وهو الحاصل قبلها على الجنسية الإسرائيلية، فإن غصن ربما دخل من دون جواز سفرٍ، وهو ما يعد خرقاً للقواعد والإجراءات المتبعة في المطارات وعلى الحدود. وهي قضيةٌ يثار اللغط حولها؛ إذ قالت السلطات اللبنانية أنه دخل بطريقةٍ شرعيةٍ بجواز سفرٍ فرنسي وبطاقة هوية شخصية لبنانية. بينما تقول المعلومات إنه لا يملك جواز سفر يخوله عبور الحدود والمطارات، كون جوازات سفره الثلاثة، اللبناني والبرازيلي والفرنسي، بحوزة محاميه في اليابان، ومُنِع من الحصول عليها، لأنه كان تحت الإقامة الجبرية. وهو ما يثير الريبة بالإجراءات في مطار بيروت، وتجاوزها لصالح مرور هذا الشخص، أي بطريقة غير شرعية.
وينسحب هذا الأمر على عامر الفاخوري الذي كانت توجد بحقه مذكّرة توقيف قضائية، بتهم التعامل مع العدو الإسرائيلي وممارسة عمليات القتل والتعذيب بحق أسرى لبنانيين، علاوة على جريمة حمله الجنسية الإسرائيلية التي لا تسقط مع مرور الزمن، حسب القضاء اللبناني. ولوحِظَ تعليق مذكِّرة التوقيف الصادرة بحقِّه، وبحقِّ آخرين من أمثاله من العملاء، قيل إن عددهم وصل إلى 230. كما أُزيل اسمه من لوائح ترقُّب الوصول في المطارات وعلى الحدود، ما مكَّنه من دخول الأراضي اللبنانية، والتجوُّل بكل حرية فيها، إلى أن وصلت أخباره إلى معتقلي الخيام السابقين، وبدأ تحرّكهم لمقاضاته والمطالبة بإعدامه فأُوقِف. وهذه فضيحة يُدان عليها القضاء اللبناني وأركان السلطة، والذين يُعد حزب الله جزءاً منهم، بينما المفترض أن يكون هو المخوَّل بمتابعة ملفّات الفاخوري وأمثاله، بسبب تبنِّيه (الحزب) مقاومة إسرائيل وإعلانه الانتماء إلى "محور المقاومة والممانعة".
ولا يبدو أن كثيرين يُدركون خطورة عودة العدد الذي جرى الحديث عنه من العملاء، وهو 230 عميلاً، ذكرت صحيفة لبنانية أنهم دخلوا بجوازات سفر أميركية، خلال النصف الثاني من العام
ومن المتوقع أن تتفاعل قضية غصن، وأن يبدأ التحقيق الواسع مع كل المتورّطين فيها؛ في اليابان حيث مقر حبسه، وفي تركيا حيث حطّت طائرته الآتية من اليابان، ومعه هو في بيروت بناءً على مذكرة دولية أصدرتها الشرطة اليابانية للقبض عليه. ولأن أطرافاً دولية دخلت على الخط فستحوز القضية اهتمام الجميع. بينما المتوقع أن تخبو قضية عملاء العدو الذين دخلوا الأراضي اللبنانية، لأن من يثيرون قضيتهم ليسوا سوى ضحاياهم السابقين، مهيضي الجناح الذي لا يمثلهم أحد في السلطة. وهكذا ستهتز صورة "لبنان المقاوم" والمتسامح مع العملاء في الوقت عينه، على الأقل في نظر جمهور المقاومة، ويتعزّز ما لحق بسمعة سلطته؛ فاسدةً وحامية للفساد وملاذ الهاربين المتهمين باقترافه.