09 نوفمبر 2024
الإمارات ... كل هذا الفشل
يستضعف الحاكمون في أبوظبي دولة فلسطين (هكذا اسمُها بموجب مسمّى سفارتها في أبوظبي)، ممثلةً بحكومة السلطة الوطنية في رام الله، عندما يرونها لا تستحقّ أن يبلغوها بأمر مساعداتٍ طبيةٍ ترسلها الإمارات، في غضون كورونا، إلى الفلسطينيين في الضفة الغربية، عبر مطار اللد (بن غوريون الإسرائيلي)، ثم تعرف الحكومة الفلسطينية هذا من الصحف. يفترِض أولئك، بفوقية سلوكهم هذا، أن السلطة الفلسطينية في منزلةٍ قليلةٍ، تجعلها تزدرد هذه الإهانة المعلنة، غير أنها، وهي التي سخر رئيسُها، على الهواء مباشرة، من رئيس أميركا، وشتمَ سفير هذا الرئيس في إسرائيل، ردّت الإهانة بمثلِها، لمّا رفضت تسلّم تلك المساعدات، ثم خرس الإعلام الحكومي في أبوظبي، وأجاز لسفهاء ملتحقين به أن يغرّدوا بذاءاتهم إياها. وتُذكّر هذه الموقعة بتوقيع شركة موانئ دبي العالمية، قبل أزيد من عامين، اتفاقيةً مع حكومة أرض الصومال (الانفصالية) لإدارة ميناءٍ هناك، من دون إخطار الحكومة المركزية في مقديشو، فردّ برلمان الصومال بقرارٍ يمنع هذه الشركة من أي عملٍ في البلاد، وأعلن الرئيس محمد عبد الله (فرماجو) أن بلاده تحتاج أي مساعداتٍ واستثمارات "إنما بالطرق الرسمية، وبعلم الحكومة الفيدرالية، وباحترام سيادة الدولة والقوانين الدولية". وصادرت السلطات الصومالية عشرة ملايين دولار من طائرةٍ إماراتيةٍ في مطار مقديشو، وقالت إن محاولة إدخال هذه الأموال سلكت طرقاً لا تتفق مع القوانين المحلية والدولية. ثم فقد الحاكمون في أبوظبي أعصابهم جرّاء هذا، فردّوا بإغلاق مستشفىً كانت الإمارات قد أنشأته (هل من عاقلٍ يُغلق مستشفى؟).
.. عندما يكون في وسع حكومتي الصومال وفلسطين أن تفقعا التورّم الذي تصنعه أبوظبي لنفسها، فذلك يعني، من بين كثيرٍ يعنيه، أن على الحاكمين هناك أن يتسلّوا بإحصاء نوبات فشلهم التي ما تنفكّ تزيد، في غير موضع، بدلاً من اغتباطهم بوهم قدرتهم على إزاحة وزير للخارجية الأميركية اسمه ريكس تيلرسون، وزهوهم بأنهم أرغموا عبد الفتاح السيسي على إقامة جنازة عسكرية رسمية لحسني مبارك، لم يكن راغباً فيها. وأيضاً بدلاً من فرحتهم بتخليقهم عيدروس الزبيدي، والكيان الذي صنعوه له في جنوب اليمن، وسرورهم بمحمد دحلان يُدعى له بطول العمر في مخيمات قطاع غزة وبعض لبنان، عندما يُسعف، باسمه وباسم زوجته، محتاجين وفقراء بمالٍ يعينهم. ثمّة ما هو أنفع يفعله أولئك، بدل التسرية عن نفوسهم بأشياء كهذه، من قبيل أن يخبطوا رؤوسَهم في الحيطان، بينما تفرّ مليشيات خليفة حفتر في ليبيا من حاراتٍ غير بلدةٍ ومدينةٍ هناك، بعد أن استنزفت أبوظبي أموالاً وعتاداً وطائراتٍ ومرتزقة، من دون أن تفلح في إنجازٍ يحقّق لأبوظبي شيئاً مما تشتهيه. والفشل في ليبيا هزيمة كبرى للمشروع الذي كلف الحاكمون في الإمارات أنفسهم به في العالم، وافترضوا أن في وسعهم أن يُنجزوه، ببعثرة المال على أغرارٍ في السياسة والإعلام، في تونس ومصر وغيرهما، ولو استدعت الكلفةُ إلغاء مهرجاني السينما في أبوظبي ودبي، مع شراء مرتزقةٍ ومليشياتٍ في اليمن وليبيا (وغيرهما؟). ويغذّي هذا المشروع نفسَه بنفسه، عندما يفتعل له رداءً فكرياً، يقوم على إشاعة الدجل عن تنوير كثير يخاصم الإخوان المسلمين (الإرهابيين)، ومنح الشيخ علي جمعة برنامجاً في فضائية أبوظبي، (منحوا أدونيس برنامجاً حوارياً معه في رمضان العام الماضي، ثم تمكّن "الظلاميون؟!" من وقف بثّه بعد ثلاث حلقات)، وتظليل أيتام بن علي في تونس بما يلزمهم من مالٍ وإعلام، وذلك كله وغيره بالتوازي مع انتصاراتٍ لا تأتي، وخساراتٍ باهظةٍ تتوالى، في اليمن وليبيا، وخيباتٍ متتابعةٍ في تونس، وتنفيعاتٍ بلا نتائج في المغرب، وخذلانٍ في الجزائر. أما في الداخل، فثمّة مليونير هندي في وسعه أن يضحك على اثني عشر بنكا بأكثر من ستة مليارات دولار، وثمّة منتخب كرة القدم ينهزم، في أرضه وبين جمهوره، بأربعة أهدافٍ بلا مقابل، ومن المنتخب القطري، يا لهول الفاجعة.
أما الفشل الأوقعُ أثراً على الناس الحاكمين هناك، فهو الحصاد المرّ عليهم من حصار قطر والتأليب ضدها، وفي غضونه وقبله كانت المحاولات اليائسة لسحب تنظيم كأس العالم من قطر، ثم المحاولة الكاريكاتيرية للاشتراك معها في تنظيمه. على أن من الكياسة أن يقرّ واحدُنا بنجاحٍ مؤزّر حققه أولئك، أنهم أقنعوا "حكومةً" في شرق ليبيا و"سلطةً" برئاسة عبد ربه منصور هادي بالشراكة معهم في مقاطعة قطر.. وحكومة موريتانيا، كي لا ننسى.
أما الفشل الأوقعُ أثراً على الناس الحاكمين هناك، فهو الحصاد المرّ عليهم من حصار قطر والتأليب ضدها، وفي غضونه وقبله كانت المحاولات اليائسة لسحب تنظيم كأس العالم من قطر، ثم المحاولة الكاريكاتيرية للاشتراك معها في تنظيمه. على أن من الكياسة أن يقرّ واحدُنا بنجاحٍ مؤزّر حققه أولئك، أنهم أقنعوا "حكومةً" في شرق ليبيا و"سلطةً" برئاسة عبد ربه منصور هادي بالشراكة معهم في مقاطعة قطر.. وحكومة موريتانيا، كي لا ننسى.