12 نوفمبر 2024
عندما تهتز صداقة ترامب مع نتنياهو
الصداقة الوثيقة التي ربطت بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، تمر بأوقات عصيبة، على الأقل من وجهة نظر إسرائيليين بدأوا يتساءلون: هل ما زال ترامب الصديق الذي لم تشهد مثله إسرائيل منذ سنوات في البيت الأبيض، أم أنه تحول إلى نسخة جديدة عن سلفه باراك أوباما؟ وهل ترامب الذي قدّم أكثر من هدية إلى نتنياهو، من نقل السفارة الأميركية إلى القدس، والاعتراف بالسيطرة الإسرائيلية على الجولان، والانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، يمكن أن يتخلى عن صديقة إذا تضاربت مصلحته معه، مثلما تخلى عن حلفائه السعوديين والأكراد؟ وهل ترامب الذي اعتبره اليمين القومي المتطرّف في إسرائيل المدافع الأكبر عن أحلامه بضم المناطق الفلسطينية المحتلة، وتصفية القضية الفلسطينية، يمكن أن ينسى كل وعوده ودعمه له، بعد إعلانه أنه لا يريد التدخل في الحروب "الغبية" في الشرق الأوسط؟
السكوت الأميركي عن الهجوم الناجح على منشآت النفط السعودية المنسوب إلى إيران، وإعلان ترامب سحب قوات بلاده من سورية، أثارا مخاوف إسرائيلية من الانعكاسات المحتملة لذلك كله على أمن إسرائيل، وعلى علاقاتها مع إدارة الرئيس ترامب. ويبدو أن القيادة السياسية في إسرائيل، وتحديداً نتنياهو، لم يتوقعا مثل هذه الانعطافة في السياسة الأميركية في المنطقة التي يبدو أكثر فأكثر أنها تأخذ في حساباتها مصالح أميركية داخلية على أي مصلحة أخرى.
أكثر من دليل برز أخيرا يظهر أن علاقة ترامب مع نتنياهو لم تعد كما كانت، فهو، بحسب صحف إسرائيلية، لم يتصل بصديقه منذ الانتخابات الإسرائيلية في 17 سبتمبر/ أيلول. كما أن البيت الأبيض لم يبلغ إسرائيل مسبقاً بقرار الرئيس ترامب سحب قواته من سورية، كما درج على ذلك سابقا. والأهم أن ترامب يتصرّف، في الموضوع الإيراني وإزاء سورية، تماماً مثل أوباما الذي ناصبه نتنياهو العداء، وذهب الى حد التحريض ضده أمام الكونغرس الأميركي.
ليس سبب التخوف الإسرائيلي، المبالغ فيه، من سحب ترامب القوة الأميركية من سورية التعاطف مع قضية الأكراد، ولا التخوف من عودة تنظيم الدولة الإسلامية، ولا كارثة نزوح المدنيين من مناطق القتال، بل الكراهية الكبيرة للرئيس التركي، أردوغان. وسبب آخر هو الاستخفاف الذي تعامل به ترامب مع العملية التركية في سورية، وكيف أنه وافق عليها بعد محادثة هاتفية أجراها مع أردوغان، ومن دون العودة إلى مستشاريه.
الأكيد أن قرار سحب ألفي جندي أميركي من سورية لا يهدد أمن إسرائيل، ولكن الخطوة لها
أهمية رمزية ودلالات تتعلق بالاستراتيجية الأميركية في المنطقة، وأيضاً بالدعم الأميركي لإسرائيل في التعاطي مع مشكلة التمركز العسكري الإيراني في سورية. ما يتخوّف منه الإسرائيليون هو ما إذا كانت إيران ستقرأ هذا الانسحاب كعلامة ضعف، ومزيد من تخلي الولايات المتحدة عن حلفائها في المنطقة؟ وهل سيشجعها الانسحاب الأميركي على تبنّي سياسة أكثر عدائية في الرد على الهجمات الإسرائيلية الجوية المستمرة منذ سنوات ضدها في سورية، وأخيرا في العراق.
تمر الصداقة الوثيقة بين ترامب ونتنياهو بمرحلة أقل ما يقال عنها إنها صعبة ومليئة بالمطبات. ونتنياهو نفسه يمر هو أيضاً بفترة صعبة، بعد خضوعه لجلسات استماع بشأن اتهامات بالحصول على رشى وسوء الأمانة، وبعد صعوبات يلاقيها من أجل تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة. ويبدو أنه بدأ يتخوف من إمكانية خسارة دعم صديقة الأكبر له. ظهر هذا بوضوح في كلام نتنياهو الأخير قبل يومين إن إسرائيل بحاجة إلى تأييد الولايات المتحدة، لكنها أيضاَ "تستطيع أن تدافع عن نفسها بنفسها".
