الساحة العراقية.. بين تجاوزات المالكي وتجاوزات "الخليفة"
يتداخل المشهد العراقي، وتتعقد معطياته، بعد التغيرات الجذرية، التي عاشها العراق منذ أعلنت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وتأخر إعلانها طويلا. طفى على السطح، منذ اليوم الأول، سعي رئيس ائتلاف دولة القانون، الذي لا هوادة فيه، إلى التشبث بالسلطة، مهما كانت نتائج ومترتبات عمله على الاستقرار الداخلي، وعلى أمن وسلامة البلد ككل.
العناد اللاعقلاني، واحدة من السمات التي طفت إلى السطح من أوجه فلسفة الحكم التي اتبعها رئيس مجلس الوزراء، في تدويره عجلة الحياة في الدولة، وولد هذا العناد تخبطاً في مواجهة الشركاء والخصوم على حد سواء. تغيرت خارطة الخصوم، وتوسعت لتشمل حلفاءه وأعداءه على حد سواء، بحيث بدا وكأنه يتخبط في اختيار أعدائه، فالأمر المهم أن يكون هو في الواجهة دوماً، وأن هنالك عدواً خلقه، ليكون موجودا دائماً، يهدد الشيعة وقضيتهم ومقدساتهم وعتباتهم حتى لو كان هذا العدو شيعياً مثلهم.
في التحليل الموضوعي المعمق، يبدو أن ولاء المالكي هو للمالكي وحده، فلا حزب الدعوة، ولا ائتلاف دولة القانون، ولا أية جبهة أو تحالف آخر يعني لنوري المالكي شيئاً، أمام سلطته. هذا هو سبب الإصرار على تدمير البلد، أو التشبث بالسلطة، وسيستمر هذا التشبث مهما قدم البلد من تضحيات وضحايا. في الضفة الأخرى، دخل المشهد من سمى نفسه خليفة، مستنداً على عاملين رسما مشهد ما حصل؛ سكوت على مضض من أبناء المدن، أجّل المجابهة، التي لا مناص منها، إلى أجل غير مسمى. يحتار الراصد في تفسير أفعال هذه الجماعة الماضوية، لكن الحيرة سرعان ما تزول إذا ما لحظنا أن مرجعية هؤلاء هي مرجعية خارجية وخوارجية، فالمرجعية الخارجية يمكن رصدها بالتغطية، التي يحصل عليها هؤلاء والتكتم على تصرفاتهم، ودرجة تسليحهم العالية والمتطورة. أما المرجعية الخوارجية، فيلحظها الراصد من الإصرار على المبدأ ودرجة التضحية العالية، التي يتمتع ويتوفر عليها مقاتلوها، وقبل كل ذلك استعدادهم لتكفير الغير والازدراء بمقدساتهم، كما بدا واضحا من تصرفاتهم المشينة في الموصل.
بين المالكي والخليفة أوجه تشابه كثيرة، مهما بدت الصورة متعارضة، ففي الحقيقة يقوم الطرفان بمهمة واحدة، هي تناوبهما على تدمير البلد. أما القوى الفاعلة الأخرى، فيبدو أن فعلها مؤجل حالياً، وننتظر جميعاً متى سيظهر فعلها إلى العلن.