09 نوفمبر 2024
"هاي أبوظبي" وأهداف سويف وأدونيس
نجا مهرجان هاي أبوظبي الذي اختتم يوم 28 الشهر الماضي (فبراير/ شباط)، من الإلغاء الذي ألحقه التحسّب من فيروس كورونا بكل الأنشطة والتظاهرات الكبرى، في الإمارات (معرض أبوظبي للكتاب وحفل الجائزة العالمية للرواية العربية "بوكر"، المقرّرين الشهر المقبل، مثلا). وقد شارك في هذا المهرجان المستجدّ، في دورته الأولى، 80 كاتبا وأديبا وفنانا من 20 جنسية، وقد أقامته ورعته وزارة التسامح التي قال وزيرُها، نهيان بن مبارك، إن المهرجان العالمي عزف "سيمفونيةً راقيةً جدا تشمل الحوار والتعاطف والتواصل والتعارف بين مختلف الثقافات". وطبيعيٌّ أن يقول كلاما دعائيّا كهذا المسؤولُ عن المهرجان الذي ابتدعته حكومة الإمارات إضافةً جديدةً في نشاطات العلاقات العامة التي تواظب عليها، وتُنفِق فيها ملايين الدولارات، في سبيل أن تُساعد تظاهراتٌ كهذه، في تظهير صورةٍ للبلد موطنا للتلاقي وللإطلال على إبداعاتٍ من كل العالم، وترويج صورةٍ لحكّامه بأنهم ذوّاقون، وداعمون لمنتجي الفنون والثقافة والجمال، وللإيهام بقوة ناعمة للإمارات. ولمّا قلّت المناسبات الكبرى من هذا اللون، في أبوظبي ودبي في الأعوام الثلاثة الأخيرة (إلغاء مهرجاني السينما السنويين في الإماراتيْن مثلا)، بسبب الإنفاق الهائل على مغامراتٍ معلومة، في ليبيا واليمن ومصر (أمثلة)، فذلك لا يعني تخلّيهم هناك عن هذه الاستراتيجية الدعائية، بدليل "هاي أبوظبي" المقرّر أن ينتظم دوريا، وكذا الاحتفالية الدولية، الشهر الماضي، بالذكرى الأولى لتوقيع بابا الفاتيكان وشيخ الأزهر "وثيقة الأخوة الإنسانية".
وقع في "هاي أبوظبي" ما باغت وزارة التسامح، وما جعل ناسَها يشتهون لو أنه لم ينجُ من الإلغاء. .. عشية بدء فعالياته، تلقّى منظمّوه خطابا، موقّعا من ضيوفٍ مدعوين فيه، ومن حائزين على جوائز نوبل، ومن هيئاتٍ حقوقيةٍ دوليةٍ، وفيه أنه فيما "تروّج وزارة التسامح في الإمارات لمهرجان هاي، باعتباره منصّةً لحرية التعبير، يقبع العشرات من مواطني الإمارات والمقيمين فيها خلف القضبان، فقط بسبب تعبيرهم الحر عن آرائهم، ويواجه المدافعون عن حقوق الإنسان التعذيب وسوء المعاملة في السجون، حيث يُحتجزون غالبا في عزلة، ويلجأون للإضراب عن الطعام". وطالب الخطاب بأن يكون "هاي أبوظبي" (و"إكسبو 2020") "فرصةً للإمارات لتنفيذ وعدها وتحقيق شعارها بالتسامح من خلال إجراءاتٍ تشمل الشجعان الداعمين لحرية التعبير في البلاد". وجاء الخطاب على اسمي الناشطيْن الإماراتييْن المعتقليْن، الشاعر أحمد منصور والكاتب محمد الركن. كما دلّ على معرفة أصحاب الخطاب على الغرض الدعائي من "هاي أبوظبي"، فقد كتبوا "تدعم وزارة التسامح الإماراتية مهرجان هاي أبوظبي، في بلد لا يتسامح مع الأصوات المعارضة. وللأسف، تكرّس حكومة الإمارات المزيد من الجهود، للتكتّم على انتهاكات حقوق الإنسان، بدلا من المكاشفة والمحاسبة، وتستثمر عوضا عن ذلك بكثافة في تمويل ورعاية المؤسسات والأحداث والمبادرات التي تهدف إلى إبراز صورة إيجابية عنها للعالم الخارجي".
وللحق، أمكن للنفوذ المرئي وغير المرئي لدولة الإمارات على خريطةٍ عريضةٍ من الإعلام العربي، وبعض العالمي، ألا يحظى هذا الخطاب بإضاءةٍ يستحقها في الميديا، فلم يكن في الوسع أن نصادفه منشورا بيسر، فنعرَف أن اسما عربيا وحيدا كان من الموقّعين عليه، هي الروائية والناشطة والمترجمة المصرية، أهداف سويف. وللحق أيضا، لولا شجاعتها، في كلمتها في "هاي أبوظبي"، لما عرفنا بالبيان الخطاب، ولولا ما قالته أمام الحضور، عن احتجاز أحمد منصور ومحمد الركن، ولولا إتيانُها على أهمية ألا تُستغلّ الفعاليات الثقافية للتعتيم على الظلم، ولولا انتقادُها الانتهاكات في مصر، لولا هذا الذي قالته صاحبة "زينة الحياة" في أبوظبي، لما يمكن التنويه، في مختتم هذه السطور، بأنه ما زال ثمّة مثقفون عرب شجعان، منهم أهداف سويف. وكان مدعاةً للهزء أن تقوّلها صحيفة الاتحاد الظبيانية تاليا ما يستحيل أن تقوله عن تطوّرٍ يحدث في حقوق الإنسان في الإمارات. ولم يكن مُفاجئا أن أدونيس الذي احتفل "هاي أبوظبي" بعيد ميلاده التسعين، بحضور وزير التسامح، غاب اسمُه بين موقّعي الخطاب، وأنه لم يسند ما قالته أهداف سويف.
وللحق، أمكن للنفوذ المرئي وغير المرئي لدولة الإمارات على خريطةٍ عريضةٍ من الإعلام العربي، وبعض العالمي، ألا يحظى هذا الخطاب بإضاءةٍ يستحقها في الميديا، فلم يكن في الوسع أن نصادفه منشورا بيسر، فنعرَف أن اسما عربيا وحيدا كان من الموقّعين عليه، هي الروائية والناشطة والمترجمة المصرية، أهداف سويف. وللحق أيضا، لولا شجاعتها، في كلمتها في "هاي أبوظبي"، لما عرفنا بالبيان الخطاب، ولولا ما قالته أمام الحضور، عن احتجاز أحمد منصور ومحمد الركن، ولولا إتيانُها على أهمية ألا تُستغلّ الفعاليات الثقافية للتعتيم على الظلم، ولولا انتقادُها الانتهاكات في مصر، لولا هذا الذي قالته صاحبة "زينة الحياة" في أبوظبي، لما يمكن التنويه، في مختتم هذه السطور، بأنه ما زال ثمّة مثقفون عرب شجعان، منهم أهداف سويف. وكان مدعاةً للهزء أن تقوّلها صحيفة الاتحاد الظبيانية تاليا ما يستحيل أن تقوله عن تطوّرٍ يحدث في حقوق الإنسان في الإمارات. ولم يكن مُفاجئا أن أدونيس الذي احتفل "هاي أبوظبي" بعيد ميلاده التسعين، بحضور وزير التسامح، غاب اسمُه بين موقّعي الخطاب، وأنه لم يسند ما قالته أهداف سويف.