13 نوفمبر 2024
بذاءات عربية على غلاف غزة
.. وليس المقصود بـ"غلاف غزة" تلك التسمية الصهيونية لمستوطنات إسرائيلية متاخمة لقطاع غزة المحتل، وتضم "سديروت" وتجمعات أخرى للمستعمرين الغزاة. بل أعني هنا محيط غزة العربي، الذي يهرول حثيثًا لإظهار الولاءات للمحتل الصهيوني، ويبذل جهودًا جبارة لخنق غزة، وسجن سكانها تحت حصارٍ أكثر وطأة من حصار الاحتلال.
تخوض العربية السعودية "حرب الترفيه"، مستخدمة ترسانة هائلة من التعريفات الفاسدة للتنوير والحداثة والعصرنة.. وتخوض مصر العربية "حرب التلفيق" مستندةً إلى ترسانةٍ ضخمةٍ من الأكاذيب الأنيقة، عبر جيشٍ هائل من الكذابين، يزيفون لقطاتٍ للسجون وأقبية التعذيب والتنكيل وكأنها منتجعاتٌ سياحيةٌ تستقطب الحالمين بحياة أفخم من حياة القصور، بينما تبقى غزة وحدها تقاوم عدوان الصهيوني المحتل، وتواجه نيرانًا أكثر كثافةً وشراسةً تنطلق من إعلام عربي يعتنق الرواية الصهيونية، ويصنّف المقاومة إرهابًا، وينعت العدو بالحليف الذي يقود الحرب على الإرهاب، فيتبعه النظام الرسمي العربي، باستثناءاتٍ محدودةٍ وخجولة.
تحت التهديد، وإكراهًا وإرهابًا، استنطقت السلطات المصرية بعضًا من المحبوسين، ليسجلوا عبارات الغزل في روعة السجون، وجنة الزنازين، ويقولوا للعالم إن المعتقلات المصرية فاقت في رفاهتها أشهر المقاصد السياحية على وجه المعمورة، وذلك في مشاهد فقيرة الصنع، وشديدة الابتذال والتلفيق، ترقى إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية.
تشاء المصادفة أن تأتي المسخرة المصرية في ذكرى اليوم ذاته الذي دارت فيه فصول مسخرة سعودية مماثلة قبل عامين بالتمام والكمال، شهدت استنطاق "الأسير المختطف سعد الحريري" في محبسه الوثير في الرياض، ليقول لمذيعةٍ جاءوا بها من لبنان كلامًا فخيمًا عن روعة المعاملة التي يتلقاها في السعودية التي جرى احتجازه فيها، وهو رئيس الحكومة اللبنانية، ولم يتم إطلاق سراحه إلا بتدخلاتٍ فرنسيةٍ أظهرت وجهًا عابسًا لسلطة محمد بن سلمان. وقتها دوّنت "من أخلاقيات العمل الإعلامي عدم الاعتداد بما ينشر من آراء على لسان المصادر الواقعين تحت ظروف غير طبيعية، كالسجناء والأسرى والمحتجزين".
لم يكن من بين المتحدثين عن جماليات السجن في مصر محمد سعد الكتاتني ومحمد البلتاجي وعصام سلطان ومحمد رفاعة الطهطاوي وباسم عودة وأحمد عبد العاطي وعلاء عبد الفتاح ومحمد عادل ورامي شعث ومحمد بديع وأسامة مرسي وهيثم محمدين وحازم صلاح أبو اسماعيل.. لم يكن من بينهم أيضًا الرجل الذي يحب غزة، وتبادله غزة حبًا بحب، الزميل الكبير الكاتب الصحافي مجدي أحمد حسين الذي أخذ طريقه إلى السجن في العام 2008 بتهمة حب غزة، ليقضي أكثر من ثلاث سنوات محبوسًا، حتى جاءت ثورة يناير 2011 وحرّرته. وكانت جريمة مجدي التي وضعته في الحبس هي التضامن مع غزة في أثناء العدوان الإسرائيلى البربرى عليها فى ديسمبر 2008. لم يتمتع بالحرية سوى عامين، حتى أعيد إلى السجن، بعد انقلابٍ، أظهر العداء لغزة والكراهية لمقاومة غزة، ومارس البطش والتنكيل ضد كل من يحب غزة ويتعاطف معها. هذا الانقلاب الذي تعلق بثوب العدو ويعيش في كنفه حتى الآن، أعاد اعتقال محدي أحمد حسين وسجنه، ثم اعتقل زوجته التي تقف على مشارف السبعين من العمر، السيدة نجلاء القليوبي، ثم أعاد اعتقال زميله ونائبه في حزب الاستقلال، مجدي قرقر، وقيادات من الحزب.
في هذه الأجواء المواتية تمامًا، حيث حاكم مصر منشغلٌ بتشييد القصور، وحاكم السعودية مستغرقٌ في إقامة حفلات الترفيه، تعربد إسرائيل بكل حرية، فتغتال أبرز قادة المقاومة، الشهيد بهاء أبو العطا وزوجته، من دون أن يهمس النظام الرسمي العربي بكلمة، ولو من باب الادّعاء والكذب على رأيٍ عام، بقي منه جزءٌ لا يزال يتمتع بحاسّة الغضب، فيما تغلغل الاعتياد في وجدان عام جرى تسميمه بمهارةٍ شديدةٍ، فصار يتابع العدوان على غزة بشغفٍ أقل من شغف متابعة مباريات الكرة وحفلات التنوير على الطريقة السعودية.
