09 نوفمبر 2024
الحملة على قطر.. الصحافة في خطر
بشير البكر
بشير البكر كاتب وشاعر سوري من أسرة "العربي الجديد" ورئيس تحرير سابق
تطرح الحملة الإماراتية السعودية على قطر جملة من الملاحظات بشأن دور الإعلام ومكانته، وبرز بوضوح أن الإعلام لم يكن، في أي يوم، في مركز الأزمة كما هو عليه اليوم، حتى أن شرارتها الأولى أخذت شكل اختراق لوسيلة إعلامية قطرية (وكالة قنا) ليل الثالث والعشرين من الشهر الماضي، وصار الخطاب المفبرك المنسوب لأمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، مادة الحملة الإعلامية والسياسية الضارية ضد قطر.
ودلت عدة مؤشرات على أن الحملة ليست وليدة عملية الاختراق، وهذا ما فضحه الزخم والتنسيق بين المنابر التي تنطعت لها، والعدد الكبير من الخبراء الذين تم استنفارهم من أجل شيطنة قطر.
من بين الملاحظات البارزة أن بعض المنابر التي تقود الحملة الإعلامية على قطر تريد أن تقطع الطريق على أي إمكانيةٍ للتهدئة، وبعضها يستخدم خطابا يؤسّس لقطيعة طويلة بين أبناء البيت الخليجي الواحد، وربما يكون مرد ذلك أنه لا خبرة لمن يقف وراء الحملة بتأثير الإعلام، الأمر الذي يفسر غلبة الطابع الكيدي والتشهيري على الحملات، وافتقارها لأسس الحوار. ولذلك، خلطت الحابل بالنابل، ولم يسلَم من أذاها أحد في قطر. وبالتالي، تتم إدارتها على شاكلة الفزعات والحروب العشائرية.
ما يستحق الملاحظة أيضا أن الصحافة في منطقة الخليج تعرّضت إلى نكسة كبيرة خلال أسبوعين من الأزمة، ما يعود إلى المعالجة المنحرفة من طرف بعض وسائل الإعلام. وليس بأمر ذي أهمية تسمية قناة تلفزية أو صحيفة بعينها بالقدر الذي تستدعيه الإشارة إلى أسلوب المعالجة الذي يشكل سابقةً، لم نشهدها حتى في أكبر أزمات المنطقة خطورة، مثل اجتياح الرئيس العراقي السابق صدام حسين الكويت عام 1990.
ولا مبالغة في القول إن بعض القنوات والصحف تصرفت من دون أن تراعي أية ضوابط أخلاقية أو مهنية، وأعطت لنفسها الحق في الافتراء على قطر وسياستها ومواقفها وقياداتها الحالية والسابقة، ولم تراع أي تاريخٍ مشترك لأهل هذه المنطقة الذين تجمعهم أواصر بقيت صامدة على الرغم من الهزات والأزمات، وقد لجأ بعض وسائل الإعلام إلى التزوير والفبركة واختراع أحداث، وكأن المشاهد والقارئ كائن مقطوع الصلة بالكون، وعليها هي مهمة تلقينه الأخبار من مصدر واحد.
وتبيّن خلال مجريات الحملة أن أسوأ ظاهرة عرفتها الصحافة العربية هي ظاهرة الخبراء الذين يجري تلقينهم ما يقولون. ولذا، صارت الغالبية العظمى من ضيوف قناتي العربية وسكاي نيوز تكرّر بعضها وتجترّ الاتهامات نفسها التي لا أساس لها من الصحة، وخصوصا المتعلقة بتمويل الإرهاب التي تنطبق على السعودية أكثر من أي بلد آخر في الكون.
وكشفت الأزمة عن عطبٍ حقيقي في صحافة المنطقة، يتعلق بفهم حرية الإعلام وتمثلها، وهذه مسألة لا يمكن لوسيلة إعلام ادعاء امتلاكها لمجرد أن لديها إمكانات مالية، تؤهلها لتوظيف جيش من الصحافيين، كما هو حال قناتي العربية وسكاي نيوز، بل هي قيم يتربى عليها الصحافي، وتبدأ باحترام عقل المتلقي. وقد تبين أن ليس هناك خطوط حمراء أو مرجعيات عمل مهنية، إذ يكفي أن يصفّر صاحب المشروع حتى تنطلق أفواج الخبراء مثل كلاب الصيد.
كانت بعض الصحف تشكل مدارس مهنية حتى وقت قريب، لكنها سقطت في فخ التزوير، مثل "الحياة" التي لم تراع تاريخاً طويلاً من العمل الصحافي الرصين، وانساقت نحو فبركة معارضين قطريين، وأعلنت عن بث أحاديث صحافية ثم تراجعت عنها.
