تطرّف عربي في خدمة يمين صهيوني متطرّف
كل الطرق مفتوحة أمام أشدّ عناصر اليمين الصهيوني تطرّفًا ليأتي يوم قد نجده فيه المسؤول الأول عن المنظومة الأمنية الداخلية للاحتلال، إذ يعطي اليميني الليكودي العتيد بنيامين نتنياهو العائد أخيرا إلى رئاسة حكومة الاحتلال الضوء الأخضر للمتطرّف إيتمار بن غفير لتغيير بنية جهاز الشرطة الصهيوني، باعتباره وزيرًا للأمن الداخلي، كما تتوقع الصحافة الصهيونية.
رضع بن غفير التطرّف الديني الصهيوني منذ كان جنينًا في بطن أمه، فهو متطرّف ابن متطرّفة، فوالدته كانت ناشطة في حركة صهيونية، هي التنظيم الوطني العسكري (إيتسل)، التي تأسست عام 1931، وشاركت في عمليات إجرامية ضد الفلسطينيين.
في كل عمليات الاقتحام للمقدّسات الفلسطينية من المسجد الأقصى بالقدس المحتلة إلى المسجد الإبراهيمي في الخليل تجد بن غفير على رأس قطعان المستوطنين المهووسين دينيًا، كما تجده في طليعة مقتحمي منازل العائلات الفلسطينية في الداخل، وهذا منطقيٌّ للغاية بالنسبة لتلميذ نجيب في كل مدارس التطرّف الصهيوني الإجرامي، فهو ابن مدرسة الحاخام مائير كاهانا، مؤسس حركة كاخ المصنّفة إرهابية، والتي تجمع بين الغلوّ الاستعماري والتطرّف الديني، وهو ما انعكس على منهجها ومسلكها، إذ تتأسس عقيدة هذه الحركة على أن العرب في فلسطين أعداء (أغيار) يجب إخراجهم بالعنف، وجلب جميع يهود العالم ليحلوا محلّهم.
تحدّثت، أخيرا، صحيفة هاآرتس الإسرائيلية عن موافقة رئيس الحكومة نتنياهو على تغيير قانون الشرطة، بحيث تصبح خاضعًة تمامًا لرئيس "قوة يهودية" متطرفة. وليس غريبًا والحال كذلك أن تتصاعد بشكل جنوني عمليات اقتحام المدن والبلدات الفلسطينية بشكل يومي للقيام باغتيالات وإعدامات على الهواء مباشرة لشبان وأطفال فلسطينيين يتم قتلهم بدم بارد، وسط حالة صمتٍ عربي غير مسبوقة، تطرح سؤالًا مؤسفًا يقول: ماذا بقي لفلسطين سوى بعض أفراد من الشعب العربي يرفعون علمها في محافل رياضية دولية؟.
ماذا بقي لفلسطين والفلسطينيين إذا كانت المعركة الأساس لتيار عربي ملتصقٍ بالأنظمة، من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، هي استهداف كل مظهر من مظاهر وجود الإسلام السياسي على الخريطة العربية، مردّدًا شعارات أنظمة تجلس في حجر إسرائيل، وتتغذّى على حليب كراهية هذا الإسلام السياسي وتعتبره العدو الأول والوحيد، ولا تكفّ عن تغذية آلتها الإعلامية الجبارة بخطاب يخوف شعوبها وشعوب العالم من هذا التيار، ولا تترك مناسبةً دولية أو إقليمية من دون التحريض عليه وابتزاز العالم ماليًا وسياسيًا وعسكريًا به؟.
من أسفٍ أن برنامج اليميني الصهيوني المتطرّف إيتمار بن غفير بمواجهة الفلسطينيبن، والمقاومة الفلسطينية التي تأتي على رأسها في هذه المرحلة حركاتٌ إسلامية، هو عينه برنامج بعض غلاة هذا التيار العربي المتطرّف في كراهيته وعدائه الجنوني مكونات تيار الإسلام السياسي في الدول العربية، إلى الحد الذي صار معه خادمًا لقوى الاستبداد التي قرّرت أن تقتل كل ملمح من ملامح الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان، بزعم حماية البلاد من العدو الخطير، الذي هو الإسلام السياسي، الموصوم بالإرهاب بنظر السلطة وغلاة اليسار المتطرّف، معًا، تمامًا مثلما يفعل بن غفير في فلسطين المحتلة.
نعم، مثل هذه النوعية من بعض هذا التيار العربي، بمكوناته المختلفة، الساكت عن التطبيع، الجالس القرفصاء تحت أقدام أنظمة تقاتل لفرض التطبيع عقيدًة وطنية، هو تيار متحالف مع بن غفير وداعم له وفي خدمته، حين يشاطره العداء للإسلام السياسي، بحجّة محاربة قيام دولة دينية، بينما يغضّ الطرف عن كون الكيان الصهيوني يأتي تجسيدا نموذجيا لمفهوم الدولة الدينية اليهودية الصهيونية المتطرّفة.