لبنان في 2023 ... الأسوأ أم الأمل؟

31 ديسمبر 2022
+ الخط -

كان العام 2022 الذي يشارف على الانتهاء على اللبنانيين كارثياً، فالأزمة الاقتصادية تضاعفت بشكل كبير جدّاً بما جعل أغلبية اللبنانيين (80%) يعيشون حالة الفقر، وارتفعت البطالة بشكل واضح، حيث لامست حدود 35% بحسب بعض الإحصاءات. وخسرت الليرة اللبنانية أكثر من 90% من قيمتها أمام العملات الأجنبية الأخرى. وبالتالي، خسر اللبناني ما يوازي 90% من قدرته الشرائية وقيمة راتبه الشهري ودخله السنوي، حتى باتت رواتب العاملين في القطاع العام، أو حتى في القطاع الخاص، تصل في أحسن حالاتها إلى المائة دولار.

في الجانب السياسي، ليس الأمر أفضل حالاً، فهناك حالة انسداد في أفق الحلول السياسية، فعلى الرغم من إجراء الانتخابات النيابية في 15 مايو/ أيّار من العام 2022 وتشكيل مجلس نيابي جديد، إلا أنّ القوى السياسية لم تُفلح في تشكيل حكومة جديدة بسبب منطق المحاصصة والكيدية وغياب أيّ حسّ بالمسؤولية الوطنية. كما دخل لبنان اعتباراً من الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني حالة الشغور والفراغ الرئاسي على مستوى الرئاسة الأولى، حيث لم يتمكّن المجلس النيابي من انتخاب رئيس جديد، على الرغم من عقده تسع جلسات انتخابية. فيما دار جدل كبير بشأن دور حكومة تصريف الأعمال وصلاحيتها بما جعله محل اتهام وقيّد حركتها إلى أضيق الحدود. وترك ذلك كله البلد في حالة شلل سياسي واضح، بانتظار ما يمكن أن يتمخّض عنه الحراك الخارجي أو التسويات الخارجية.

وعلى المستوى الاجتماعي، كانت الأمور شبيهة أيضاً بالوضعين، الاقتصادي والسياسي، فكثيرون من أصحاب المهن الحرّة غادروا البلد إلى الخارج بحثاً عن فرصة عمل، فيما خلّفوا وراءهم في لبنان أسراً تحتاج إلى اهتمام ورعاية. والمشكلات التي خلّفها الواقع الاقتصادي تسبّبت بمشكلاتٍ رفعت منسوب الطلاق والخلافات على مستوى الأسرة، ما أوجد حالة من التبرّم المجتمعي. ناهيك بارتفاع معدلات الجريمة والسرقة والسطو المسلح وغيرها، بما أفقد المجتمع اللبناني ميزته التي كان يتمتّع بها، الأمن الاجتماعي.

ارتفاع معدلات الجريمة والسرقة والسطو المسلح وغيرها، بما أفقد المجتمع اللبناني ميزته التي كان يتمتّع بها، الأمن الاجتماعي

جعل ذلك كله اللبنانيين يعيشون الكارثة الحقيقية في معاناتهم مع المدارس والجامعات والمستشفيات والمصاريف اليومية وغيرها، ولكن السؤال الذي بات على كل لسان الآن، ماذا سيحمل لنا العام 2023؟ .. يدرك الجميع أنّ مفتاح الحلول في لبنان يبدأ بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، ومن ثم يمكن بعد ذلك تشكيل حكومة تدير مفاوضات مع المجتمع الدولي، أو مع صندوق النقد الدولي، من أجل تأمين موارد مالية تسهم في حلّ الأزمة الاقتصادية التي بدورها تخفّف من أعباء الأزمة الاجتماعية، وبعدها يمكن أن تنتظم الأمور ويبدأ مسار الحلول. لكنّ انتخاب الرئيس مسألة معقّدة، تتداخل فيها المصالح الداخلية للأطراف المتنافسة والاهتمامات الإقليمية والدولية التي تريد أن تُبقي على لبنان ساحة صراع وصندوق بريد لتبادل الرسائل بين القوى الفاعلة والمؤثّرة، وهنا نتحدث، بشكل أساسي ورئيسي، عن طرفين أساسيين، الولايات المتحدة وإيران.

وفي سياق السعي من أجل الحلول التي تخفّف من وطأة الأزمة على اللبنانيين، تحرّكت الدوحة بمسعى غير معلن من أجل إيجاد الحلول أو تعزيز القناعة عند الأطراف الداخلية والخارجية بضرورة انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وبهدف تعزيز المساحات المشتركة بين القوى الفاعلة بوصفها عاملا إيجابيا للوصول إلى حلول في لبنان، غير أنّ هذا المسعى لم يصل بعد إلى نتائجه السعيدة، بل ما زال مستمراً ويأمل الجميع أن يصل في الأسابيع الأولى من العام المقبل إلى انفراجة تجعل اللبنانيين يستعيدون شيئاً من الأمل، وبما يجعل العام 2023 يحمل الفرج للبنانيين، وإلّا فإنّ القادم أسوأ بالنسبة لديهم في هذا العام.