18 فبراير 2020
عن رفض تركيا وإيران الاستفتاء الكردي
لم تكن علاقة تركيا وإيران سيئة مع إقليم كردستان العراق طوال السنوات الماضية، فتركيا تعد الشريك التجاري الأول للإقليم، وكانت أكثر الدول انفتاحاً عليه. وكانت علاقات إيران الاقتصادية والتجارية مع الإقليم جيدة، بل إنها تفتخر بأنها أول دولة سارعت إلى نجدته، حتى قبل الحليف الأميركي عندما اقترب تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) من حدود أربيل، بعد سيطرته على الموصل قبل أكثر من عامين. لكن اليوم ومع إعلان أنقرة وطهران رفضهما الاستفتاء المقرر في الإقليم في 25 من سبتمبر/ أيلول الجاري على الاستقلال أو البقاء ضمن الدولة العراقية تبدو هذه العلاقة على المحك والمصير، ولاسيما في ظل رفض قيادة الإقليم نداءات الدولتين بعدم إجراء الاستفتاء.
ثمة سؤال جوهري هنا: لماذا ترفض تركيا وإيران الاستفتاء؟ في محاولة للإجابة لا بد من التوقف عند المعطيات التالية.
أولاً: في كل من تركيا وإيران مناطق كردية متصلة جغرافياً بإقليم كردستان العراق، وفيهما أعداد كبيرة من الكرد نسبياً (في تركيا قرابة 16 مليون نسمة وفي إيران نحو 8 ملايين). ولعل الخوف التركي والإيراني يتعلق بالخشية من تداعيات الاستفتاء على القضايا الكردية بداخلهما، على شكل رفع سقف المطالب والحقوق القومية، وفي العمق التفكير بدولةٍ كرديةٍ مستقلة في عموم المنطقة، طالما أن ذلك شكل ويشكل حلماً تاريخياً لقوى وأحزاب وحركات كردستانية عديدة في المنطقة.
ثانياً: ثمة مخاوف تركية وإيرانية من أن تؤدي ولادة دولة كردية مستقلة إلى انبثاق واقع جديد في العلاقات الإقليمية والدولية في المنطقة، ولاسيما في ظل الغزل الإسرائيلي لإقامة هذه الدولة، بل ربما ترى الدولتان أن ولادتها ستجعل إسرائيل على حدودهما سياسياً وأمنياً، وهو ما يشكل تهديداً لأمنهما القومي، ومشاريعهما الإقليمية.
ثالثاً: ثمة خوف عميق لدى تركيا وإيران من أن تكون ولادة الدولة الكردية في إقليم كردستان العراق بداية مخطط أميركي، وغربي بشكل عام، لتفتيت الدولتين الإقليميتين الكبيرتين نسبياً، كونهما متعددتين قومياً ودينياً وطائفياً وسياسياً.
تشكل هذه المحددات عوامل الرفض التركي الإيراني للاستفتاء الكردي، وهي تشير إلى الوضع الجغرافي الصعب للإقليم، إذ إن الأخير محاط بهما. ولعل ما يزيد من منسوب المخاوف لدى الكرد هو التلويح التركي - الإيراني المشترك (خلال زيارة رئيس هيئة الأركان العامة الإيرانية كريم باقري إلى تركيا، وكانت الأولى من نوعها منذ عام 1979) بالقيام بإجراءات مشتركة في حال مضى الإقليم في خيار الاستقلال. لكن من الواضح أن قيادة إقليم كردستان العراق غير مقتنعة بهذه التهديدات، خصوصاً وأنها ترى في الاستفتاء حقاً طبيعياً للكرد لتقرير مصيرهم. ومن ثم في ظل تأكيدها بأن دولة كردية مستقلة يمكن أن تكون حليفة ومتآخية مع الدولتين، وباقي الجوار الجغرافي، وليست في عداء معهما، بل ربما ترى أنها ستساهم في حل بعض المشكلات الحدودية في ظل الخلاف مع حزب العمال الكردستاني.
