02 نوفمبر 2024
حصار قطر.. النهاية ليس بعد
بشير البكر
بشير البكر كاتب وشاعر سوري من أسرة "العربي الجديد" ورئيس تحرير سابق
مضى شهران على حصار قطر براً وجواً من السعودية والإمارات والبحرين ومصر، وبعد هذا الوقت يمكن القول، إن الأزمة الخليجية تجاوزت القسط الصعب منها بالنسبة لقطر على الأقل، ذلك المتعلق باحتواء موجة الحصار الكاسحة التي ترافقت مع هجومين، إعلامي ودبلوماسي، وكان الغرض منها إجبار الدوحة على الركوع، ورفع الراية البيضاء، والقبول بالإملاءات التي تحولها إلى ملحق تابع للرياض وأبوظبي، كما الحال بالنسبة للبحرين.
تمكّنت قطر، بسرعة، من ترتيب أوضاعها للحد بشكل كبير من التداعيات الاقتصادية، واستطاعت أن تنفتح على أسواق جديدة، وتقيم خطوطاً بديلة، لتدفق السلع والمواد الأولية التي كانت تستوردها من السعودية والإمارات. وباشرت، في الوقت نفسه، بناء قاعدة للاعتماد على الذات، وسد الثغرات التي ظهرت خلال الأزمة، وذلك من دون خسائر كبيرة.
وكما يقول المثل "رب ضارة نافعة"، فالأزمة انعكست سياسياً لصالح قطر، لأنها فضحت بسرعة قياسية الافتراءات التي بنت عليها أبوظبي والرياض الحملة، وتكشّف للعالم التزوير الفاضح الذي قامت به أبوظبي من أجل افتعال الأزمة.
بعد زيارة وزير خارجية الولايات المتحدة، ريكس تيلرسون، المنطقة في النصف الأول من الشهر الماضي، وتوقيع وثيقة التفاهم حول الإرهاب مع نظيره القطري، الشيخ محمد عبد الرحمن آل ثاني، تغير المسار العام للأزمة كلياً. ولذا، جاءت سلسلة المواقف الدولية، لكي تصب بعيداً عن طاحونة الحصار، وصار المطلب الدولي الأساسي هو التسريع بحل الأزمة، من خلال الحوار الذي يجب أن يتم في أجواء طبيعية، بعد رفع الحصار عن قطر، الأمر الذي لا توافق عليه الدول الأربع، كما عبرت عنه في اجتماع المنامة، يوم الأحد الماضي، حين اعتبرت تنفيذ الإملاءات الـ 13 شرطاً مسبقاً لبدء الحوار.
صحيح أن الأزمة لم تنته، ومن المبكر الحديث عن نتائج ملموسة، ولكن منطق الوصاية السعودية والبلطجة الإماراتية فضح نفسه، وتعرّض لاستنكار واستهجان من كل البلدان الحريصة على استقلالها وسيادتها، وبات العالم أكثر تحسّساً لحرية التعبير التي كانت من أبرز القضايا التي حظيت باهتمام واسع على الصعيد العالمي. وبفضل ثباتها عند موقفها من حرية وسائل الإعلام، حصلت الدوحة على تضامن دولي واسع، في وقتٍ خسرت فيه دول الحصار مصداقية إعلامها، وظهرت أمام العالم خائفةً من الرأي الآخر.
على الرغم من كل شيء، لم تنته الأزمة، بدليل أن الحصار متواصل، على الرغم من أنه لم يحقق هدفه، والحملة الإعلامية في تصاعد دائم، مع أنها باتت مكرورة، تعيد الافتراءات نفسها التي سبق أن روجتها، وصارت تقوم بتدويرها من جديد، وتلقي بها بوصفها اكتشافاتٍ، وغاب عن المشرفين على هذا الإعلام أنه حقق نتيجتين. الأولى أنه، بسبب عدم مصداقيته، خسر نفسه وفقد احترام الرأي العام. والثانية أن الرأي العام ليس مغفلاً، وقد اكتشف، منذ الأيام الأولى، تهافت الإعلام الإماراتي السعودي، وهو كان يعرف، أصلاً، مدى ضحالة مستوى الإعلام المصري. وفي الوقت الذي كان المتابعون لهذا الإعلام يتلقون منه الجرعات المكثفة من الأكاذيب، كانت أبوظبي والرياض ترفعان مطلب وقف وسائل إعلام تعتبرها معاديةً، مثل "الجزيرة" و"العربي الجديد".
لم تنته الأزمة، وخسائرها مستمرة، ويدفع الجميع ثمن الفاتورة، لكن خسارة الرياض وأبوظبي أكبر حتى اللحظة، لأن الحسابات والخطط التي تم وضعها من أجل إسقاط قطر لم تتحقق. وهنا لا نتحدّث عن تبعات اقتصادية، بقدر ما يهمنا النتائج السياسية والأخلاقية التي بدأت تسفر عنها.
