09 نوفمبر 2024
اليمن وأمن الخليج العربي
بشير البكر
بشير البكر كاتب وشاعر سوري من أسرة "العربي الجديد" ورئيس تحرير سابق
العلاقة بين اليمن والخليج أكثر من تبادلية، وتتجاوز المقولة التقليدية التي دأب السياسيون على ترديدها، في لحظات الأزمات، أن "أمن اليمن جزء من أمن الخليج"، والأصح أن أمن اليمن هو أمن الخليج. وذلك تبعاً للتاريخ والجغرافيا والمتغيرات التي عرفتها المنطقة في العقد الأخير. وقد كانت المقولة السابقة مقبولة قبل أن تصبح إيران لاعباً رئيسياً في الشرق الأوسط والخليج، فما كان يصح قبل سيطرة إيران على لبنان والعراق، والتدخل الواسع في سورية واليمن، لم يعد منطقياً في ظل التطورات والتحديات الجديدة، وهذا أمر لابد أن كل معني بأمن الخليج أدركه في الآونة الأخيرة، حينما بدأ الحوثيون هجومهم الواسع للسيطرة على صنعاء، وتجاوزوها باتجاه الحديدة وتعز، وأخيراً عدن.
أول خطوة قام بها الحوثيون، بعد شعورهم بأن الوضع استتب لهم في صنعاء، إرسالهم وفوداً سياسية وعسكرية إلى إيران، وفتح خط جوي بين طهران وصنعاء، ثم أتبعوا ذلك بخطوة بالغة الدلالة، وهي إجراء مناورات عسكرية على حدود المملكة العربية السعودية، وقد سبق أن شهدت هذه الحدود مواجهات بين هؤلاء وقوات سعودية في عام 2010، ولم تكن المناورات تقنية، بل سياسية ورسالتها واضحة، مفادها بأنهم يهزون العصا بوجه المملكة، في حركة هدفها، اليوم، القول للرياض أن توقف دعمها الرئيس الشرعي، عبد ربه منصور هادي، لكن مغزاها البعيد أن العلاقات بين اليمن والسعودية لن تكون كما كانت عليه في السابق، لاسيما وأن الحوثيين بدأوا ينشرون خرائط في صنعاء، تضع مناطق نجران وعسير داخل حدود اليمن.
ويبدو للمراقب من الخارج أن الحوثيين تسرعوا في كشف نياتهم الحقيقية تجاه السعودية، في الوقت الذي لم يصدر عن الجانب السعودي أي رد فعل استفزازي، بل كانت الرياض حريصة، في الأسبوعين الماضيين، على مشاركة الحوثيين في الحوار الذي كان مقرراً في مقر مجلس التعاون في الرياض، بناء على طلب من الرئيس هادي، وعبرت السعودية عن انفتاح ملحوظ بأن وافقت على نقل الحوار إلى الدوحة، حلاً وسطاً، ونزولاً عند رغبة الحوثيين التي عبروا عنها بالقول إنهم يعتبرون اختيار الرياض مكاناً للحوار نوعاً من تدخل سعودي في الشأن الداخلي اليمني.
لم يكن للحوثيين أن يرفعوا السقفين، العسكري والسياسي، بهذه السرعة. فهم سيطروا على جزء واسع من اليمن، وصاروا يُمْلون أجندة سياسية في زمن لا يتجاوز تسعة أشهر. ويدرك العارفون بالشأن اليمني أن خبرة الحوثيين لا ترقى إلى إدارة العملية بهذه الحنكة، وأن من يلعب بالأوراق من وراء الكواليس هي إيران. وفي كل الأحوال، لم ينكر الإيرانيون دورهم في إيصال الحوثيين إلى المكانة التي احتلوها في زمن وجيز، وأطلق مسؤولون إيرانيون تصريحات حافلة بالدروس لأهل الخليج، بل إن بعض التصريحات حمل وعيداً للسعودية تحديداً، كما جاء في تصريح شهير لمساعد وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، الذي حذر، قبل أسبوعين، من تدخل ما أسماها "أطرافاً خارجية في اليمن"، وقال إنه "لن يكون هناك مكان في اليمن مستقبلاً لهذه الأطراف وللمتآمرين"، بحسب تعبيره. كذلك، أكّد جهوزية بلاده "لفتح حوار مع الأطراف في المنطقة، لإجراء محادثات تتعلق بآخر التطورات في اليمن". وحسب اللهيان، باتت السعودية طرفاً خارجياً في اليمن، وأن إيران هي التي تمسك بالمفاتيح.
