22 أكتوبر 2024
الطرف الثالث يحكم العراق
منذ الأيام الأولى لتظاهرات العراق التشرينية، ومع أولى عمليات القمع والقتل التي جوبه بها المتظاهرون، ظهر مصطلح الطرف الثالث، في إشارة إلى الجهة التي تقف وراء عمليات قنص المتظاهرين وقتلهم، الطرف الذي تصرّ السلطة الحاكمة في بغداد على أنه مجهول الهوية، فيما يؤكد المتظاهرون والنشطاء وكل متابع منصف للوضع في العراق، أنه معلوم، ولم يعد سرّاً القول إنها المليشيات الولائية التي تدين بالولاء لإيران، وتحتكم بأمر قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني.
كانت ليلة الجمعة الماضية دموية بامتياز، فقد شهدت ساحات التظاهر في بغداد هجوم مليشيات مسلحة، تستقل سيارات رباعية الدفع، مزودة بأسلحة رشاشة وأسلحة بي كي سي، وارتكاب واحدة من أبشع المجازر التي شهدتها تظاهرات العراق، حيث قتلت تلك المجموعة المسلحة أكثر من 25 متظاهرا وجرحت عشرات، من دون أن تحرك السلطات الرسمية ساكنا، بل راحت تلقي السبب على المتظاهرين، وتتحدث عن مواجهاتٍ جرت بينهم تطوّرت إلى عمليات قتل. وشوهد عبر فيديوهات موثقة دخول سيارات تابعة للمليشيات ساحات التظاهر لارتكاب مجزرتها.
الطرف الثالث في العراق، والإشارة هنا بوضوح وبلا مواربة، إلى المليشيات المسلحة، هو الطرف الأقوى الذي لا تقوى مع قوته، الحكومة وبرلمانها ورئيسها على الإشارة إليه مباشرة، واتهامه بارتكاب مجزرة بغداد، ومن قبل مجازر النجف والناصرية وكربلاء والبصرة. هو الذي تدعمه إيران، وهو الذي يمتلك النفوذ والسيطرة على كل مؤسسات الدولة، بما فيها القوات المسلحة والقوات الأمنية التابعة لوزارة الداخلية، وهو الطرف الذي تعوّل عليه إيران لإنهاء التظاهرات، حتى لو كلف ذلك إزهاق مئات، وربما آلاف، المدنيين السلميين العراقيين.
اليوم؛ لا يمكن أن تحقق أي ثورة في العراق مكاسبها في وجود سلطة فوق سلطة الدولة، وفي
ظل وجود قوة وسلاح خارج سيطرة الدولة، بل مع وجود دولة أعلى من الدولة ذاتها، فما بالك إذا كانت السلطة والحكومة في العراق ما هي إلا تابع للمليشيات المسلحة؟ نعم استقال رئيس الوزراء، عادل عبد المهدي، غير أنها استقالة لا يمكن أن تداوي جرح شباب الساحات النازف، ولا تلبي لهم رغبة، فهي جاءت بضغط هذا الشارع وهذه التظاهرات، ولكنها لا تكفي، ولا يمكن أن تكون كافية، بعد أن سقط قرابة 450 متظاهراً بنيران سلطة الدولة وسلطة المليشيات، لا يمكن لهذه الاستقالة أن تكون كافية، بعد أن تحولت ساحات التظاهرات إلى برك دماء، وما تعرّض له المتظاهرون السلميون من عمليات خطفٍ واغتيال واعتقال وضرب بالسكاكين.
جرائم وإن كانت كافية لإخماد أي ثورة، إلا أنها، في الحالة العراقية، كانت حافزاً لمواصلة التظاهرات، وهو ما يمكن أن يمثل تحدّياً حقيقياً لسلطة المنطقة الخضراء ومليشياتها وسلطة القوى الخارجية المتحكّمة بها، فقد أثبت العراقيون أنهم خرجوا ولن يعودوا إلا قبل أن يحققوا أهدافهم، والتي باتت تتمثل بطرد كل رموز العملية السياسية وأحزابها، مهما كلف الثمن.
نعم قد يرى بعضهم أن مثل هذه المطالب غير ممكنة، ولا يمكن أن تتحقق، إلا أن من يشاهد ويتابع إصرار شباب الساحات يدرك جيداً أن لا شيء بعيد عليهم، وإن من نزف الدم لن يبخل بمزيد من الدم ليحقق أهدافه.
اليوم، وبعد سلسلة الجرائم التي ارتكبتها المليشيات المسلحة التي تنضوي تحت ما يعرف بالحشد الشعبي، لم يعد مقبولاً أن تبقى هذه المليشيات المنفلتة خارج سلطة القانون، بل إن أحد أهم مطالب الثورة العراقية اليوم هو محاكمة قادة هذه المليشيات على جرائمهم، ووضع سلاحهم تحت سيطرة حكومة عراقية منبثقة من رحم الثورة المتواصلة، بل وأكثر من ذلك، حل مؤسسة الحشد الشعبي بكل فصائلها، فإذا كان سبب تشكيل هذه المؤسسة شبه العسكرية هو محاربة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، فإن هذا التنظيم انتهى، أو على الأقل لم يعد ذا قيمة تُذكر، ومن ثم لا مبرّر لبقاء "الحشد الشعبي"، اللهم إلا إذا كان الغرض من بقائه مواصلة قمع المتظاهرين السلميين وقتلهم.
