العراق ساحة حرب

01 يونيو 2019
+ الخط -
واهم كل من يعتقد أن أميركا راعية للسلام، وأن إيران تحاول إبعاد شبح الحرب عنها، وإنما هما قطبان يحاولان تقاسم ثروات منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي، عبر الهيمنة على مساحة أكبر في بعض الدول.
لدى أميركا أجندة خاصة بها، تعمل عليها، منذ عشرات السنين، للتقليل من استنزاف ثرواتها النفطية، والطاقة التي بدأت تنفد من العالم، حسب دراسات تعتمد عليها تلك الدول. أما إيران، فمرض الإمبراطورية ما زال عالقا في أذهان حكامها الذين يحاولون السيطرة على أكبر مساحة ممكنة، وافتعال الأزمات في مناطق تصبو إليها إيران.
التحركات العسكرية التي بدأت بها حكومة الولايات المتحدة الأميركية قبل أيام خير برهان على أن هناك عاصفة هوجاء قد تلحق الضرر بالعراق، خصوصا أنّ تحركا كبيرا في المنطقة يلعبه الساسة العراقيون للنأي بأنفسهم عن مخرجات تلك الحرب المؤكد أن العراق سيكون ساحتها، خصوصا، وأن لدى أميركا عدة قواعد عسكرية منتشرة في بعض المحافظات العراقية، ما دعا إلى تحركات غير طبيعية تترافق مع توعّد من أذرع إيران المسلحة المنتشرة في العراق أيضا، والتي هدّدت بضرب المصالح الأميركية، إذا ما أقدمت واشنطن على التعرّض لطهران.
من الواضح والجلي للعيان أن أكبر نفوذ لإيران في المنطقة يتمركز في العراق، عبر نشر قوات كبيرة من الباسيج والحرس الثوري الإيراني، ناهيك عن قوات الحشد الشعبي التي يديرها قادة عسكريون إيرانيون وعراقيون، يعرفون بولائهم لإيران.
يقول وزير الخارجية الإيراني، عبر وسائل إعلام محلية وأخرى عالمية، أن تعزيزات القوات الأميركية في منطقة الشرق الأوسط تهديد واضح، وقال المستشار العسكري الإيراني، مرتضى قرباني، عبر تصريح بحسب وكالة ميزان للأنباء، إن بمقدور إيران أن تدمر الأسطول الأميركي، بكل طاقمه، وتغرقه في مياه الخليج، باستخدام أسلحة وصفها بأنها سرّية.
كل تلك الأمور دفعت الحكومة العراقية إلى أن تلعب دور الوسيط، من خلال تقريب وجهات النظر لرأب الصدع وردم الهوة التي أخذت بالاتساع في الأيام القليلة الماضية، سيما أن العراق سيكون الخاسر الأكبر من هذه الحرب، إذا ما نشبت بين الطرفين، خصوصا إذا ما نفذ الطرفان تهديدهما، واتخذا من أرض العراق وشعبه وقوداً لحربٍ لا ناقة للعراقيين فيها ولا جمل، فنرى السياسيين العراقيين يذهبون يمنة تارة ويسرة تارة أخرى، مرة باتجاه إيران وأخرى باتجاه العربية السعودية، التي كان الساسة العراقيون على مدار 13 عاما يتهمونها بأنها الدولة الداعمة للإرهاب في المنطقة، وحملوا لها عداء يفوق التصور بوصفها راعية الشر في المنطقة.
لم تكن واشنطن في يوم ما صديقة للشعب العراقي، وإنما راعية لمصالحها، فهي تتقلب على هواها وكيفما تشاء، فحصارها الاقتصادي الظالم على العراقيين في أوائل تسعينيات القرن الماضي إبان اجتياح الجيش العراقي الكويت، كان له أثار سلبية كبيرة على الشعب العراقي، ما أدى إلى تدهور الوضع الاقتصادي بشكل عام، مع تفشي البطالة والحاجة بشكل لافتٍ على مدار سنين عديدة. فأميركا نفسها كانت المساند الأول للحكومة العراقية في أثناء حربها مع إيران التي دامت ثماني سنوات، خسر فيها العراق خيرة شبابه، ناهيك عن استنزاف الأموال الطائلة.
ومع هذا، يرى المستطلعون أن إيران لا زالت تنظر إلى العراق بعين العداء، وجعلته بين اختيارين، أسهلهما مر. لذا، على الشعب العراقي إما أن يكون تحت وصاية الإمبراطورية الفارسية، أو يبقى شبح القتل والحروب يخيم على أرجائه. وهذا ما يتناسب مع ما ترمي إليه الولايات المتحدة الأميركية، لكي تعزز من وجودها في المنطقة، ويكون لها الكلام الفصل في كل المحاور، ومتى شاءت، باعتبارها الدولة العظمى وصاحبة الوصاية على بعضهم في المنطقة.
إذاً لماذا كل هذا التصعيد بين الطرفين؟ ربما هو عداء شخصي بين رؤساء الدول أم هي لعبة الحرب الباردة بين الطرفين لغاية في نفس يعقوب؟ فهل من رشيد يبعد عنا شبح طبول الحرب التي باتت تطاردنا منذ عصور ولا تزال؟
D3F88CA3-6C5C-43B5-A92E-5CAB034CD51C
D3F88CA3-6C5C-43B5-A92E-5CAB034CD51C
عبد العزيز محمود (العراق)
عبد العزيز محمود (العراق)