07 ابريل 2022
القضاء الفلسطيني بين الاحتلال والانقسام
شكّل قرار محكمة العدل العليا الفلسطينية، قبل أيام، محطة جديدة في محطات المناكفة والجدل المستمر في الساحة الفلسطينية، والناجم عن الانقسام السياسي بين حركتي فتح وحماس، وكان القرار استكمال الإجراءات الخاصة بانتخابات الهيئات المحلية والبلدية الفلسطينية في الضفة الغربية، واستثناء قطاع غزة، وحرمان سكانه من المشاركة في الانتخابات، باعتبار أن القرارات الخاصة برفض بعض قوائم حركة فتح الصادرة عن محاكم البداية في القطاع الخاضع لسلطة حركة حماس منذ سنوات غير قانونية وغير شرعية. ما يعني حرمان نصف الوطن من حقهم في اختيار ممثليهم في تلك الهيئات والمجالس، حيث اعتبرت معظم القوى السياسية والنخب الثقافية هذا القرار سياسياً، وسيؤدي إلى تعميق (وإدامة) الانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة، ليطاول، هذه المرة، المجتمع الفلسطيني، عندما يسمح لجزءٍ منه بالمشاركة في الانتخابات، وحرمان الجزء الآخر، ما حدا ببعض القوى السياسية لمطالبة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى إلغاء الانتخابات، أو تأجيلها، لما للقرار من أضرار كبيرة سياسية ووطنية، خصوصاً أنها تصب في مصلحة الاحتلال الإسرائيلي من خلال شرعنة الانقسام الفلسطيني وإدامته، بعكس ما أراد كثيرون تحقيقه في إجراء الانتخابات، والذين اعتقدوا أن إجراء الانتخابات قد يشكل خطوةً أولى باتجاه إنهاء الانقسام.
وكانت لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية قد عبّرت عن احترامها قرار المحكمة العليا، إلا أنها رأت في تنفيذه ضرراً كبيراً، فطالبت الرئيس محمود عباس بإلغائها إلى حين التوصل إلى حالة من التوافق الوطني الداخلي بشأن الإشكالات التي أدت إلى قرار المحكمة. وبناء على تلك المطالبات، فقد قرّرت الحكومة الفلسطينية تأجيل استكمال إجراءات الانتخابات أربعة شهور، على أمل التغلب على الإشكالات والعقبات القائمة، وعدم ارتكاب خطيئة كبرى، من خلال تعميق الانقسام وتعزيزه. وبذلك تكون الحالة الفلسطينية قد تجاوزت إحدى أخطر المطبات التي قد تؤدّي، في حال تطبيقها، إلى نتائج سياسية ووطنية سلبية جداً.
على الرغم من أن نخباً سياسية وثقافية فلسطينية عديدة كانت قد اعترضت أصلا على قرار الحكومة الفلسطينية إجراء الانتخابات، حتى في كل الأراضي الفلسطينية، خوفاً من استغلالها إسرائيلياً، في ظل مشروع نتنياهو ليبرمان بالتعامل مع قياداتٍ محليةٍ لمواصلة التنسيق معها لإدارة الحياة المدنية في الأراضي الفلسطينية، بمعزل تام عن أي بعد سياسي، وضرب وحدة المجتمع الفلسطيني، وتوظيفها لإلغاء وحدة التمثيل السياسي للشعب الفلسطيني، من خلال التعامل مع هيئاتٍ منتخبة في قضايا تخص مناطقهم الجغرافية والسكانية، كل على حدة، وبشكل لا مركزي، وذلك من خلال تجاوز الوزارات والهيئات المركزية للسلطة الفلسطينية، وخصوصاً في الضفة الغربية، وأيضا لاعتقاد هذه النخب أن إجراء الانتخابات لن يؤدي إلى إنهاء الانقسام، بل إلى تعميقه، حتى فيما لو جرت في كل الأراضي الفلسطينية التي تخضع لسلطتين قضائية وتنفيذية منقسمة ومتناكفة ومختلفة على معظم القضايا، وبالتالي من الصعب الإقرار بنتائج الانتخابات مهما كانت.
