مرسيل خليفة في بيت الدين: وعود العاصفة.. عاصفة الوعود

06 اغسطس 2015
خلال الحفل أمس (العربي الجديد)
+ الخط -

حاول مرسيل خليفة في حفل مهرجانات بيت الدين، ليل أمس الأربعاء، أن يستعيد جمهوره الذي واكبه على مدى عقود خلت. عقود كان خلالها فنّانهم الملتزم المعبّر عن قضاياهم وحامل القضية الوطنية في موسيقاه وكلماته، والرمز الفنّي الحقيقي للنضال الفلسطيني. جمهور يمتد على مساحة الوطن العربي كلّه، ويحمل صوت مرسيل معه أينما حلّ في وطنه أو في المهجر.

حاول مرسيل خليفة أمس، استعادة هذا الجمهور العريض الوفي له وللقضايا السياسية والاجتماعية التي عبّر عنها من خلال فنّه، بعدما تغرّب تدريجياً وعلى مراحل عن هذا الجمهور، خصوصاً انّ أغنيته باتت خلال السنوات الماضية، أقرب إلى الكلاسيكية منها إلى الثورية.

وتحوّلت الكلمة والقصيدة إلى تجريدية، بعدما كانت تلامس همّهم الاجتماعي والسياسي والمعيشي بشكل مباشر. من تلك الأغنيات القديمة "الخضرجية أو الشوفيرية" و"توت توت ع بيروت". كانت أغنيات تلامس الوضع السياسي والوطني والفلسطيني في الكثير الكثير من أعماله مثل: "عصافير الجليل"، و"وقفوني عالحدود" و"جواز السفر" وغيرها.

لكنّ مرسيل راح يبتعد شيئا فشيئا عن صورته القديمة، وبدأ يرسم مشهداً جديداً لفرقته، ذلك بعدما كانت فرقته "الميادين" تملأ المسرح بعدد كبير من الموسيقيين قد يتجاوز الثلاثين عازفاً بالإضافة إلى كورال كبير أيضا، رأينا مسرح مرسيل خليفة أمس يكتفي بأربعة موسيقيين يعزفون خلفه من بينهم ولداه رامي على البيانو وبشّار على الإيقاع.

أراد مرسيل أن تكون حفلة أمس نوعاً من نبش في ذاكرة هذا الجمهور ونوعاً من استجابة لرغبته. فأطلق عليها اسم "وعود من العاصفة"، وهو اسم أحد أعماله الرائعة. فمرسيل يعرف تماماً حجم تفاعل محبيه مع أعماله الأولى وكيف التصقت أغنيته بحياتهم.

بدأ الحفل بأغنية "بغيبتك نزل الشتي"، وهي من كلمات الشاعر طلال حيدر، وكانت بداية موفقة فنياً رغم رطوبة الطقس الذي أثّر سلبا على أوتار عوده وعلى صوته الذي بدا متعباً وعلى غير عادته طوال الحفل. بعدها غنّى من أغنياته القديمة "كانت الحلواية" و"جواز السفر" و"ريتا" و"يا بوليس الإشارة" و"يا بحرية" بمرافقة جميلة من الجمهور، بالإضافة إلى قراءته قصيدة وبعض العزف لموسيقى جديدة.

تواصل مرسيل خليفة أكثر من مرة مع الجمهور طالباً منه المشاركة في الغناء ولافتاً إلى مشاركاته السابقة في مهرجانات بيت الدين التي بدأها قبل ثلاثين عاماً. وهنا جاءت أوّل تحية منه إلى النائب وليد جنبلاط، ثم كرّر ذكر "الصديق" وليد جنبلاط، كما سمّاه في محطة ثانية، خلال تواصله مع الجمهور.

اقرأ أيضاً: نجوم الأغنية السياسية وجمهور الأغنيات الراقصة

وعند إلقائه قصيدة لمحمود درويش، توقّف موجّهاً تحية إلى روح الشهيد كمال جنبلاط. هنا تدارك قائلاً "بتعرفوني أنا ما بحبّ ساير بس هيدي تحية". وكان لافتاً عدم ذكر اسم محمود درويش في حفل أكثر من نصف أغنيات الحفل كانت من أشعاره.

ما صعب على مرسيل خليفة تجاوزه في حفلة أراد من خلالها أن يعيد صورته الجميلة لجمهور كاد أن يغادره، هو إقحام النمط الجديد من موسيقاه غير المنسجم مع برنامج الحفلة. في عزّ انسجام الجمهور مع أغنية "جواز السفر" انفرد رامي وبشّار بعزفيهما على آلاتهما ضمن وصلة مو مسيقى الجاز، جاءت طويلة وخارجة عن سياق الحفل ولا تشبه أغنيات الماضي. الأمر الذي امتعض منه كثيرون. وتكرّرت هذه الحالة مع أغنية "يا بحرية هيلا هيلا" ولوقت طويل أيضاً، ما دفع الكثيرين إلى مغادرة الحفل، خصوصاً أنّ كثيرين اعتبروه حفلا لمرسيل وبشار ورامي خليفة، وليس لمرسيل خليفة بمرافقة ولديه. 

حفل كبير حضره الآلاف في بيت الدين أمس جاؤوا ليسمعوا "وعود من العاصفة"، والطريف أنّ هذه الأغنية لم تكن على جدول أعمال برنامج الحفل. وهناك اشتاقوا لمرسيل خليفة، لأنّه أعطاهم أقلّ مما يستحقون، كما لو أنّها كانت "عاصفة من الوعود" بمرسيل الذي يحبّه الناس، وليست "وعوداً من العاصفة". 

اقرأ أيضاً: "غنائية أحمد العربي" تحيي ذكراها الثلاثين

دلالات
المساهمون