الأردن في اختبار حقيقيّ

18 فبراير 2016
+ الخط -
طوال الأعوام الماضية، حافظ الأردن على الحيادية في مواقفه تجاه الأزمة السورية، فعلى الرغم من الدعم الماديّ والمعنويّ لأحلام الشعب السوري في تحقيق مطالبه، وفتح الحدود أمام المهجرين، بسبب ويلات الحرب، إلا أنَّها رفضت التورّط الصريح في الأزمة، وبقيت التصريحات السياسية تجاه سورية، بدعوة إلى حل سياسي، يُفضي إلى إنهاء المعاناة وإعادة الإستقرار للبلاد.
استطاع الأردن التغلّب على جميع الضغوط الدولية التي دعته إلى لعب دور مهم، في تسليح المعارضة السورية، لكنَّ تسارع الأحداث في سورية، وظهور جماعات إسلامية مسلّحة، أدّى إلى إعادة حسابات من الحكومة الأردنية وحلفائها لإيجاد موازنة على الأرض، تكون رادعاً لهذا التمدّد المستمرّ لهذه الجماعات، فلا يخفى على أحد المعاناة التي أثقلت كاهل الأردن من هذه الجماعات وأفكارها. وقد أدّى هذا كله إلى تقديم الدعم للمعارضة المعتدلة، حسب المقاييس الدولية، بشقيها المدني والعسكري، مع عدم الإخلال بثوابت السياسة الخارجية ومصالح الأردن الحيوية.
يستبعد الأردن حسماً سريعاً للمواجهة المسلحة في سورية، فهناك قناعة بأنَّه، على الرغم من أنَّ النظام السوريّ يخسر بسرعة رصيده من العملات الصعبة، ويواجه صعوبات في تأمين احتياجاته من الطاقة. وفي المقابل، فإنَّ الأموال والأسلحة تتدفق على المعارضة المسلحة في سورية، لكنَّ دعم الحلفاء الروس والإيرانيين الكبير جداً ستجعل من الصعب المراهنة على سقوط النظام السوري في وقت قريب.
ما يهمُّ الأردن من هذه الأزمة هو إبعاد الإضطرابات عن حدودها قدر الإمكان، هذا الهدف الذي عملت لأجله طوال هذه السنوات، سواء كان هذا موافقاً أم مخالفاً للقرارات الدولية، فأمن المملكة كان من أولويات العمل لدى القيادة في المملكة الأردنية، وهذا ما أدى إلى زيادة التوتر مع النظام السوري الذي يتّهمها بدعم للفصائل المقاتلة في الجنوب السوري بالسلاح، وهذا كان سبباً في تحرير مناطق واسعة جداً من محافظة درعا وريفها.
في الأيام القليلة الماضية، كثّف جيش النظام السوري وقوات حزب الله اللبناني، مدعومين بغطاء من الطيران الحربي السوري والروسي، من هجماتهم على مواقع ونقاط تابعة للفصائل المقاتلة في محيط حي المنشية في مدينة درعا، قُرب معبر درعا الحدودي مع الأردن، في مسعى منهم إلى الوصول إلى الحدود السورية الأردنية، وقطع "الطريق الحربي" الملاصق للحدود، والواصل بين الريفين الشرقي والغربي للمحافظة، مروراً بمدينة درعا.
يُذكر أنَّ محللين عسكريين سوريين وأردنيين حذّروا، في تصريحات أخيراً، من خطورة وصول مقاتلي حزب الله والميليشيات الأجنبية إلى الأجزاء الجنوبية من محافظة درعا، الحدودية من الأردن، ما يضع النقاط الأردنية الحدودية هدفاً للضربات، نظراً لموقف الأردن المعادي للنظام السوري، وتحالفها مع بعض الدول الإقليمية التي تدعم المعارضة السورية بشقّيها السياسيَ والمسلَّح.
الموقف الأردني الآن لن يظهر سياسياً، لأنّها حافظت على الحياد الظاهريّ في هذا الجانب، لكنّها ستسعى، بكل جهودها، إلى إعادة التوازن في الجنوب السوري، بشكلٍ يوقف التقدّم الذي حقّقه النظام في تلك المناطق.
C741516E-C8ED-4D4F-BB6F-58114ABA9CAD
C741516E-C8ED-4D4F-BB6F-58114ABA9CAD
أيهم أبا زيد (سورية)
أيهم أبا زيد (سورية)