الإعلام الذي قاد الحملة فشل في الامتحان، وإذا استمر الوضع على ما هو عليه سوف تتحول أخلاق المهنة إلى مادة للسخرية، في ظل حفلة تطبيل شعارها "هدفنا تغيير سياسة قطر وليس نظامها".
ودلت عدة مؤشرات على أن الحملة ليست وليدة عملية الاختراق، وهذا ما فضحه الزخم والتنسيق بين المنابر التي تنطعت لها، والعدد الكبير من الخبراء الذين تم استنفارهم من أجل شيطنة قطر.
من بين الملاحظات البارزة أن بعض المنابر التي تقود الحملة الإعلامية على قطر تريد أن تقطع الطريق على أي إمكانيةٍ للتهدئة، وبعضها يستخدم خطابا يؤسّس لقطيعة طويلة بين أبناء البيت الخليجي الواحد، وربما يكون مرد ذلك أنه لا خبرة لمن يقف وراء الحملة بتأثير الإعلام، الأمر الذي يفسر غلبة الطابع الكيدي والتشهيري على الحملات، وافتقارها لأسس الحوار. ولذلك، خلطت الحابل بالنابل، ولم يسلَم من أذاها أحد في قطر. وبالتالي، تتم إدارتها على شاكلة الفزعات والحروب العشائرية.
ما يستحق الملاحظة أيضا أن الصحافة في منطقة الخليج تعرّضت إلى نكسة كبيرة خلال أسبوعين من الأزمة، ما يعود إلى المعالجة المنحرفة من طرف بعض وسائل الإعلام. وليس بأمر ذي أهمية تسمية قناة تلفزية أو صحيفة بعينها بالقدر الذي تستدعيه الإشارة إلى أسلوب المعالجة الذي يشكل سابقةً، لم نشهدها حتى في أكبر أزمات المنطقة خطورة، مثل اجتياح الرئيس العراقي السابق صدام حسين الكويت عام 1990.
ولا مبالغة في القول إن بعض القنوات والصحف تصرفت من دون أن تراعي أية ضوابط أخلاقية أو مهنية، وأعطت لنفسها الحق في الافتراء على قطر وسياستها ومواقفها وقياداتها الحالية والسابقة، ولم تراع أي تاريخٍ مشترك لأهل هذه المنطقة الذين تجمعهم أواصر بقيت صامدة على الرغم من الهزات والأزمات، وقد لجأ بعض وسائل الإعلام إلى التزوير والفبركة واختراع أحداث، وكأن المشاهد والقارئ كائن مقطوع الصلة بالكون، وعليها هي مهمة تلقينه الأخبار من مصدر واحد.
وتبيّن خلال مجريات الحملة أن أسوأ ظاهرة عرفتها الصحافة العربية هي ظاهرة الخبراء الذين يجري تلقينهم ما يقولون. ولذا، صارت الغالبية العظمى من ضيوف قناتي العربية وسكاي نيوز تكرّر بعضها وتجترّ الاتهامات نفسها التي لا أساس لها من الصحة، وخصوصا المتعلقة بتمويل الإرهاب التي تنطبق على السعودية أكثر من أي بلد آخر في الكون.
وكشفت الأزمة عن عطبٍ حقيقي في صحافة المنطقة، يتعلق بفهم حرية الإعلام وتمثلها، وهذه مسألة لا يمكن لوسيلة إعلام ادعاء امتلاكها لمجرد أن لديها إمكانات مالية، تؤهلها لتوظيف جيش من الصحافيين، كما هو حال قناتي العربية وسكاي نيوز، بل هي قيم يتربى عليها الصحافي، وتبدأ باحترام عقل المتلقي. وقد تبين أن ليس هناك خطوط حمراء أو مرجعيات عمل مهنية، إذ يكفي أن يصفّر صاحب المشروع حتى تنطلق أفواج الخبراء مثل كلاب الصيد.
كانت بعض الصحف تشكل مدارس مهنية حتى وقت قريب، لكنها سقطت في فخ التزوير، مثل "الحياة" التي لم تراع تاريخاً طويلاً من العمل الصحافي الرصين، وانساقت نحو فبركة معارضين قطريين، وأعلنت عن بث أحاديث صحافية ثم تراجعت عنها.
الإعلام الذي قاد الحملة فشل في الامتحان، وإذا استمر الوضع على ما هو عليه سوف تتحول أخلاق المهنة إلى مادة للسخرية، في ظل حفلة تطبيل شعارها "هدفنا تغيير سياسة قطر وليس نظامها".
دلالات
بشير البكر
بشير البكر كاتب وشاعر سوري من أسرة "العربي الجديد" ورئيس تحرير سابق
بشير البكر
مقالات أخرى
02 نوفمبر 2024
26 أكتوبر 2024
19 أكتوبر 2024