12 يوليو 2024
وباء العنصرية في لبنان
يفيض لبنان بالعنصرية ضد اللاجئين، تارة ضد السوريين والفلسطينيين، وتارة أخرى ضد السودانيين والعمال الأجانب. بعضها يأخذ طابعاً فردياً وآخر منظماً، لكنها جميعها تحظى بغطاء رسمي. وفي كل مرة تكون التبريرات حاضرة، فاللاجئ السوري، في رأي أصحاب النظريات العنصرية والفئوية الضيقة، التي تكذب وتصدق كذبها، "يسرق" الوظائف من اللبنانيين، ويضغط على خدمات الكهرباء والمياه، وهو سبب الانهيار الاقتصادي وأزمة الدولار .. وحتى النفايات. ولذلك يجوز اضطهاده وحظر التجول عليه ونبذه. والعاملون/ات الأجنبيون/ات يُمَنّنون ليل نهار، على الرغم من أنهم أصحاب الفضل والجهد. حتى رواتبهم المستحقة، تجد اليوم، مع أزمة انهيار الليرة اللبنانية وارتفاع سعر صرف الدولار إلى مستويات قياسية، من يعتبر أنهم لا يستحقونها، ولا يتردّد في حرمانهم منها أو التحايل عليهم لسرقة الجزء الأكبر منها. ويواكبهم في ذلك إعلامٌ امتهن التماهي مع الطبقة السياسية، والتحريض على كل صاحب حق.
أما اللاجئ الفلسطيني الذي يعيش في لبنان قسراً منذ عقود، ويدفع، مثل المواطن اللبناني، الضرائب، وكأنه لا تكفيه المصائب التي يعانيها من حرمانٍ من أبسط الحقوق المدنية كالعمل في عشرات المهن والتملك، فمجبرٌ على تلقي الإهانات وتعامل بعضهم معه على أنه "تهديد دائم". وأخطر ما في سلسلة الممارسات العنصرية التي لا تنتهي، ما حدث قبل أيام عندما مُنع لاجئ فلسطيني يحمل وثيقة السفر الخاصة باللاجئين الفلسطينيين المولودين في لبنان من العودة إلى بيروت على متن طائرة إجلاء، لأنه ببساطة "أجنبي". فداحة ما حصل متعدّدة الجوانب. السقوط الأخلاقي لمن طبّق القرار، وما تضمنه من إهاناتٍ بحق اللاجئ، لا يقل خطورة عن أبعاد المنع وتوقيته، خصوصاً أنه صادر عن الحكومة اللبنانية، وليس تصرّفاً فردياً. جاء القرار الفضيحة في وقتٍ تحاول فيه إسرائيل، بشتى الطرق، سلب اللاجئ حقه في العودة في إطار خطة ترامب - نتنياهو لتصفية القضية الفلسطينية المعروفة بـ"صفقة القرن". وهي كالعادة تجد دائماً من يقدّم لها خدماتٍ مجانية لتحقيق أهدافها، بغض النظر عن التبريرات التي قدّمت لتفسير خطوة منع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان من العودة في زمن كورونا.
تفضح هذه الممارسات العنصرية الرسمية بأبشع صورها. ومع تزايد الانهيار الاقتصادي في لبنان، والذي ينقل بسرعة قياسية مئات آلاف من المواطنين إلى طبقة الفقر والفقر المدقع، وكما في تجارب بلدان عدة، يتوقع أن تشهد العنصرية، إلى جانب الشعبوية وخطاب الكراهية، طفرة ضد كل من هو غير لبناني، ما يعني حكماً أن اللاجئين السوريين والفلسطينيين والعمال الأجانب سيكونون الأكثر عرضةً لخطر هذا الوباء، لأنهم الحلقة الأضعف اجتماعياً، حيث يستسهل العنصريون رمي مصائبهم عليهم وتحويلهم إلى شمّاعة للأزمات التي تتحمل مسؤوليتها منفردة الطبقة السياسة الحاكمة منذ عقود.
صحيحٌ أن خلاص اللاجئين السوريين والفلسطينيين، على وجه الخصوص، لن يتحقّق إلا بالعودة إلى ديارهم، لكنه أمر مستحيل راهناً. وتحويل حياتهم في هذا البلد المنهار أخلاقياً وسياسياً واجتماعياً إلى جحيم يومي متصاعد يصنّف في خانة الانحطاط حصراً.
لم تعد الإدانات اللفظية والتعاطف على وسائل التواصل الاجتماعي الذي يتبخر مفعوله مع انتهاء التدوينة أو الحملة الإلكترونية، أو حتى المؤتمرات والتوصيات الحقوقية التي تصدر، تكفي في مواجهة هذا الوباء. التصدّي لهذا المرض المتفشي يتطلب أكثر من ذلك بكثير. التكتل لمواجهة خطاب الكراهية والعنصرية بخطاب مضاد وواضح وصريح ولا يهادن أصبح ضرورةً ملحّةً أكثر من أي وقت مضى، لأن الآتي يبدو أسوأ.
تفضح هذه الممارسات العنصرية الرسمية بأبشع صورها. ومع تزايد الانهيار الاقتصادي في لبنان، والذي ينقل بسرعة قياسية مئات آلاف من المواطنين إلى طبقة الفقر والفقر المدقع، وكما في تجارب بلدان عدة، يتوقع أن تشهد العنصرية، إلى جانب الشعبوية وخطاب الكراهية، طفرة ضد كل من هو غير لبناني، ما يعني حكماً أن اللاجئين السوريين والفلسطينيين والعمال الأجانب سيكونون الأكثر عرضةً لخطر هذا الوباء، لأنهم الحلقة الأضعف اجتماعياً، حيث يستسهل العنصريون رمي مصائبهم عليهم وتحويلهم إلى شمّاعة للأزمات التي تتحمل مسؤوليتها منفردة الطبقة السياسة الحاكمة منذ عقود.
صحيحٌ أن خلاص اللاجئين السوريين والفلسطينيين، على وجه الخصوص، لن يتحقّق إلا بالعودة إلى ديارهم، لكنه أمر مستحيل راهناً. وتحويل حياتهم في هذا البلد المنهار أخلاقياً وسياسياً واجتماعياً إلى جحيم يومي متصاعد يصنّف في خانة الانحطاط حصراً.
لم تعد الإدانات اللفظية والتعاطف على وسائل التواصل الاجتماعي الذي يتبخر مفعوله مع انتهاء التدوينة أو الحملة الإلكترونية، أو حتى المؤتمرات والتوصيات الحقوقية التي تصدر، تكفي في مواجهة هذا الوباء. التصدّي لهذا المرض المتفشي يتطلب أكثر من ذلك بكثير. التكتل لمواجهة خطاب الكراهية والعنصرية بخطاب مضاد وواضح وصريح ولا يهادن أصبح ضرورةً ملحّةً أكثر من أي وقت مضى، لأن الآتي يبدو أسوأ.