انطلاقة فتح: الانجازات والاخفاقات

29 ديسمبر 2015
+ الخط -
من بيوت حي الزيتون في غزة انطلقت الفكرة، ومن عيلبون الحبيبة انطلقت الرصاصة في الأول من يناير/كانون ثاني عام 1965. هي حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، انطلقت لهدف التحرير، وقدمت الغالي والنفيس لتحقيق الهدف، فهي حركة الشهداء والأسرى والجرحى، هي من أعاد معاني النصر بعد هزيمة يونيو/ حزيران 1967، هي حركة الرئيس الشهيد ياسر عرفات وخليل الوزير أبو جهاد وأبو إياد وغيرهم المئات بل الآلاف.
نستذكر في ذكرى انطلاقة فتح عملية عيلبون ومعركة الكرامة وغيرها، ولكن حركة فتح هي مجموعة من البشر، فمسيرة 51 عاماً أصابت فيها فتح وأخفقت، فأين أصابت وأين أخفقت؟
انجازات فتح: نالت شرف الطلقة الأولى "الثورة الفلسطينية" بعد نكبة عام 1948. حافظت على الهوية والكينونة الفلسطينية، في وقت سعت بعض الدول إلى تذويب هذه الهوية. دعمت صمود اللاجئين الفلسطينيين في الشتات. حافظت على النظام السياسي الفلسطيني عبر تعزيز المؤسسات السياسية الفلسطينية وبناء أركان الدولة الفلسطينية. خففت من هول هزيمة يونيو/حزيران، وحاربت التطبيع مع دولة الكيان. صمودها الأسطوري في بيروت بعد حصار كبير وقاس. فضح الاحتلال الإسرائيلي في المحافل الدولية. قيادة فتح للقيادة الوطنية الموحدة في الانتفاضة الاولى عام 1987، وقيامها بجانب الفصائل الأخرى بتلقين العدو دروساً قد لا ينساها من العمل المقاوم. تشكيل خلايا كتائب شهداء الاقصى والقيام بعمليات نوعية ضد الاحتلال في انتفاضة الأقصى. في عهد فتح قامت أول انتخابات ديمقراطية نزيهة شهد لها القاصي والداني.
إخفاقات فتح: هيمنت حركة فتح على منظمة التحرير الفلسطينية، واستحوذت على القرار السياسي الفلسطيني وعلى المؤسساتية السياسية الفلسطينية. شخصانية النظام السياسي الفلسطيني، وغياب الديمقراطية عن مؤسسات المنظمة، وتداعيات ذلك على القرار السياسي الفلسطيني. تدخل المنظمة والتي تهيمن عليها فتح في شؤون داخلية للدول العربية. تدخل زعيم فتح الرئيس ياسر عرفات في أزمة الخليج، وموقفه الداعم للرئيس صدام حسين في احتلال الكويت، والذي دفعت ثمنه المنظمة (بالإضافة إلى أسباب أخرى) عبر توقيع اتفاق أوسلو. توقيع اتفاق أوسلو وإنشاء السلطة الفلسطينية، على الرغم من بعض الإيجابيات الموجودة بالاتفاق، إلا أن انتقال فتح من مربع المقاومة إلى مربع السياسة، في ظل استمرار الاحتلال والظروف الإقليمية والدولية المحيطة يشكل إخفاقاً للمنظمة، ومن خلفها فتح كونها تهيمن على مؤسسات المنظمة. ذوبان فتح داخل مؤسسات السلطة والتي شابها الفساد والترهل والمحسوبية، ألقى بظلاله على مؤسسات الحركة فغابت وذابت داخل بوتقة السلطة الفلسطينية. برنامج فتح الإنتخابي في انتخابات الرئاسة، والذي غيّب عسكرة الانتفاضة في ظل وجود احتلال قمعي غاصب. قبول فتح بتدخلات إقليمية ودولية في نتائج الانتخابات التشريعية 2006، ما دفع بتفاقم الأمور بين الأخوين الشقيقين فتح وحماس. تجاوز فتح للدستور الفلسطيني وعدم احترام القوانين الفلسطينية، وتسخير طاقات منظمة التحرير لقضايا خلافية داخلية، وغياب مؤسسات المنظمة عن القضايا الجوهرية. حسم حركة فتح لمواقفها السياسية بما يتناسب ويتواءم مع محور ضد محور آخر، ما يدخلها أو سيدخلها في صراعات عربية. حركة فتح في غنى عنها كونها حركة تحرر وطني. أخفقت حركة فتح في مؤتمرها السادس عبر بعض الشبهات التي رافقت نتائج الانتخابات الداخلية. غياب المؤتمر السابع حتى اللحظة. عدم فصل منصب رئيس الحركة عن مناصب رئيسي السلطة والمنظمة، ما يكلف حركة فتح وزر كل أخطاء السلطة والمنظمة.
خلاصة الأمر اليوم أن حركة فتح تحتاج إلى مراجعة شاملة، تصوّب الاخفاقات وتكرس الانجازات، وتعيد اللحمة إلى الوطن، وتنهي الانقسام عبر توافق وطني فلسطيني، وتعود إلى برنامجها التي انطلقت من أجله، فالاحتلال ما زال مستمراً، ورئيس السلطة الفلسطينية الأمين العام لفتح، محمود عباس، أعلن فشل المفاوضات وعدم التزام إسرائيل بالاتفاقيات، فأين تسير فتح الآن؟ هل تعود إلى برنامجها وميثاقها الأول فتعود جماهيريتها، أم تبقى متمسكة بخيارات فاشلة، من أجل المحافظة على إنجازات شخصية، وعلى رواتب موظفين؟
CCB0F5AF-8280-4DBC-BBFF-2FC8D118B0C0
CCB0F5AF-8280-4DBC-BBFF-2FC8D118B0C0
حسام الدجني (فلسطين)
حسام الدجني (فلسطين)