18 فبراير 2020
عفرين والحسابات المعقدة
مع استمرار العملية العسكرية التركية في عفرين في سورية، تُطرح أسئلة كثيرة، في مقدمتها، لماذا عفرين؟ وكيف ستنتهي العملية؟ ومن الرابح والخاسر؟ على الرغم من أن موقع عفرين طرفيٌّ يقع في أقصى الشمال الغربي لسورية، إلا أنه يحتل أهمية استراتيجية كبيرة في المشروعين، الكرديّ والتركي معاً، فكرديّاً لم تتوقف المساعي لربط عفرين بباقي المقاطعات الكردية (كوباني – عين العرب، الجزيرة)، إذا ما أتيحت ظروف ما بعد تحرير الرقة من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). وفي الوقت نفسه، فإن مشروع تركيا هو إفشال المشروع الكردي هذا، نظراً لأن من شأن تحقيقه فتح الطريق أمام إقامة كيان كردي على حدودها الجنوبية، وربما تصبح الفيدرالية على طاولة تسوية الأزمة السورية. وعليه، يقع مصير عفرين في صلب الصراع الجاري في الشمال السوري في المرحلة المقبلة.
جاءت العملية التي أعلنها أردوغان بنفسه على وقع تعاظم المخاوف التركية، سيما بعد إعلان واشنطن عن تشكيل قوة حرس حدودية لحماية المناطق الحدودية في شمال شرق سورية، معتمدة على "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، ومن قبل تحرير الرقة من سيطرة مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، ومن ثم مواصلة واشنطن دعم الكرد بالسلاح، بما يشجع ذلك كله الكرد على توسيع نفوذهم في المرحلة المقبلة. وعليه ربما رأت أنقرة أن كلفة الانتظار باتت أكبر من تكلفة عملية عسكرية استباقية، تقطع الطريق أمام المشروع الكردي، ولعلها وجدت في تفاهماتها مع موسكو بشأن الأزمة السورية مساراً للتحرك نحو عفرين عسكرياً، بما يعني أن معركة عفرين غير بعيدة في الأساس عن لعبة الصراع بين موسكو وواشنطن على النفوذ في الأزمة السورية.
في الحديث عن السيناريوهات المطروحة لنهاية العملية التركية، ثمّة تعقيدات كثيرة ومتداخلة، ومع أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تحدث عن عملية سريعة، إلا أن المسؤولين الأتراك أنفسهم أعلنوا أن العملية من أربع مراحل، وكل مرحلة محكومة بمحدّدات ميدانية وسياسية ودبلوماسية، وهو ما يجعل من الحديث عن السيناريوهات المستقبلية يصب في باب التحليل السياسي لا أكثر. والثابت هنا أن معركة عفرين ليست نزهة، فمعركة الباب التي خاضتها القوات التركية استغرقت قرابة أربعة أشهر، ومعركة كوباني التي صمد فيها الكرد استغرقت أشهراً طويلة، وهي المعركة التي جلبت لهم التحالف مع الإدارة الأميركية. وغاية القول هنا أن معركة عفرين قد تستغرق وقتاً طويلاً. ولن يكون هذا الأمر في صالح تركيا، ولاسيما إذا أدت العمليات العسكرية إلى وقوع ضحايا في صفوف المدنيين، إذ سيجلب هذا الأمر مزيداً من التعاطف مع الكرد، ومثله من الضغوط على تركيا في المحافل الدولية. وقد نشهد مواقف إقليمية ودولية لصالح الكرد، ولعل الأخطر هنا هو احتمال تفجر الوضع الداخلي التركي، إذا ما أخذنا بالاعتبار وجود نحو عشرين مليون كردي في تركيا، وهؤلاء قد يخرجون في تظاهرات واحتجاجات رافضة للعملية العسكرية التركية، بما يرشح هذا الداخل لانفجار قومي، وربما حرب أهلية، وقد شهدنا ملامح من هذا المشهد خلال معركة كوباني – عين العرب، وصلت إلى حد اجتياح عشرات آلاف الكرد الحدود، وإزالة الأسلاك الشائكة. لكن على الرغم من كل هذه التداعيات المحتملة، قد لا توقف تركيا عمليتها العسكرية، ما لم تحقق نتائج محدّدة، لأن غير ذلك سيشكل انتصاراً قوياً للكرد وخسارة استراتيجية لها، بل ربما تزيد الحرب من شعبية وحدات حماية الشعب الكردية، إذا نجحت في وضع نفسها على طاولة التهدئة، وهو ما يعني أن الجانب السياسي في معركة عفرين لا يقل أهميةً عن الجانب العسكري في معركة الحسابات المعقدة وعلى كل المستويات، لا سيما أن معركة عفرين تبدو جولة كباش أميركية – تركية جديدة.
