التحالف الاسلامي: المآلات والتحديات

19 ديسمبر 2015
+ الخط -
سيسجل التاريخ أن الدبلوماسية السعودية التي يقودها الملك سلمان نجحت في أن تجمع جيوش 34 دولة إسلامية تعدادهم أربعة ملايين وثلاثمائة ألف جندي وضابط لمواجهة الارهاب في المنطقة، وسيكتب المؤرخون أن الاستراتيجية السعودية الجديدة التي تؤسس لفلسفة احتواء الإسلام الوسطي المعتدل، وصولاً إلى قيادة وأستاذية العالم الإسلامي تسير بخطى ثابتة.
ولكن، يبقى التساؤل الأهم بشأن المأمول من هذا التحالف، وكذلك أهم التحديات التي تعترض هذه الخطوة الاستراتيجية والمآلات المتوقعة؟
يتعرض الإسلام لهجمة منظمة من أطراف عديدة، بعد أن بدأت رسالته السامية المتسامحة والمتعايشة مع الجميع بالوصول إلى شتى أنحاء المعمورة، وبدأ الواقع الديموغرافي في بعض الدول الغربية يتغير تدريجياً لصالح أتباع الديانة الإسلامية، وخرج على السطح في أوروبا مصطلح الإسلاموفوبيا، وبدأت حملات التضييق على المسلمين، وتشويه الإسلام عبر التوظيف الأمثل لسلوكيات جماعات إرهابية تنعت نفسها بالإسلامية، مثل تنظيم الدولة الاسلامية (داعش)، تلك الجماعات التي نبتت من بلاد المسلمين في تطبيق حقيقي لمقولة صاحب نظرية كي الوعي وزير الحرب الإسرائيلي، موشيه يعلون، حيث قال: "ليس من المتعة أو السياسة أن تقتل عدوك بيدك، فعندما يقتل عدوك نفسه بيده أو بيد أخيه، فإن المتعة أكبر! وهذه سياستنا الجديدة في اسرائيل أن نشكل مليشيات للعدو فيكون القاتل والمقتول من الأعداء". ما تحدث به يعلون يتقاطع بشكل كبير مع الاستراتيجية الأميركية التي تقوم على الحرب بالوكالة.
المأمول من هذا التحالف لدى الشعوب العربية والاسلامية: إعادة الصورة الصحيحة للإسلام في الوعي الجمعي للغرب. أن يبدأ هذا التحالف بقوة الفكر وفكر القوة بمحاصرة التطرف والإرهاب، والعمل على إنهائه بكل الوسائل. أن يؤسس التحالف لاستراتيجية جديدة بموجبها يعمل على تطويق وإنهاء كل الأزمات في منطقة الشرق الأوسط وفق إرادة الشعوب. محاربة الفساد والفاسدين والمحافظة على موارد المنطقة واستغلالها الاستغلال الأمثل بما يضمن تحقيق العدالة الاجتماعية لشعوب المنطقة. حماية المسلمين المضطهدين في العالم وإنقاذهم، خصوصاً في بورما وكشمير ونيجيريا والشيشان وحصار قطاع غزة وغيرها من الدول.
ومن أهم التحديات التي تواجه التحالف: حالة التباين السياسي بين المكونات المشاركة فيه، مثل التباين بين تركيا وقطر من جهة ومصر والإمارات من جهة أخرى. الاختلاف المحتمل على توصيف الإرهاب، وما قد يترتب على ذلك من أثر على مستقبل التحالف، فمن التحالف من ينظر للحشد الشعبي أو جماعة الاخوان المسلمون بأنهم جماعات إرهابية، ومنهم من يراهم حلفاء وأصدقاء، والمشكلة نفسها في المسألتين، الليبية واليمنية، وغيرهما من جغرافيتنا العربية والإسلامية. الموقف من الإرهاب الإسرائيلي، وما يقوم به من استهداف للبشر والشجر والحجر، وخصوصاً المقدسات الإسلامية، لاسيما المسجد الأقصى، سيشكل إحراجاً كبيراً للتحالف أمام شعوب الأمة العربية والإسلامية.
البحث عن الدور والمكانة لدى مكونات التحالف تشكل تحدياً رئيساً لمستقبل التحالف، وربما نجح الثقل السعودي في تجاوز المعضلة، إلا أنها ستبقى قائمة في المستقبل.
لو وضع ‏التحالف العسكري الإسلامي‬ هدفاً واحداً ووحيداً، يتمثل في إنهاء كل بؤر الخلاف في المنطقة العربية والإسلامية، وعودة الأمن والاستقرار على أساس إرادة الشعوب، وإنهاء الاحتلال الاسرائيلي، والمحافظة على موارد المنطقة من النهب والفساد، وبما يؤسس لمنطق التوزيع العادل للثروة، أعتقد جازماً أن هذا التحالف سيؤسس مستقبلاً لاتحاد إسلامي نهضوي يعيد الاعتبار إلى الحضارة الإسلامية، ويضعها على مصافي الحضارات في العالم.
وما دون ذلك، ستكون فرص نجاحه واستمراره ضعيفه، وقد يتفكك في أي لحظة، وهو ما لا تتمناه أمتنا العربية والإسلامية، ويتطلب جهوداً جبارة تقع على كاهل المملكة وأصدقائها في صياغة الهدف والرؤية الجامعة التي يجتمع عليها الكل العربي والإسلامي.
CCB0F5AF-8280-4DBC-BBFF-2FC8D118B0C0
CCB0F5AF-8280-4DBC-BBFF-2FC8D118B0C0
حسام الدجني (فلسطين)
حسام الدجني (فلسطين)