إيران التي تدعم "الحشد الشعبي" ستقف بقوة ضد أي محاولةٍ لحل هذه المليشيات، فهي تعوّل كثيراً عليه من أجل التصدي للمتظاهرين وقمعهم، ولكن لا يبدو أن الجرائم التي ترتكبها هذه المليشيات يمكن أن تمر في ظل هذا الجو العاصف الذي يضرب العراق ومدنه المنتفضة.
أثبت الطرف الثالث المعلوم، والذي يقوم بعمليات قمع المتظاهرين وقتلهم، أنه مرتزق، وأنه طرفٌ لا ينتمي للعراق، وأنه بات يمثل وجهاً آخر من وجوه التنظيمات العقائدية المتشدّدة، كحال "داعش" وغيره، فهو لا يؤمن بالوطن بقدر إيمانه بالولي الفقيه في إيران. ومن هنا، بات لزاما على الثوار في العراق أن يضعوا في مقدمة أولوياتهم ومطالبهم حل هذه المليشيات لقطع دابر التدخل الإيراني العنيف في العراق، خصوصا وأن طهران قد تسعى إلى إحداث فوضى عارمة في العراق، ردّا على المساعي الأميركية الرامية إلى تحجيم قوتها في العراق، والمنطقة عموماً.
الطرف الثالث في العراق، والإشارة هنا بوضوح وبلا مواربة، إلى المليشيات المسلحة، هو الطرف الأقوى الذي لا تقوى مع قوته، الحكومة وبرلمانها ورئيسها على الإشارة إليه مباشرة، واتهامه بارتكاب مجزرة بغداد، ومن قبل مجازر النجف والناصرية وكربلاء والبصرة. هو الذي تدعمه إيران، وهو الذي يمتلك النفوذ والسيطرة على كل مؤسسات الدولة، بما فيها القوات المسلحة والقوات الأمنية التابعة لوزارة الداخلية، وهو الطرف الذي تعوّل عليه إيران لإنهاء التظاهرات، حتى لو كلف ذلك إزهاق مئات، وربما آلاف، المدنيين السلميين العراقيين.
اليوم؛ لا يمكن أن تحقق أي ثورة في العراق مكاسبها في وجود سلطة فوق سلطة الدولة، وفي
جرائم وإن كانت كافية لإخماد أي ثورة، إلا أنها، في الحالة العراقية، كانت حافزاً لمواصلة التظاهرات، وهو ما يمكن أن يمثل تحدّياً حقيقياً لسلطة المنطقة الخضراء ومليشياتها وسلطة القوى الخارجية المتحكّمة بها، فقد أثبت العراقيون أنهم خرجوا ولن يعودوا إلا قبل أن يحققوا أهدافهم، والتي باتت تتمثل بطرد كل رموز العملية السياسية وأحزابها، مهما كلف الثمن.
نعم قد يرى بعضهم أن مثل هذه المطالب غير ممكنة، ولا يمكن أن تتحقق، إلا أن من يشاهد ويتابع إصرار شباب الساحات يدرك جيداً أن لا شيء بعيد عليهم، وإن من نزف الدم لن يبخل بمزيد من الدم ليحقق أهدافه.
اليوم، وبعد سلسلة الجرائم التي ارتكبتها المليشيات المسلحة التي تنضوي تحت ما يعرف بالحشد الشعبي، لم يعد مقبولاً أن تبقى هذه المليشيات المنفلتة خارج سلطة القانون، بل إن أحد أهم مطالب الثورة العراقية اليوم هو محاكمة قادة هذه المليشيات على جرائمهم، ووضع سلاحهم تحت سيطرة حكومة عراقية منبثقة من رحم الثورة المتواصلة، بل وأكثر من ذلك، حل مؤسسة الحشد الشعبي بكل فصائلها، فإذا كان سبب تشكيل هذه المؤسسة شبه العسكرية هو محاربة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، فإن هذا التنظيم انتهى، أو على الأقل لم يعد ذا قيمة تُذكر، ومن ثم لا مبرّر لبقاء "الحشد الشعبي"، اللهم إلا إذا كان الغرض من بقائه مواصلة قمع المتظاهرين السلميين وقتلهم.
إيران التي تدعم "الحشد الشعبي" ستقف بقوة ضد أي محاولةٍ لحل هذه المليشيات، فهي تعوّل كثيراً عليه من أجل التصدي للمتظاهرين وقمعهم، ولكن لا يبدو أن الجرائم التي ترتكبها هذه المليشيات يمكن أن تمر في ظل هذا الجو العاصف الذي يضرب العراق ومدنه المنتفضة.
أثبت الطرف الثالث المعلوم، والذي يقوم بعمليات قمع المتظاهرين وقتلهم، أنه مرتزق، وأنه طرفٌ لا ينتمي للعراق، وأنه بات يمثل وجهاً آخر من وجوه التنظيمات العقائدية المتشدّدة، كحال "داعش" وغيره، فهو لا يؤمن بالوطن بقدر إيمانه بالولي الفقيه في إيران. ومن هنا، بات لزاما على الثوار في العراق أن يضعوا في مقدمة أولوياتهم ومطالبهم حل هذه المليشيات لقطع دابر التدخل الإيراني العنيف في العراق، خصوصا وأن طهران قد تسعى إلى إحداث فوضى عارمة في العراق، ردّا على المساعي الأميركية الرامية إلى تحجيم قوتها في العراق، والمنطقة عموماً.