02 نوفمبر 2024
السعودية وإسرائيل والأمم المتحدة
بشير البكر
بشير البكر كاتب وشاعر سوري من أسرة "العربي الجديد" ورئيس تحرير سابق
في وقتٍ كانت فيه السعودية في أوج الاشتباك مع الأمم المتحدة، انتخبت الجمعية العامة إسرائيل لرئاسة اللجنة الأمميّة القانونية (اللجنة السادسة)، والتي من مهامها النظر في المسائل القانونية الدولية، والعمل على تطوير القانون الدولي وتطبيقه وتدوينه، إضافة إلى النظر في مسائل مكافحة الإرهاب. وتُعنى اللجنة بسيادة القانون على المستويين، الوطني والدولي، كما تعمل على دعم تدابير مكافحة الإرهاب، وإضافة بعض البروتوكولات إلى اتفاقية جنيف لحماية ضحايا النزاعات المسلحة.
وحصلت إسرائيل على 109 أصوات مؤيدة من أصل 152 دولة شاركت في التصويت يوم الاثنين الماضي، لدى طرح مجموعة دول غرب أوروبا المشروع أمام الجمعية العامة.
يمكن اعتبار هذه العملية واحدةً من أكبر سقطات المنظمة الدولية، حين قبلت مبدأ ترشيح إسرائيل لهذه اللجنة، لأنه يضع مسؤولية حماية القانون الدولي وتطويره بيد من يخرق القانون، ويسند أمر محاربة الإرهاب لمن يمارس الإرهاب المنظم، ويحتل الأراضي العربية في فلسطين وسورية ولبنان.
جاء القرار بسبب غياب مرجعية عدالة دولية في هذه الفترة، من سيادةٍ للفوضى واستهتار بالقانون الدولي من القوى الدولية الكبرى قبل غيرها، وإلا فكيف تتقدّم مجموعة دول غرب أوروبا بترشيح كيانٍ إرهابيٍّ لهذا الموقع الذي يُفترض بمن يحتله أن يكون سجله نظيفاً، ولديه رصيد مشهود به في خدمة القضايا الإنسانية؟ وعلى اعتبار أن دول غرب أوروبا أدرى من غيرها بتاريخ إسرائيل التي قامت على أرض الشعب الفلسطيني بإرادة أوروبا الغربية، فإن ترشيح إسرائيل لهذا الموقع يتجاوز، على نحو صريح، منطق ازدواج المعايير إلى قلبها، لكي تتم عملية طي سجل إسرائيل الإرهابي من جهة، ووضع معايير جديدة وتوصيفات للإرهاب تتماشى مع مصالح تل أبيب، وتخدم مخططاتها الرافضة أي عملية سلام مع الشعب الفلسطيني، تقوم على أساس حل الدولتين الذي قبل به الفلسطينيون على حوالي 20 في المائة من مساحة فلسطين التاريخية.
في هذا الوقت، كانت السعودية مشغولةً بحربٍ مع الأمم المتحدة، بسبب تقرير المنظمة الدولية الذي سجّل أن التحالف العربي، بقيادة السعودية، في اليمن قتل أطفالاً. وقد أزعج التقرير السعودية ولم تقبل به، وردّت عليه في حملة من التصريحات النارية، وكانت المفاجأة أن الأمم المتحدة سحبت تقريرها بعد يومين، واحتفلت السعودية بذلك، معتبرةً أنها سجلت انتصاراً ضد الأمم المتحدة، لكن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لم يسكت، وكشف أن الأمم المتحدة تراجعت تحت الضغوط السعودية بإيقاف تمويل عدة مشاريع للأمم المتحدة، منها ما يختص بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، الأمر الذي أثار صدمةً لدى الأوساط كافة، ذلك أنه لم يكن أحد يظن أن السعودية تلعب ورقةً من هذا القبيل هي التي ظلت تفاخر بدعمها السخي وغير المحدود للشعب الفلسطيني.
قد يكون التقرير الذي صدر عن الأمم المتحدة غير دقيق، والأكيد أنه ناقص، لأنه لم يتطرّق إلى انتهاكات الطرف الآخر المتمثل بالحوثي وصالح، وهذه لا تحتاج إلى براهين، لأن مسألة تجنيد هؤلاء الأطفال لا ينكرها أحد. وبالتالي، لا يتم تفنيد تقرير الأمم المتحدة في اليمن من خلال التهديد بوقف تقديم المساعدات للفلسطينيين. ثم إن هذه الخطوة لو حصلت فستفتح الباب لإيران أو إسرائيل للقيام بالمهمة، فإيران ما كانت لتنجح في التسلل إلى أكثر من بلد عربي لو لم يترك العرب فراغاً أو يتنازلوا عن دور، بينما تعمل إسرائيل اليوم على استثمار حالة الوهن العربي والعداء بين العرب والإيرانيين، كي تقدّم نفسها صديقاً للعرب في وجه الخطر الإيراني.
