12 يوليو 2024
ساحات خلفية للمواجهة الأميركية الإيرانية
"صَفَعت" إيران، كما قال المرشد علي خامنئي، الولايات المتحدة في العراق، بعد الهجوم الذي نفذته رداً على اغتيال رجلها الأقوى، قاسم سليماني. بكثير من الرضا، أدارت واشنطن خدّها الأيمن لضربة طهران، بعدما كانت قد اتخذت ما يكفي من التدابير لمنع سقوط أي قتيل واقتصار الأمر على خسائر مادية مهما بلغت كلفتها (من دون نسيان أن طهران أوصلت بطرق غير مباشرة إلى واشنطن موعد الضربة). وبالتالي، جرى تفادي احتمال الانتقال إلى مواجهة مباشرة بين الطرفين. خرجت إيران، وفي جعبتها ما يكفي من البراهين، لترويج "انتصارها"، بعدما نفذت وعدها بالانتقام لمقتل أخطر رجالها. وتجاهلت الإدارة الأميركية، عمداً، الرد على كل التصريحات الاستعراضية للعسكر في إيران التي تلت الضربة، باستثناء الحديث عن مقتل 80 جندياً أميركياً.
أما دونالد ترامب، فسجل في قائمة "إنجازاته" التي يتباهى بها، ويريد استثمارها في عام الانتخابات الرئاسية، جرأته على قتل سليماني، على عكس سلفه باراك أوباما، وإعادة قوة الرّدع إلى المواجهة مع طهران، من دون أن ينجرّ إلى حربٍ مباشرة، وذلك بعدما غضّت الولايات المتحدة الطرف عن كل التصعيد الإيراني في المنطقة، عقب إعلان الولايات المتحدة الحرب الاقتصادية عليها، ومحاولة تصفير عائداتها من بيع النفط. وبالتالي، فإن الصمت ساعات، على الاستعراض الإيراني الذي رافق الهجوم، وهو أمر نادر أن يتمكّن ترامب من التزامه، من دون أن يهرول إلى "تويتر" للتغريد، يُعَدّ ثمناً مقبولاً لما تحقّق له. لكن ترامب يدرك أن عدم سقوط قتلى، ولا جرحى حتى، قد لا يدوم طويلاً. ما حصل في العراق لن يكون نهاية المواجهة، بحسب التصريحات الإيرانية واليقين الأميركي، ولا سيما بعد أن وضعت طهران ثمناً مرتفعاً لاغتيال سليماني، وهو إخراج القوات الأميركية من المنطقة.
وفي انتظار العودة إلى طاولة مفاوضات يرجّح أن تستغرق فترة طويلة، ستكون المواجهة في الظل وعبر الوكلاء غالباً. لن يتوقّف الطرفان عن استخدام العراق ساحة خلفية لحربهما، حيث يتوافر لطهران عشرات آلاف المقاتلين الذين هم على استعدادٍ لتلبية أوامرها، وتمتلك واشنطن وجوداً عسكرياً لن ينتهي قريباً. لكن العراق لن يكون الساحة الوحيدة أو الأبرز في المرحلة المقبلة، بما أن الحرب ليس مطلوباً أن تكون مباشرة، وأن تكون موجّهة حصراً إلى الأميركيين.
لدى إيران وكلاء أوفياء في الطاعة تأتمنهم على إيصال الرسائل نيابة عنها، عندما تستدعي الحاجة، بدءاً من لبنان حيث يوجد حزب الله، وإن كان دخوله على الخط، على نحو مباشر، مستبعداً حالياً لحسابات عدة، مروراً بسورية حيث المليشيات التي تدعمها وتحرّكُها، واليمن حيث أثبت الحوثيون، طوال السنوات الماضية، أنهم ذراع إيران المثلى لتهديد السعودية والإمارات. ولم يكن التبنّي الكاذب لضرب "أرامكو" سوى أحدث الخدمات غبّ الطلب التي يقدّمونها لطهران. والأرجح أنه لن يكون الأخير بعد حديث زعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي، يوم الأربعاء الماضي، عن أن المعادلة بعد اغتيال سليماني ستكون مختلفة.
وإن كانت الولايات المتحدة قد أثبتت سابقاً أنها قادرة على هضم ضربات إيران لحلفائها (استهداف ناقلات النفط، هجوم أرامكو...)، ولا يرجح أن يختلف ذلك في المرحلة المقبلة، فإن الخط الفاصل هو عدم استهداف جنودها الموزّعين على دول عدة عربية وغير عربية يمكن إيران أن تطاولهم فيها عبر علاقاتها المتشعبة. وستكون كلفة مثل هذا الأمر باهظة في عام الانتخابات. لذلك، ستكون حسابات التعاطي معه، أميركياً وإيرانياً، مدروسة جداً ومؤشراً على اتجاهات المواجهة واحتمال عودة التصعيد من عدمها.
وفي انتظار العودة إلى طاولة مفاوضات يرجّح أن تستغرق فترة طويلة، ستكون المواجهة في الظل وعبر الوكلاء غالباً. لن يتوقّف الطرفان عن استخدام العراق ساحة خلفية لحربهما، حيث يتوافر لطهران عشرات آلاف المقاتلين الذين هم على استعدادٍ لتلبية أوامرها، وتمتلك واشنطن وجوداً عسكرياً لن ينتهي قريباً. لكن العراق لن يكون الساحة الوحيدة أو الأبرز في المرحلة المقبلة، بما أن الحرب ليس مطلوباً أن تكون مباشرة، وأن تكون موجّهة حصراً إلى الأميركيين.
لدى إيران وكلاء أوفياء في الطاعة تأتمنهم على إيصال الرسائل نيابة عنها، عندما تستدعي الحاجة، بدءاً من لبنان حيث يوجد حزب الله، وإن كان دخوله على الخط، على نحو مباشر، مستبعداً حالياً لحسابات عدة، مروراً بسورية حيث المليشيات التي تدعمها وتحرّكُها، واليمن حيث أثبت الحوثيون، طوال السنوات الماضية، أنهم ذراع إيران المثلى لتهديد السعودية والإمارات. ولم يكن التبنّي الكاذب لضرب "أرامكو" سوى أحدث الخدمات غبّ الطلب التي يقدّمونها لطهران. والأرجح أنه لن يكون الأخير بعد حديث زعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي، يوم الأربعاء الماضي، عن أن المعادلة بعد اغتيال سليماني ستكون مختلفة.
وإن كانت الولايات المتحدة قد أثبتت سابقاً أنها قادرة على هضم ضربات إيران لحلفائها (استهداف ناقلات النفط، هجوم أرامكو...)، ولا يرجح أن يختلف ذلك في المرحلة المقبلة، فإن الخط الفاصل هو عدم استهداف جنودها الموزّعين على دول عدة عربية وغير عربية يمكن إيران أن تطاولهم فيها عبر علاقاتها المتشعبة. وستكون كلفة مثل هذا الأمر باهظة في عام الانتخابات. لذلك، ستكون حسابات التعاطي معه، أميركياً وإيرانياً، مدروسة جداً ومؤشراً على اتجاهات المواجهة واحتمال عودة التصعيد من عدمها.