خمس سنوات سجناً إنْ أزعجت ملك هولندا

18 مايو 2015
طلاء جدار القصر في أمستردام بالعبارات ذاتها (getty)
+ الخط -


هتف ناشط هولندي ذات يوم يحتج، مع بقية المحتجين في هولندا في مسيرة ضد العنصرية في تشرين الثاني/نوفمبر العام الماضي، على استخدام مواطنيه مهرجان "بيتر الأسود"، والذي من المفترض أنه خادم عند "سانتاكلوز" الهولندي، كتعبير عنصري وتمييزي بحق السود.

صرخ الشاب سبع كلمات تعبّر عن غضبه من العائلة الملكية وترجمتها المخففة تقول: "اللعنة على الملك... والملكة... وعلى العائلة المالكة...".

لوحق الشاب قانونياً ليدفع غرامة قيمتها 500 يورو لأنه "أهان الملك". وحين رفض الناشط الرضوخ للحكم، ذهب الادعاء إلى طلب الحكم على الناشط الهولندي خمس سنوات سجناً أو دفع غرامة بقيمة 20 ألف يورو. إذ سيجري عرضه على المحكمة يوم 27 مايو/أيار الحالي.

أثار الأمر ضجة في المجتمع الهولندي كون الاتهام يستند إلى قانون "إهانة الجلالة" منذ عام 1881، أي قبل 135 سنة، ويخرق بالأصل القانون الأوروبي المتعلق بحرية التعبير. وعدا عن أن "هيومان رايتس ووتش" من مقرها في نيويورك عبّرت عن قلقها من هذا الأمر، فإن مواطنين هولنديين وغيرهم من الأوروبيين، يشعرون بقلق حقيقي من الملاحقات القانونية التي يرونها "تعسفية" وتتناقض مع القيم الليبرالية.

ردود فعل الشارع الهولندي كانت متعاطفة مع الناشط الهولندي من خلال وسم سريع "اللعنة على الملك"، وفرّغ من خلاله المغردون شتى أنواع الغضب على العائلة المالكة، ومنهم هاريت بيرغمان التي كتبت: "ضريبتنا المستقطعة هي التي تمول عائلة الملك وجرائمها... لذا اللعنة عليهم".

لم يتوقف الأمر عند حد "تويتر" وجدران مواقع التواصل الاجتماعي، فقد ذهب بعضهم إلى طلاء جدار القصر في أمستردام بالعبارات ذاتها التي رددها الشاب، والتي يلاحق عليها قانونياً هذه الأيام.

رئيس بلدية أمستردام ابرهارد فان ديرليين، عقّب على الملاحقة القانونية بالقول لصحيفة "هيت باروول": "أنا أعرف الملك قليلاً، وأعتقد بأنه كان سيترجم الأمر بطريقة أكثر ديمقراطية"، وذلك في إشارة إلى تصلب المدعي العام الهولندي المصرّ على مطالبه.

القصة التي تقلق نشطاء أوروبا، ومنهم المعارضون للملكيات الدستورية، يرون أن الأمر ليس بسبب نقد العوائل الحاكمة فحسب، بقدر ما هو تعد على حق حرية التعبير التي يدعي ساسة وإعلام تلك الدول دفاعهم عنها بكل قوة، كما يحصل حين يتعلق الأمر بما يراه مسلموها إهانات لنبيهم.

ويذكر هؤلاء النشطاء كيف قضى القاضي الإسباني بسحب أعداد المجلة الساخرة "ال خويفيس" في 2007، لأن غلافها حمل رسماً غير لائق ويحوي إيحاءات جنسية، بحق ولي العهد فيليب وزوجته، حول حصول العوائل على نقود مساعدات في حال إنجاب مزيد من الأطفال، وهي رسمة أغضبت القصر.

في تلك القضية حكم قاضٍ أيضاً بغرامة قدرها 3000 يورو على اثنين من رسامي الكاريكاتير، عقوبة على جملة مرافقة للرسم، يقول فيها فيليب لزوجته الأميرة ليتيزيا:" فكري معي، فإذا ما حملتِ الآن، فإن ذلك سيكون أفضل عمل قمت به في حياتي".

ما يثير غضب مواطنين أوروبيين يعيشون في ممالك هو استخدام قانون "إهانة الجلالة" من عصور الملكية المطلقة، فمن النرويج شمالاً مروراً بالدنمارك وحتى الجنوب، ما زلنا نرى قوانين تبيح ملاحقة المواطنين بتهمة إهانة الملك أو الملكة، وبعضها يعود إلى ما قبل أكثر من مائة عام كما في حالة النرويج التي يستند قانونها ذلك إلى ما صدر من قوانين في 1687، رغم تحويل بعض القضايا إلى قوانين العقوبات، والتي تدفع بدورها إلى ما يشبه "الرقابة الذاتية".
المساهمون