جاءت العملية التي أعلنها أردوغان بنفسه على وقع تعاظم المخاوف التركية، سيما بعد إعلان واشنطن عن تشكيل قوة حرس حدودية لحماية المناطق الحدودية في شمال شرق سورية، معتمدة على "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، ومن قبل تحرير الرقة من سيطرة مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، ومن ثم مواصلة واشنطن دعم الكرد بالسلاح، بما يشجع ذلك كله الكرد على توسيع نفوذهم في المرحلة المقبلة. وعليه ربما رأت أنقرة أن كلفة الانتظار باتت أكبر من تكلفة عملية عسكرية استباقية، تقطع الطريق أمام المشروع الكردي، ولعلها وجدت في تفاهماتها مع موسكو بشأن الأزمة السورية مساراً للتحرك نحو عفرين عسكرياً، بما يعني أن معركة عفرين غير بعيدة في الأساس عن لعبة الصراع بين موسكو وواشنطن على النفوذ في الأزمة السورية.
في الحديث عن السيناريوهات المطروحة لنهاية العملية التركية، ثمّة تعقيدات كثيرة ومتداخلة، ومع أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تحدث عن عملية سريعة، إلا أن المسؤولين الأتراك أنفسهم أعلنوا أن العملية من أربع مراحل، وكل مرحلة محكومة بمحدّدات ميدانية وسياسية ودبلوماسية، وهو ما يجعل من الحديث عن السيناريوهات المستقبلية يصب في باب التحليل السياسي لا أكثر. والثابت هنا أن معركة عفرين ليست نزهة، فمعركة الباب التي خاضتها القوات التركية استغرقت قرابة أربعة أشهر، ومعركة كوباني التي صمد فيها الكرد استغرقت أشهراً طويلة، وهي المعركة التي جلبت لهم التحالف مع الإدارة الأميركية. وغاية القول هنا أن معركة عفرين قد تستغرق وقتاً طويلاً. ولن يكون هذا الأمر في صالح تركيا، ولاسيما إذا أدت العمليات العسكرية إلى وقوع ضحايا في صفوف المدنيين، إذ سيجلب هذا الأمر مزيداً من التعاطف مع الكرد، ومثله من الضغوط على تركيا في المحافل الدولية. وقد نشهد مواقف إقليمية ودولية لصالح الكرد، ولعل الأخطر هنا هو احتمال تفجر الوضع الداخلي التركي، إذا ما أخذنا بالاعتبار وجود نحو عشرين مليون كردي في تركيا، وهؤلاء قد يخرجون في تظاهرات واحتجاجات رافضة للعملية العسكرية التركية، بما يرشح هذا الداخل لانفجار قومي، وربما حرب أهلية، وقد شهدنا ملامح من هذا المشهد خلال معركة كوباني – عين العرب، وصلت إلى حد اجتياح عشرات آلاف الكرد الحدود، وإزالة الأسلاك الشائكة. لكن على الرغم من كل هذه التداعيات المحتملة، قد لا توقف تركيا عمليتها العسكرية، ما لم تحقق نتائج محدّدة، لأن غير ذلك سيشكل انتصاراً قوياً للكرد وخسارة استراتيجية لها، بل ربما تزيد الحرب من شعبية وحدات حماية الشعب الكردية، إذا نجحت في وضع نفسها على طاولة التهدئة، وهو ما يعني أن الجانب السياسي في معركة عفرين لا يقل أهميةً عن الجانب العسكري في معركة الحسابات المعقدة وعلى كل المستويات، لا سيما أن معركة عفرين تبدو جولة كباش أميركية – تركية جديدة.