لم تكن أحوال مدينة القدس الشرقية بأحسن حال من قطاع غزة، سواء في القرار القضائي أوفي التحضيرات لإجراء الانتخابات، مع العلم أن الانتخابات التي جرت قبل أربع سنوات في الضفة الغربية لم تجر لا في القدس ولا في قطاع غزة، على الرغم من أن القدس الأكثر حاجة لإجراء الانتخابات فيها، من الناحية السياسية، رفضاً لضمها لبلدية الاحتلال، والإصرار على أنها جزء من الضفة الغربية جغرافياً وسياسياً وديمغرافياً، في وقتٍ لا تقدم فيه بلدية الاحتلال للسكان الفلسطينيين سوى مئات القرارات لهدم المنازل الفلسطينية سنوياً، وتحرير آلاف المخالفات على المواطنين، ومنعهم من الحصول على تراخيص بناء جديدة، وتعقيد الإجراءات لإقامة مشاريع اقتصادية وسياحية، وحرمانهم من الحصول على الحد الأدنى من الخدمات الأساسية في البنى التحتية، حيث يتوزع أكثر من 420 ألف مواطن فلسطيني على حوالي ثلاثين تجمعاً فلسطينياً في القدس الشرقية، بحسب دائرة الإحصاء المركزي الفلسطيني للعام الماضي، ما أحدث فجوةً كبيرةً جداً ما بين البنية التحتية في القدس الشرقية والغربية منها.
وبالتالي، إن عدم إجراء الانتخابات فيها بسبب الرفض الإسرائيلي لها قد يتم تفسيره بأن القضاء الفلسطيني اضطر للتسليم بالواقع الذي أوجده الاحتلال في القدس، لتكريس احتلاله المدينة المقدسة، مع العلم أنه تم استثناؤها في الانتخابات المحلية قبل أربع سنوات، ولا يمكن تبرير ذلك، كما لا يمكن استغلالها لتبرير استثنائها في الانتخابات التي كان من المفترض إجراؤها في المرحلة الحالية، قبل قرار تجميدها.
يؤكد ما حدث أن من الصعب بناء نظام قضائي فلسطيني مستقل، في ظل احتلال إسرائيلي محكم لمعظم الجغرافيا الفلسطينية، وانقسام سياسي مدمر بين سلطتي الضفة والقطاع، والتي لم يبق لها الاحتلال أية سلطات، باستثناء سلطتها على المواطن الفلسطيني الذي يقطن في مناطق كل واحدة منها. لذلك، أظهرت ردود الفعل الفلسطينية إزاء قرار المحكمة تراجعاً في ثقة المواطن الفلسطيني في الجهاز القضائي، وتأثره بالحالة السياسية المنقسمة، ما يعني تسييس القضاء. وهذا خطير للغاية، يضاف إلى تراجع ثقة المواطن الفلسطيني بالأحزاب والقوى السياسية والسلطات التنفيذية في شقي الوطن. لذلك، كان قرار التأجيل صائباً، لأنه في حال إجراء الانتخابات في الضفة الغربية واستثناء قطاع غزة والقدس سيكون ذلك بمثابة إدامة الانقسام والمسمار الأخير في نعش محاولات المصالحة الفلسطينية الداخلية. لا بل إن مواطني قطاع غزة الذين يقترب عددهم من المليوني نسمة سيشعرون بالتمييز والحرمان من ممارسة حقهم الديمقراطي في وقتٍ سيسمح فيه لإخوانهم في الضفة من بمزاولة ذلك الحق، ما سيؤدي إلى إضعاف المجتمع الفلسطيني من الداخل، في ظروف تتطلب تمتينه وتقويته.
وكانت لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية قد عبّرت عن احترامها قرار المحكمة العليا، إلا أنها رأت في تنفيذه ضرراً كبيراً، فطالبت الرئيس محمود عباس بإلغائها إلى حين التوصل إلى حالة من التوافق الوطني الداخلي بشأن الإشكالات التي أدت إلى قرار المحكمة. وبناء على تلك المطالبات، فقد قرّرت الحكومة الفلسطينية تأجيل استكمال إجراءات الانتخابات أربعة شهور، على أمل التغلب على الإشكالات والعقبات القائمة، وعدم ارتكاب خطيئة كبرى، من خلال تعميق الانقسام وتعزيزه. وبذلك تكون الحالة الفلسطينية قد تجاوزت إحدى أخطر المطبات التي قد تؤدّي، في حال تطبيقها، إلى نتائج سياسية ووطنية سلبية جداً.