لم يجر الرد العسكري على الحوثيين في عملية "عاصفة الحزم"، إلا بعد استنفاذ سبل الحوار معهم من جهة. ومن جهة ثانية، تجاوزهم الخطوط الحمر في ما يتعلق بأمن الخليج، فوصول الأسطول الإيراني إلى باب المندب، قبل أيام، لم يكن للاصطياف، بل لـ "أهداف استراتيجية بعيدة المدى"، وفق إعلان طهران.
أول خطوة قام بها الحوثيون، بعد شعورهم بأن الوضع استتب لهم في صنعاء، إرسالهم وفوداً سياسية وعسكرية إلى إيران، وفتح خط جوي بين طهران وصنعاء، ثم أتبعوا ذلك بخطوة بالغة الدلالة، وهي إجراء مناورات عسكرية على حدود المملكة العربية السعودية، وقد سبق أن شهدت هذه الحدود مواجهات بين هؤلاء وقوات سعودية في عام 2010، ولم تكن المناورات تقنية، بل سياسية ورسالتها واضحة، مفادها بأنهم يهزون العصا بوجه المملكة، في حركة هدفها، اليوم، القول للرياض أن توقف دعمها الرئيس الشرعي، عبد ربه منصور هادي، لكن مغزاها البعيد أن العلاقات بين اليمن والسعودية لن تكون كما كانت عليه في السابق، لاسيما وأن الحوثيين بدأوا ينشرون خرائط في صنعاء، تضع مناطق نجران وعسير داخل حدود اليمن.
ويبدو للمراقب من الخارج أن الحوثيين تسرعوا في كشف نياتهم الحقيقية تجاه السعودية، في الوقت الذي لم يصدر عن الجانب السعودي أي رد فعل استفزازي، بل كانت الرياض حريصة، في الأسبوعين الماضيين، على مشاركة الحوثيين في الحوار الذي كان مقرراً في مقر مجلس التعاون في الرياض، بناء على طلب من الرئيس هادي، وعبرت السعودية عن انفتاح ملحوظ بأن وافقت على نقل الحوار إلى الدوحة، حلاً وسطاً، ونزولاً عند رغبة الحوثيين التي عبروا عنها بالقول إنهم يعتبرون اختيار الرياض مكاناً للحوار نوعاً من تدخل سعودي في الشأن الداخلي اليمني.
لم يكن للحوثيين أن يرفعوا السقفين، العسكري والسياسي، بهذه السرعة. فهم سيطروا على جزء واسع من اليمن، وصاروا يُمْلون أجندة سياسية في زمن لا يتجاوز تسعة أشهر. ويدرك العارفون بالشأن اليمني أن خبرة الحوثيين لا ترقى إلى إدارة العملية بهذه الحنكة، وأن من يلعب بالأوراق من وراء الكواليس هي إيران. وفي كل الأحوال، لم ينكر الإيرانيون دورهم في إيصال الحوثيين إلى المكانة التي احتلوها في زمن وجيز، وأطلق مسؤولون إيرانيون تصريحات حافلة بالدروس لأهل الخليج، بل إن بعض التصريحات حمل وعيداً للسعودية تحديداً، كما جاء في تصريح شهير لمساعد وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، الذي حذر، قبل أسبوعين، من تدخل ما أسماها "أطرافاً خارجية في اليمن"، وقال إنه "لن يكون هناك مكان في اليمن مستقبلاً لهذه الأطراف وللمتآمرين"، بحسب تعبيره. كذلك، أكّد جهوزية بلاده "لفتح حوار مع الأطراف في المنطقة، لإجراء محادثات تتعلق بآخر التطورات في اليمن". وحسب اللهيان، باتت السعودية طرفاً خارجياً في اليمن، وأن إيران هي التي تمسك بالمفاتيح.
لم يجر الرد العسكري على الحوثيين في عملية "عاصفة الحزم"، إلا بعد استنفاذ سبل الحوار معهم من جهة. ومن جهة ثانية، تجاوزهم الخطوط الحمر في ما يتعلق بأمن الخليج، فوصول الأسطول الإيراني إلى باب المندب، قبل أيام، لم يكن للاصطياف، بل لـ "أهداف استراتيجية بعيدة المدى"، وفق إعلان طهران.
دلالات
بشير البكر
بشير البكر كاتب وشاعر سوري من أسرة "العربي الجديد" ورئيس تحرير سابق
بشير البكر
مقالات أخرى
02 نوفمبر 2024
26 أكتوبر 2024
19 أكتوبر 2024