تخوض العربية السعودية "حرب الترفيه"، مستخدمة ترسانة هائلة من التعريفات الفاسدة للتنوير والحداثة والعصرنة.. وتخوض مصر العربية "حرب التلفيق" مستندةً إلى ترسانةٍ ضخمةٍ من الأكاذيب الأنيقة، عبر جيشٍ هائل من الكذابين، يزيفون لقطاتٍ للسجون وأقبية التعذيب والتنكيل وكأنها منتجعاتٌ سياحيةٌ تستقطب الحالمين بحياة أفخم من حياة القصور، بينما تبقى غزة وحدها تقاوم عدوان الصهيوني المحتل، وتواجه نيرانًا أكثر كثافةً وشراسةً تنطلق من إعلام عربي يعتنق الرواية الصهيونية، ويصنّف المقاومة إرهابًا، وينعت العدو بالحليف الذي يقود الحرب على الإرهاب، فيتبعه النظام الرسمي العربي، باستثناءاتٍ محدودةٍ وخجولة.
تحت التهديد، وإكراهًا وإرهابًا، استنطقت السلطات المصرية بعضًا من المحبوسين، ليسجلوا عبارات الغزل في روعة السجون، وجنة الزنازين، ويقولوا للعالم إن المعتقلات المصرية فاقت في رفاهتها أشهر المقاصد السياحية على وجه المعمورة، وذلك في مشاهد فقيرة الصنع، وشديدة الابتذال والتلفيق، ترقى إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية.
تشاء المصادفة أن تأتي المسخرة المصرية في ذكرى اليوم ذاته الذي دارت فيه فصول مسخرة سعودية مماثلة قبل عامين بالتمام والكمال، شهدت استنطاق "الأسير المختطف سعد الحريري" في محبسه الوثير في الرياض، ليقول لمذيعةٍ جاءوا بها من لبنان كلامًا فخيمًا عن روعة المعاملة التي يتلقاها في السعودية التي جرى احتجازه فيها، وهو رئيس الحكومة اللبنانية، ولم يتم إطلاق سراحه إلا بتدخلاتٍ فرنسيةٍ أظهرت وجهًا عابسًا لسلطة محمد بن سلمان. وقتها دوّنت "من أخلاقيات العمل الإعلامي عدم الاعتداد بما ينشر من آراء على لسان المصادر الواقعين تحت ظروف غير طبيعية، كالسجناء والأسرى والمحتجزين".
لم يكن من بين المتحدثين عن جماليات السجن في مصر محمد سعد الكتاتني ومحمد البلتاجي وعصام سلطان ومحمد رفاعة الطهطاوي وباسم عودة وأحمد عبد العاطي وعلاء عبد الفتاح ومحمد عادل ورامي شعث ومحمد بديع وأسامة مرسي وهيثم محمدين وحازم صلاح أبو اسماعيل.. لم يكن من بينهم أيضًا الرجل الذي يحب غزة، وتبادله غزة حبًا بحب، الزميل الكبير الكاتب الصحافي مجدي أحمد حسين الذي أخذ طريقه إلى السجن في العام 2008 بتهمة حب غزة، ليقضي أكثر من ثلاث سنوات محبوسًا، حتى جاءت ثورة يناير 2011 وحرّرته. وكانت جريمة مجدي التي وضعته في الحبس هي التضامن مع غزة في أثناء العدوان الإسرائيلى البربرى عليها فى ديسمبر 2008. لم يتمتع بالحرية سوى عامين، حتى أعيد إلى السجن، بعد انقلابٍ، أظهر العداء لغزة والكراهية لمقاومة غزة، ومارس البطش والتنكيل ضد كل من يحب غزة ويتعاطف معها. هذا الانقلاب الذي تعلق بثوب العدو ويعيش في كنفه حتى الآن، أعاد اعتقال محدي أحمد حسين وسجنه، ثم اعتقل زوجته التي تقف على مشارف السبعين من العمر، السيدة نجلاء القليوبي، ثم أعاد اعتقال زميله ونائبه في حزب الاستقلال، مجدي قرقر، وقيادات من الحزب.
في هذه الأجواء المواتية تمامًا، حيث حاكم مصر منشغلٌ بتشييد القصور، وحاكم السعودية مستغرقٌ في إقامة حفلات الترفيه، تعربد إسرائيل بكل حرية، فتغتال أبرز قادة المقاومة، الشهيد بهاء أبو العطا وزوجته، من دون أن يهمس النظام الرسمي العربي بكلمة، ولو من باب الادّعاء والكذب على رأيٍ عام، بقي منه جزءٌ لا يزال يتمتع بحاسّة الغضب، فيما تغلغل الاعتياد في وجدان عام جرى تسميمه بمهارةٍ شديدةٍ، فصار يتابع العدوان على غزة بشغفٍ أقل من شغف متابعة مباريات الكرة وحفلات التنوير على الطريقة السعودية.