على الرغم من القرارات المتسرعة للرئيس الأميركي الذي سجل رقماً قياسياً في المغالطات التاريخية، وعلى الرغم من شخصيته المتقلبة، وجنون العظمة، وعنصريته، وتخليه عن حلفائه، فإن الحلف بين الولايات المتحدة وإسرائيل يستند إلى أسس عميقة لا تتزعزع، فإسرائيل حاجة استراتيجية أميركية وقاعدة متقدمة لها في منطقة الشرق الأوسط. ما يثير قلق المسؤولين الإسرائيليين أن مواقف ترامب أخيرا تعبر عن تحول في السياسة الأميركية إزاء الشرق الأوسط أعمق وأكثر تعقيداً، وهي ناجمة أساسا عن تراجع حاجة الولايات المتحدة إلى النفط، وبالتالي تراجع الأهمية الاستراتيجية للمنطقة في نظر الولايات المتحدة. بدأ هذا التحول في أثناء ولاية الرئيس باراك أوباما، وهو مستمر اليوم تحت حكم ترامب. والسؤال كيف سينعكس هذا التحول على الشراكة الاستراتيجية مع إسرائيل، وهل يمكن أن تتحوّل إسرائيل من رصيد إلى عبء.
أكثر من دليل برز أخيرا يظهر أن علاقة ترامب مع نتنياهو لم تعد كما كانت، فهو، بحسب صحف إسرائيلية، لم يتصل بصديقه منذ الانتخابات الإسرائيلية في 17 سبتمبر/ أيلول. كما أن البيت الأبيض لم يبلغ إسرائيل مسبقاً بقرار الرئيس ترامب سحب قواته من سورية، كما درج على ذلك سابقا. والأهم أن ترامب يتصرّف، في الموضوع الإيراني وإزاء سورية، تماماً مثل أوباما الذي ناصبه نتنياهو العداء، وذهب الى حد التحريض ضده أمام الكونغرس الأميركي.
ليس سبب التخوف الإسرائيلي، المبالغ فيه، من سحب ترامب القوة الأميركية من سورية التعاطف مع قضية الأكراد، ولا التخوف من عودة تنظيم الدولة الإسلامية، ولا كارثة نزوح المدنيين من مناطق القتال، بل الكراهية الكبيرة للرئيس التركي، أردوغان. وسبب آخر هو الاستخفاف الذي تعامل به ترامب مع العملية التركية في سورية، وكيف أنه وافق عليها بعد محادثة هاتفية أجراها مع أردوغان، ومن دون العودة إلى مستشاريه.
الأكيد أن قرار سحب ألفي جندي أميركي من سورية لا يهدد أمن إسرائيل، ولكن الخطوة لها
تمر الصداقة الوثيقة بين ترامب ونتنياهو بمرحلة أقل ما يقال عنها إنها صعبة ومليئة بالمطبات. ونتنياهو نفسه يمر هو أيضاً بفترة صعبة، بعد خضوعه لجلسات استماع بشأن اتهامات بالحصول على رشى وسوء الأمانة، وبعد صعوبات يلاقيها من أجل تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة. ويبدو أنه بدأ يتخوف من إمكانية خسارة دعم صديقة الأكبر له. ظهر هذا بوضوح في كلام نتنياهو الأخير قبل يومين إن إسرائيل بحاجة إلى تأييد الولايات المتحدة، لكنها أيضاَ "تستطيع أن تدافع عن نفسها بنفسها".
على الرغم من القرارات المتسرعة للرئيس الأميركي الذي سجل رقماً قياسياً في المغالطات التاريخية، وعلى الرغم من شخصيته المتقلبة، وجنون العظمة، وعنصريته، وتخليه عن حلفائه، فإن الحلف بين الولايات المتحدة وإسرائيل يستند إلى أسس عميقة لا تتزعزع، فإسرائيل حاجة استراتيجية أميركية وقاعدة متقدمة لها في منطقة الشرق الأوسط. ما يثير قلق المسؤولين الإسرائيليين أن مواقف ترامب أخيرا تعبر عن تحول في السياسة الأميركية إزاء الشرق الأوسط أعمق وأكثر تعقيداً، وهي ناجمة أساسا عن تراجع حاجة الولايات المتحدة إلى النفط، وبالتالي تراجع الأهمية الاستراتيجية للمنطقة في نظر الولايات المتحدة. بدأ هذا التحول في أثناء ولاية الرئيس باراك أوباما، وهو مستمر اليوم تحت حكم ترامب. والسؤال كيف سينعكس هذا التحول على الشراكة الاستراتيجية مع إسرائيل، وهل يمكن أن تتحوّل إسرائيل من رصيد إلى عبء.
مقالات أخرى
20 أكتوبر 2024
06 أكتوبر 2024
21 سبتمبر 2024