قمة قادة الخليج وأوباما
يعقد قادة دول مجلس التعاون الخليجي قمة في الخامس من مايو/ أيار الحالي، في الرياض، تكرس القسط الأكبر من أعمالها للتشاور حول الرؤية الخليجية المشتركة التي سيطرحها هؤلاء القادة في قمة تجمعهم بالرئيس الأميركي، باراك أوباما، في الولايات المتحدة في 13 و14 من الشهر نفسه. ولهذا، تعد قمة أهل الخليج على قدر كبير من الأهمية، وفق ما صرح مسؤولون خليجيون.
هي قمة خليجية استثنائية، تبعا للظروف التي يمر بها الخليج والعالم العربي، أولا، وبسبب خصوصية العلاقات الخليجية الأميركية ثانيا، مع الأخذ في الاعتبار التحولات في السياسة الأميركية خلال الولاية الثانية لأوباما، والتي تميزت بتغيير في الأولويات الأميركية تجاه المنطقة العربية ككل، الأمر الذي تسبب في نتائج سلبية على الوضع العربي من العراق إلى فلسطين فسورية واليمن. ولأن النتائج السلبية مرشحة لأن تتحكم بمستقبل العالم العربي، تقع على عاتق قمة الخليج مهام على درجة كبيرة من الأهمية.
تنعقد قمة الخليج وأمامها ما تحقق خلال شهر ونصف الشهر في اليمن، والذي يمكن تلخيصه بأن عملية عاصفة الحزم استطاعت توجيه رسالة قوية للمشروع الإيراني في العالم العربي، الذي وصل حتى مشارف الخليج، وهذا أمر غير مفصول عن الإنجازات والتقدم الميداني الذي حققته المعارضة السورية المسلحة خلال الأسبوعين الأخيرين، الأمر الذي شكل تحولاً في مجرى الأحداث في سورية، وأخلّ بميزان القوى لصالح المعارضة، لأول مرة منذ أربع سنوات. ومما لا شك فيه أن إضعاف نظام بشار الأسد يعدّ ضربة كبيرة للمشروع الإيراني، ونصراً لكل من يعنيه وضع حد لتمدد إيران في المنطقة العربية، من الشرق الأوسط وحتى الخليج.
من هنا، إذا أرادت الحسابات الخليجية أن تكون بعيدة النظر، يجب أن تطرح المشكلات العربية حزمة متكاملة، وأن تتعاطى مع الولايات المتحدة على أساس تبادل المصالح، وهذا أمر يشمل الأوضاع في فلسطين وسورية والعراق واليمن وحتى مصر، وإذا رأت الولايات المتحدة أن مصالحها، في هذه الفترة، تقتضي أن تهادن إيران، وتتركها تقرر مصير المنطقة، فما على العرب إلا أن يضعوا النقاط على الحروف، وهم قادرون، بما يمتلكون من إمكانات بشرية واقتصادية وعلاقات وثيقة في أوروبا وآسيا وافريقيا، أن يختطوا طريقا خاصا، بعيدا عن الارتهان للموقف الأميركي.
ليس المطلوب من قادة الخليج أن يواجهوا الولايات المتحدة، لأن زمن المواجهات انتهى، بل عليهم مسؤولية إعادة النظر في التفاهمات التي حكمت العلاقات في المراحل السابقة، وتبين، مع الوقت، أنها كانت قائمة على حساب العرب. وهنا، يتوجب إجراء جردة حساب على أساس ميزان الربح والخسارة، وانطلاقا من التحديات التي تواجه العرب اليوم في بلدانهم كافة، والخروج بتصورات وتفاهمات جديدة، تحفظ حقوق جميع الأطراف، وخصوصا ما يتعلق بأمن المنطقة الذي صار مرتهنا للأجندة الإيرانية. وما دام ليس في وارد الولايات المتحدة أن تقف إلى جانب الحقوق العربية، فعليها على الأقل أن تكون حكماً عادلاً ونزيها.
قادة الخليج ليسوا في موقف ضعف، وهم لا يذهبون، هذه المرة، إلى واشنطن، كما جرت العادة، بلا أوراق قوة خاصة، وأهم الأوراق الرابحة في رصيدهم اليوم أنهم لا يزورون الولايات المتحدة لكي يطلبوا منها أن ترسل جيوشها للدفاع عن بلدانهم، فهذه الصفحة من التاريخ المشترك انطوت، واقتنع أهل الخليج أنهم إذا لم يأخذوا مسألة أمن بلدانهم بأيديهم فلن يكون لدولهم وزن ولا دور ولا حساب في أية ترتيبات دولية، وحتى إقليمية، بل إن استقلالهم معرض للخطر.