المكابرة والمرارة هما السمتان اللتان تطبعان خطاب دول الحصار الإعلامي والسياسي، وذلك دليل على أن هذه الدول غير قادرة على احتواء تداعيات الفشل، ولا تريد أن تقرّ به أمام رأي عام استنفرته، وأغرقته بالافتراءات، لكنها ستدرك ذلك، حين تبدأ تسديد الفواتير قريباً.
تمكّنت قطر، بسرعة، من ترتيب أوضاعها للحد بشكل كبير من التداعيات الاقتصادية، واستطاعت أن تنفتح على أسواق جديدة، وتقيم خطوطاً بديلة، لتدفق السلع والمواد الأولية التي كانت تستوردها من السعودية والإمارات. وباشرت، في الوقت نفسه، بناء قاعدة للاعتماد على الذات، وسد الثغرات التي ظهرت خلال الأزمة، وذلك من دون خسائر كبيرة.
وكما يقول المثل "رب ضارة نافعة"، فالأزمة انعكست سياسياً لصالح قطر، لأنها فضحت بسرعة قياسية الافتراءات التي بنت عليها أبوظبي والرياض الحملة، وتكشّف للعالم التزوير الفاضح الذي قامت به أبوظبي من أجل افتعال الأزمة.
بعد زيارة وزير خارجية الولايات المتحدة، ريكس تيلرسون، المنطقة في النصف الأول من الشهر الماضي، وتوقيع وثيقة التفاهم حول الإرهاب مع نظيره القطري، الشيخ محمد عبد الرحمن آل ثاني، تغير المسار العام للأزمة كلياً. ولذا، جاءت سلسلة المواقف الدولية، لكي تصب بعيداً عن طاحونة الحصار، وصار المطلب الدولي الأساسي هو التسريع بحل الأزمة، من خلال الحوار الذي يجب أن يتم في أجواء طبيعية، بعد رفع الحصار عن قطر، الأمر الذي لا توافق عليه الدول الأربع، كما عبرت عنه في اجتماع المنامة، يوم الأحد الماضي، حين اعتبرت تنفيذ الإملاءات الـ 13 شرطاً مسبقاً لبدء الحوار.
صحيح أن الأزمة لم تنته، ومن المبكر الحديث عن نتائج ملموسة، ولكن منطق الوصاية السعودية والبلطجة الإماراتية فضح نفسه، وتعرّض لاستنكار واستهجان من كل البلدان الحريصة على استقلالها وسيادتها، وبات العالم أكثر تحسّساً لحرية التعبير التي كانت من أبرز القضايا التي حظيت باهتمام واسع على الصعيد العالمي. وبفضل ثباتها عند موقفها من حرية وسائل الإعلام، حصلت الدوحة على تضامن دولي واسع، في وقتٍ خسرت فيه دول الحصار مصداقية إعلامها، وظهرت أمام العالم خائفةً من الرأي الآخر.
على الرغم من كل شيء، لم تنته الأزمة، بدليل أن الحصار متواصل، على الرغم من أنه لم يحقق هدفه، والحملة الإعلامية في تصاعد دائم، مع أنها باتت مكرورة، تعيد الافتراءات نفسها التي سبق أن روجتها، وصارت تقوم بتدويرها من جديد، وتلقي بها بوصفها اكتشافاتٍ، وغاب عن المشرفين على هذا الإعلام أنه حقق نتيجتين. الأولى أنه، بسبب عدم مصداقيته، خسر نفسه وفقد احترام الرأي العام. والثانية أن الرأي العام ليس مغفلاً، وقد اكتشف، منذ الأيام الأولى، تهافت الإعلام الإماراتي السعودي، وهو كان يعرف، أصلاً، مدى ضحالة مستوى الإعلام المصري. وفي الوقت الذي كان المتابعون لهذا الإعلام يتلقون منه الجرعات المكثفة من الأكاذيب، كانت أبوظبي والرياض ترفعان مطلب وقف وسائل إعلام تعتبرها معاديةً، مثل "الجزيرة" و"العربي الجديد".
لم تنته الأزمة، وخسائرها مستمرة، ويدفع الجميع ثمن الفاتورة، لكن خسارة الرياض وأبوظبي أكبر حتى اللحظة، لأن الحسابات والخطط التي تم وضعها من أجل إسقاط قطر لم تتحقق. وهنا لا نتحدّث عن تبعات اقتصادية، بقدر ما يهمنا النتائج السياسية والأخلاقية التي بدأت تسفر عنها.
المكابرة والمرارة هما السمتان اللتان تطبعان خطاب دول الحصار الإعلامي والسياسي، وذلك دليل على أن هذه الدول غير قادرة على احتواء تداعيات الفشل، ولا تريد أن تقرّ به أمام رأي عام استنفرته، وأغرقته بالافتراءات، لكنها ستدرك ذلك، حين تبدأ تسديد الفواتير قريباً.
دلالات
بشير البكر
بشير البكر كاتب وشاعر سوري من أسرة "العربي الجديد" ورئيس تحرير سابق
بشير البكر
مقالات أخرى
26 أكتوبر 2024
19 أكتوبر 2024
12 أكتوبر 2024