عرب داني دانون يكرهون الحرية
هذا كيانٌ تأسّس على الإرهاب، ويعيش على الإرهاب، ويباهي به، ويعلن إصرارَه على عدم الاستغناء عنه، سلوكًا وعقيدة للبقاء، فما الذي يُجبر كلّ هؤلاء المطبّعين العرب على إقامة علاقاتٍ سياسيةٍ واقتصاديةٍ وعسكريةٍ معه؟
كانوا في السابق يخدعون أنفسهم وشعوبهم بأكذوبة الحمائم والصقور، ويبرّرون تطبيعهم الفج باختراع حكاية معسكر السلام الإسرائيلي. والآن، لم يعد ثمّة حمائم هناك، إذ الكل صقور ودمويون وقتلة، أو محرّضون على القتل ومتفاخرون به، من نوعية الإرهابي داني دانون سفير الاحتلال الصهيوني السابق في الأمم المتحدة وعضو الكنيست الليكودي المتطرف المؤيد على طول الخط لإجرام بنيامين نتنياهو في العدوان على غزّة.
هذا الإرهابي احتفل باغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في بيروت، الشهيد صالح العاروري، في الوقت الذي لم تجرؤ فيه حكومة الاحتلال على الاعتراف رسميًا بمسؤووليتها عن الهجوم الإرهابي على ضاحية بيروت الجنوبية، حيث وقعت عملية الاغتيال. دانون هذا، كتب في منشور عبر منصة إكس (تويتر سابقاً): "أهنئ الجيش الإسرائيلي، والشاباك والموساد، والأجهزة الأمنية في اغتيال القيادي في حركة حماس صالح العاروري في بيروت".
هل سيكون مدهشًا لو علمت أنّ سفراء عربًا لدى الأمم المتحدة احتشدوا من أجل أن يفوز هذا الصهيوني بمنصبٍ في المنظمّة الدولية؟. ... في يوليو/ تموز من العام 2017، وحين كان هذا الإرهابي ممثلًا للاحتلال في المنظمّة الأممية، صوّت أربعة من السفراء العرب لصالح داني دانون، ليفوز برئاسة اللجنة القانونية بالأمم المتحدة، المعنية بمكافحة الإرهاب، إذ كان قبل تولّي منصبه الأممي نائبًا لوزير الحرب الإسرائيلي، وعُرف بأنّه من أكثر الشخصيات الإسرائيلية عنصريًة، ففي أثناء العدوان على قطاع غزّة في العام 2014 طالب حكومة نتنياهو بشن هجوم برّي لإعادة احتلال القطاع.
إرهابي عريق منحه سفراء عرب أصواتهم، لكي يكون رئيساً للجنة التي تُعنى، حسب بيان مركز الإنسان الفلسطيني في ذلك الوقت، بأهم الملفات الدولية في الجانب القانوني، حيث تتناول النظر في أهم المسائل الدولية، وتتمثل في "مسائل الإرهاب العالمي" "وانتهاكات بروتوكولات اتفاقية جنيف"، وهو الأمر الذي تأسّس عليه أن تصبح "إسرائيل" هي المجرم والقاضي، فيما يتعلق بملف الانتهاكات الواقعة على الفلسطينيين تحت الاحتلال.
حضر الرقم 4 للتصويت لصالح إرهابي صهيوني في الأمم المتحدة، كما كان حاضرًا في القمة العربية الإسلامية التي انعقدت أثناء العدوان على غزّة، وكانت قريبة من اعتماد قرارات محترمة في اجتماعات وزراء الخارجية بشأن البيان الختامي، بوصفها إجراءات عملية رادعة للعدوان الصهيوني على الفلسطينيين، من ضمنها منع استخدام القواعد العسكرية الأميركية وغيرها في الدول العربية لتزويد إسرائيل بالسلاح والذخائر، والتلويح باستخدام النفط والمقدرات الاقتصادية العربية للضغط من أجل وقف العدوان، ومنها كذلك تجميد العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية العربية مع إسرائيل، ومنع الطيران المدني الإسرائيلي من الطيران في الأجواء العربية.
هذه المقترحات والأفكار تمّ نسفها نسفًا من بيان اجتماع وزراء الخارجية العربية عن طريق أربع دول وقفت بشدّة ضدّ هذه المقترحات وأبطلت تمريرها، وكأنّها تعبّر عن فيتو إسرائيلي له صلاحية مطلقة في تعطيل أيّ قرار جاد ضد الكيان الصهيوني.
بُحّت الأصوات طوال أيام التصدّي الفلسطيني للغطرسة الإسرائيلية وكسر أنف الاحتلال وإظهار هشاشته، تقول إنّ هذه فرصة تاريخية لكلّ من يريد أن يتحرّر من ضعفه وهوانه واستسلامه غير الطبيعي للإملاءات الأميركية، وكذا التحرّر من التطبيع مع كيان إرهابي لم يأت من ورائه غير الخراب الاجتماعي والسياسي، على الرغم من تبريرها، كما في الحالة المصرية منذ أنور السادات وحتى اللحظة الراهنة، البقاء في سجن التطبيع بتحقيق رخاء اقتصادي لم يأت ولن يأتي، بل حدث العكس إذ تتفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فلم يعد أمامها سوى مدّ يدها هنا وهناك بحثًا عن موارد وقروض ومنح ومساعدات، هي بالتأكيد ضد قيمة استقلال القرار الوطني، ومن ناحية أخرى تؤدي إلى مضاعفة القمع والبطش لإخضاع وإرهاب الشعب الذي يئن من الفقر، من دون أن يمتلك القدرة على التعبير عن غضبه.
مرّة أخرى، ما الذي يُجبر نظامًا عربيًا على الانحناء أمام كيان إرهابي يهدّد كلّ يوم بجعل كلّ مدينة عربية غزّة، إن فكرت في مناوأته؟ ما هي الفواتير الخفية التي يمسك بها الاحتلال على الصامتين العرب؟