من دون شك، سيوفر الاستفتاء مرجعاً للإقليم في المضي نحو الاستقلال، ولو في مرحلة أخرى بعد الاستفتاء، لكن الحقيقة المرّة ستبقى قائمة، وهي صعوبة أن تكون الدولة الوليدة ناجحة، أو قابلة للحياة في ظل الرفض التركي والإيراني لها، إذ تظل الجغرافيا تشكل شريان الحياة الاقتصادي للدول، ولا سيما الحديثة منها.
ثمة سؤال جوهري هنا: لماذا ترفض تركيا وإيران الاستفتاء؟ في محاولة للإجابة لا بد من التوقف عند المعطيات التالية.
أولاً: في كل من تركيا وإيران مناطق كردية متصلة جغرافياً بإقليم كردستان العراق، وفيهما أعداد كبيرة من الكرد نسبياً (في تركيا قرابة 16 مليون نسمة وفي إيران نحو 8 ملايين). ولعل الخوف التركي والإيراني يتعلق بالخشية من تداعيات الاستفتاء على القضايا الكردية بداخلهما، على شكل رفع سقف المطالب والحقوق القومية، وفي العمق التفكير بدولةٍ كرديةٍ مستقلة في عموم المنطقة، طالما أن ذلك شكل ويشكل حلماً تاريخياً لقوى وأحزاب وحركات كردستانية عديدة في المنطقة.
ثانياً: ثمة مخاوف تركية وإيرانية من أن تؤدي ولادة دولة كردية مستقلة إلى انبثاق واقع جديد في العلاقات الإقليمية والدولية في المنطقة، ولاسيما في ظل الغزل الإسرائيلي لإقامة هذه الدولة، بل ربما ترى الدولتان أن ولادتها ستجعل إسرائيل على حدودهما سياسياً وأمنياً، وهو ما يشكل تهديداً لأمنهما القومي، ومشاريعهما الإقليمية.
ثالثاً: ثمة خوف عميق لدى تركيا وإيران من أن تكون ولادة الدولة الكردية في إقليم كردستان العراق بداية مخطط أميركي، وغربي بشكل عام، لتفتيت الدولتين الإقليميتين الكبيرتين نسبياً، كونهما متعددتين قومياً ودينياً وطائفياً وسياسياً.
تشكل هذه المحددات عوامل الرفض التركي الإيراني للاستفتاء الكردي، وهي تشير إلى الوضع الجغرافي الصعب للإقليم، إذ إن الأخير محاط بهما. ولعل ما يزيد من منسوب المخاوف لدى الكرد هو التلويح التركي - الإيراني المشترك (خلال زيارة رئيس هيئة الأركان العامة الإيرانية كريم باقري إلى تركيا، وكانت الأولى من نوعها منذ عام 1979) بالقيام بإجراءات مشتركة في حال مضى الإقليم في خيار الاستقلال. لكن من الواضح أن قيادة إقليم كردستان العراق غير مقتنعة بهذه التهديدات، خصوصاً وأنها ترى في الاستفتاء حقاً طبيعياً للكرد لتقرير مصيرهم. ومن ثم في ظل تأكيدها بأن دولة كردية مستقلة يمكن أن تكون حليفة ومتآخية مع الدولتين، وباقي الجوار الجغرافي، وليست في عداء معهما، بل ربما ترى أنها ستساهم في حل بعض المشكلات الحدودية في ظل الخلاف مع حزب العمال الكردستاني.
من دون شك، سيوفر الاستفتاء مرجعاً للإقليم في المضي نحو الاستقلال، ولو في مرحلة أخرى بعد الاستفتاء، لكن الحقيقة المرّة ستبقى قائمة، وهي صعوبة أن تكون الدولة الوليدة ناجحة، أو قابلة للحياة في ظل الرفض التركي والإيراني لها، إذ تظل الجغرافيا تشكل شريان الحياة الاقتصادي للدول، ولا سيما الحديثة منها.