وتحدث الشاهد أمام البرلمان بلغة الواثق من البقاء على رأس الحكومة، رغم الانتقادات التي تعرض لها أخيرا، مرجعا ذلك إلى "لوبيات الفساد التي تهددنا عبر زرع الفتن بين مختلف الفاعلين، وعلى رأسهم الاتحاد العام التونسي للشغل"، أهم موقعي "وثيقة قرطاج".
وتأتي الجلسة البرلمانية التي حضرها رئيس الحكومة التونسية في ظل تنامي المطالب بتغييره هو والفريق الحكومي.
وقال الشاهد إن حكومته "ملتزمة بالمسار الديمقراطي أمام الشعب التونسي، بقدر التزامها بمواصلة عملها على تطبيق محاور اتفاق قرطاج، ولا يقلقها النقد والتقييم، بل بالعكس، من حق التونسيين بعد عام ونصف أن يطلعوا على تقييم حقيقي لمدى تقدم الحكومة في تطبيق مختلف محاور وثيقة قرطاج على قاعدة معطيات دقيقة لا على أساس تقييمات انطباعية".
ولفت إلى أن "تشخيص الوضع يتفق فيه الجميع، ولكن عندما يأتي الإصلاح تطغى الفئوية والقطاعية، وفي آخر المطاف لا يحدث شيء. لقد حان الوقت للحسم في الملفات"، كما عبر عن أمله في "توافق كل الأطراف المعنية حول مقترحات الإصلاح التي قدمناها، ولكن هنالك آجالا ومصلحة عليا للوطن، ونتحمل مسؤوليتنا للذهاب في طريق الإصلاح أيا كان الثمن السياسي، فمصلحة تونس هي الأهم".
وأشار الشاهد إلى أن "المساعي لإلغاء الانتخابات البلدية مآلها الفشل، وستنتظم مثل سابقاتها، ومن يراهن على الصراع بين الحكومة والاتحاد، وعلى توتير الأوضاع في البلاد وفشل المفاوضات مع المؤسسات المالية الدولية، فهو واهم، لأن الحرب على الفساد بدأت تقترب منه، وأصبحت حكومة الوحدة الوطنية خطرا على الفاسدين".
وأوضح أن أهم تحد أمام حكومته، إلى جانب مكافحة الإرهاب، هو "إعادة الروح للاقتصاد الوطني الذي كان معطلا ومتوقفا، وقد اتخذنا في هذا الإطار عددا كبيرا من الإجراءات للتصدير، عبر تفعيل المجلس الوطني للتصدير، وتبسيط التعقيدات الإدارية، والخطة الوطنية لتطوير الصناعات التقليدية، فضلا عن إجراءات أخرى لفائدة قطاع الفلاحة وفي مجال الاستثمار".
وبين رئيس الحكومة التونسية أن "مشكل المالية العمومية له حل وحيد هو الإصلاحات الهيكلية والكبيرة في العديد من الملفات، أولها الصناديق الاجتماعية ومنظومة الدعم والمؤسسات العمومية، ولقد حان الوقت للحسم في هذه الملفات، لأن بلادنا لم تعد تحتمل كلفة عدم الإصلاح، وإذا كان للإصلاح كلفة فكلفة عدم الإصلاح أغلى بكثير".
وأضاف الشاهد أن هناك "نجاحات أمنية تحققت في الفترات الأخيرة، فهذا في جزء منه بفضل السياسات المتخذة في مجلس الأمن القومي برئاسة رئيس الجمهورية، وفي جزء منه بفضل سياسة الحكومة التي أرجعت الثقة للأمنيين ووفرت الموارد المادية والبشرية اللازمة للمؤسسة الأمنية والعسكرية (5000 مليون دينار من ميزانية الدولة تذهب للمؤسستين الأمنية والعسكرية، يعني تقريبا ما يعادل ميزانية التنمية)".
واعتبر أن "الإصلاح يشمل المؤسسات العمومية التي تعاني من وضعية مالية صعبة، ولا يعني التفويت في هذه المؤسسات"، مشددا على أنه "لابد من التفرقة بين المؤسسات العمومية في القطاعات التنافسية، وتلك التي تقدم خدمات أساسية للمواطن وتصنف ضمن المرفق العمومي، مثل الشركة التونسية للكهرباء والغاز، والشركة التونسية لتوزيع واستغلال المياه، والصحة والتعليم".
وحول كيفية الحفاظ على استقرار المنظومة الاجتماعية، أكد رئيس الحكومة أنه انطلق في إيجاد الحلول التي أقرها قانون المالية من خلال المساهمة الاجتماعية المتضامنة بـ1 % لتمويل الصناديق الاجتماعية، و"لكن ذلك غير كاف، فاقترحنا مشروعا يتعلق بإصلاح الصناديق، وقدمناه إلى الشركاء الاجتماعيين، وننتظر منهم موقفا نهائيا الأسبوع المقبل لتمريره على مجلس الوزراء، فديون المؤسسات العمومية تجاه الصناديق بلغت حوالي 600 مليون دينار، ولا يمكن أن يستمر هذا الوضع".