وحصلت إسرائيل على 109 أصوات مؤيدة من أصل 152 دولة شاركت في التصويت يوم الاثنين الماضي، لدى طرح مجموعة دول غرب أوروبا المشروع أمام الجمعية العامة.
يمكن اعتبار هذه العملية واحدةً من أكبر سقطات المنظمة الدولية، حين قبلت مبدأ ترشيح إسرائيل لهذه اللجنة، لأنه يضع مسؤولية حماية القانون الدولي وتطويره بيد من يخرق القانون، ويسند أمر محاربة الإرهاب لمن يمارس الإرهاب المنظم، ويحتل الأراضي العربية في فلسطين وسورية ولبنان.
جاء القرار بسبب غياب مرجعية عدالة دولية في هذه الفترة، من سيادةٍ للفوضى واستهتار بالقانون الدولي من القوى الدولية الكبرى قبل غيرها، وإلا فكيف تتقدّم مجموعة دول غرب أوروبا بترشيح كيانٍ إرهابيٍّ لهذا الموقع الذي يُفترض بمن يحتله أن يكون سجله نظيفاً، ولديه رصيد مشهود به في خدمة القضايا الإنسانية؟ وعلى اعتبار أن دول غرب أوروبا أدرى من غيرها بتاريخ إسرائيل التي قامت على أرض الشعب الفلسطيني بإرادة أوروبا الغربية، فإن ترشيح إسرائيل لهذا الموقع يتجاوز، على نحو صريح، منطق ازدواج المعايير إلى قلبها، لكي تتم عملية طي سجل إسرائيل الإرهابي من جهة، ووضع معايير جديدة وتوصيفات للإرهاب تتماشى مع مصالح تل أبيب، وتخدم مخططاتها الرافضة أي عملية سلام مع الشعب الفلسطيني، تقوم على أساس حل الدولتين الذي قبل به الفلسطينيون على حوالي 20 في المائة من مساحة فلسطين التاريخية.
في هذا الوقت، كانت السعودية مشغولةً بحربٍ مع الأمم المتحدة، بسبب تقرير المنظمة الدولية الذي سجّل أن التحالف العربي، بقيادة السعودية، في اليمن قتل أطفالاً. وقد أزعج التقرير السعودية ولم تقبل به، وردّت عليه في حملة من التصريحات النارية، وكانت المفاجأة أن الأمم المتحدة سحبت تقريرها بعد يومين، واحتفلت السعودية بذلك، معتبرةً أنها سجلت انتصاراً ضد الأمم المتحدة، لكن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لم يسكت، وكشف أن الأمم المتحدة تراجعت تحت الضغوط السعودية بإيقاف تمويل عدة مشاريع للأمم المتحدة، منها ما يختص بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، الأمر الذي أثار صدمةً لدى الأوساط كافة، ذلك أنه لم يكن أحد يظن أن السعودية تلعب ورقةً من هذا القبيل هي التي ظلت تفاخر بدعمها السخي وغير المحدود للشعب الفلسطيني.
قد يكون التقرير الذي صدر عن الأمم المتحدة غير دقيق، والأكيد أنه ناقص، لأنه لم يتطرّق إلى انتهاكات الطرف الآخر المتمثل بالحوثي وصالح، وهذه لا تحتاج إلى براهين، لأن مسألة تجنيد هؤلاء الأطفال لا ينكرها أحد. وبالتالي، لا يتم تفنيد تقرير الأمم المتحدة في اليمن من خلال التهديد بوقف تقديم المساعدات للفلسطينيين. ثم إن هذه الخطوة لو حصلت فستفتح الباب لإيران أو إسرائيل للقيام بالمهمة، فإيران ما كانت لتنجح في التسلل إلى أكثر من بلد عربي لو لم يترك العرب فراغاً أو يتنازلوا عن دور، بينما تعمل إسرائيل اليوم على استثمار حالة الوهن العربي والعداء بين العرب والإيرانيين، كي تقدّم نفسها صديقاً للعرب في وجه الخطر الإيراني.
بشير البكر
بشير البكر كاتب وشاعر سوري من أسرة "العربي الجديد" ورئيس تحرير سابق
بشير البكر
مقالات أخرى
26 أكتوبر 2024
19 أكتوبر 2024
12 أكتوبر 2024