على الرغم من أن نخباً سياسية وثقافية فلسطينية عديدة كانت قد اعترضت أصلا على قرار الحكومة الفلسطينية إجراء الانتخابات، حتى في كل الأراضي الفلسطينية، خوفاً من استغلالها إسرائيلياً، في ظل مشروع نتنياهو ليبرمان بالتعامل مع قياداتٍ محليةٍ لمواصلة التنسيق معها لإدارة الحياة المدنية في الأراضي الفلسطينية، بمعزل تام عن أي بعد سياسي، وضرب وحدة المجتمع الفلسطيني، وتوظيفها لإلغاء وحدة التمثيل السياسي للشعب الفلسطيني، من خلال التعامل مع هيئاتٍ منتخبة في قضايا تخص مناطقهم الجغرافية والسكانية، كل على حدة، وبشكل لا مركزي، وذلك من خلال تجاوز الوزارات والهيئات المركزية للسلطة الفلسطينية، وخصوصاً في الضفة الغربية، وأيضا لاعتقاد هذه النخب أن إجراء الانتخابات لن يؤدي إلى إنهاء الانقسام، بل إلى تعميقه، حتى فيما لو جرت في كل الأراضي الفلسطينية التي تخضع لسلطتين قضائية وتنفيذية منقسمة ومتناكفة ومختلفة على معظم القضايا، وبالتالي من الصعب الإقرار بنتائج الانتخابات مهما كانت.
لم تكن أحوال مدينة القدس الشرقية بأحسن حال من قطاع غزة، سواء في القرار القضائي أوفي التحضيرات لإجراء الانتخابات، مع العلم أن الانتخابات التي جرت قبل أربع سنوات في الضفة الغربية لم تجر لا في القدس ولا في قطاع غزة، على الرغم من أن القدس الأكثر حاجة لإجراء الانتخابات فيها، من الناحية السياسية، رفضاً لضمها لبلدية الاحتلال، والإصرار على أنها جزء من الضفة الغربية جغرافياً وسياسياً وديمغرافياً، في وقتٍ لا تقدم فيه بلدية الاحتلال للسكان الفلسطينيين سوى مئات القرارات لهدم المنازل الفلسطينية سنوياً، وتحرير آلاف المخالفات على المواطنين، ومنعهم من الحصول على تراخيص بناء جديدة، وتعقيد الإجراءات لإقامة مشاريع اقتصادية وسياحية، وحرمانهم من الحصول على الحد الأدنى من الخدمات الأساسية في البنى التحتية، حيث يتوزع أكثر من 420 ألف مواطن فلسطيني على حوالي ثلاثين تجمعاً فلسطينياً في القدس الشرقية، بحسب دائرة الإحصاء المركزي الفلسطيني للعام الماضي، ما أحدث فجوةً كبيرةً جداً ما بين البنية التحتية في القدس الشرقية والغربية منها.
يؤكد ما حدث أن من الصعب بناء نظام قضائي فلسطيني مستقل، في ظل احتلال إسرائيلي محكم لمعظم الجغرافيا الفلسطينية، وانقسام سياسي مدمر بين سلطتي الضفة والقطاع، والتي لم يبق لها الاحتلال أية سلطات، باستثناء سلطتها على المواطن الفلسطيني الذي يقطن في مناطق كل واحدة منها. لذلك، أظهرت ردود الفعل الفلسطينية إزاء قرار المحكمة تراجعاً في ثقة المواطن الفلسطيني في الجهاز القضائي، وتأثره بالحالة السياسية المنقسمة، ما يعني تسييس القضاء. وهذا خطير للغاية، يضاف إلى تراجع ثقة المواطن الفلسطيني بالأحزاب والقوى السياسية والسلطات التنفيذية في شقي الوطن. لذلك، كان قرار التأجيل صائباً، لأنه في حال إجراء الانتخابات في الضفة الغربية واستثناء قطاع غزة والقدس سيكون ذلك بمثابة إدامة الانقسام والمسمار الأخير في نعش محاولات المصالحة الفلسطينية الداخلية. لا بل إن مواطني قطاع غزة الذين يقترب عددهم من المليوني نسمة سيشعرون بالتمييز والحرمان من ممارسة حقهم الديمقراطي في وقتٍ سيسمح فيه لإخوانهم في الضفة من بمزاولة ذلك الحق، ما سيؤدي إلى إضعاف المجتمع الفلسطيني من الداخل، في ظروف تتطلب تمتينه وتقويته.