كرفانات غزّة..تلوين الآلام

18 يناير 2015
الكرفانات البيضاء تشبه المستشفيات والأكفان(العربي الجديد)
+ الخط -
رسم عدد من الفنانين الفلسطينيين على جدران البيوت الحديدية التي مُنِحت للعائلات التي فقدت منازلها، خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزّة، بألوان تنير ذلك الحديد القاتم.

قساوة العيش في تلك الكرفانات الحديدية، والبرد الشديد، لم يمنعا أهالي المنطقة النازحين عن بيوتهم من إبداء إعجابهم بتلك الرسومات، التي غَيّرت ألوان جدران بيوتهم الحديدية، لكنّها لم تغير مأساوية واقعهم الذي يتدهور يوماً بعد آخر، نتيجة صعوبة العيش والتأقلم مع جدران حديدية صار اسمها "بيتاً مؤقتاً".

الألوان الزاهية والرسومات الطفولية الضاحكة، حاولت إخفاء اللون القاتم لتلك الكرفانات الحديدية، ذات الوقع الصعب على نفوس المواطنين الذين فقدوا منازلهم خلال العدوان على غزة، الذي دمر خلال واحد وخمسين يوماً من القصف المتواصل، نحو مائة ألف منزل بين كلي وجزئي.

يقول حازم الزمر، أحد الفنانين المشاركين في الرسم على جدران الكرفانات في حديث لـ"العربي الجديد": "إنّ الفكرة جاءت للتخفيف من الحالة النفسية الصعبة التي يمر بها أصحاب البيوت الحديدية وذووهم وأطفالهم، خصوصاً أنّ لونها الأبيض يشبه لون المستشفيات والأكفان، ولا حياة فيه".

ويوضح الزمر أنّ الفكرة لاقت ترحيباً من أهالي الكرفانات الذين شاركوا الفنانين في الرسم والتلوين، مشيراً إلى أنّ المكان أصبح حيوياً مليئاً بالألوان، والأطفال أعجبوا كثيراً بالرسومات التي أبعدتهم قليلاً عن التفكير في واقعهم البائس، في ظل البرد الشديد وألم العيش فيها.

أما زميله الفنان عبدالله أبو ريدة، وهو أحد سكان البيوت الحديدية، فيوضح أنّ الرسم الذي شارك فيه نحو تسعة فنانين استمر نحو ثلاثة أيام، شارك خلالها الأهالي والأطفال والنساء في اختيار الألوان والرسومات التي تركت انطباعاً إيجابياً، وسط المعاناة التي تغمر سكان نحو 75 بيتاً حديدياً في خزاعة.

ويقول لـ"العربي الجديد": "رسمنا الفراشات والزهور والأشجار والطبيعة، بألوان زاهية وجذابة، بعيداً عن الملل الذي كان يكسو لون تلك الكرفانات"، لافتاً إلى أنّ أهله وجيرانه في تلك البيوت الحديدية شعروا بالاهتمام، وأنهم ليسوا منسيين.

من جانبها، تشير منسقة مشروع مبادرات "مية هِمّة ولَمُة"، سلمى أبو ضاحي لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ فكرة تلوين جدران الكرفانات جاءت خلال تنفيذ مشروع الرسم على البيوت المهدّمة، حيث لاحظ عدد من الفنانين أهمية رسم تلك البيوت الحديدية التي يسكنها البرد والأوضاع المأساوية.

وتبين أبو ضاحي أن المشروع تَخوّف في البداية من ردة فعل السكان الذين يعانون نتيجة الظروف المعيشية الصعبة، لكن القائمين عليه فوجئوا بالتعاون والترحيب الكبيرين بالفكرة من قبل أصحاب "الكرفانات".

وتوضح سلمى أنّ المشروع الذي لاقى استحساناً واسعاً، سيستكمل تلوين تلك الكرفانات من الداخل بعد الرسم على واجهاتها، مشيرةً في ذات الوقت، إلى أنّ الرسومات غَيّرت مشهد المكان، وأكّدت أنّ سكانه يتطلعون إلى الحياة والأمل .. بكل ألوانه.
دلالات
المساهمون