لجنة التحكيم: هل تحكم بالعدل أم بالهوى؟

27 فبراير 2015
تتأثّر الأحكام بثقافة الشخص الذي يُطلقها
+ الخط -

شارك الجزائري، سام بي، في برنامج "آراب غات تالنت" فنال سريعاً رفض لجنة التحكيم، بالإجماع، بعد نظرات مستغربة أو ساخرة. الغريب أنّه منذ ثلاثة أعوام شارك في النسخة الأميركية من هذا البرنامج، وإذا بلجنة التحكيم في "أميركا غات تالنت" تختاره، بالإجماع، بعد نظرات مندهشة ومعجَبة. علي جابر، نجوى كرم، ناصر القصبي، أحمد حلمي لم يقولوا له سوى: "معك أربعة لأ"!.



أمّا أعضاء اللجنة الأميركية فقالوا له إنّ موهبته مميّزة، حتّى إنّهم ذهبوا إلى القول إن رقصته قد تصبح موضة. صدقت ظنونهم لأنّه سرعان ما وُلدت رقصة يتمرّن عليها الأميركيون اسمها "رقصة سام بي"! لا يخفى على أحد أنّ بين أسطر مديحهم، اختبأ الكثير من السخرية.

انتشر مؤخراً فيديو يقول إنّ سام بي اشترك في النسخة العربية أولاً، ولكنّ الواقع عكس ذلك، وإن كان ذلك لا يعنينا الآن. هذا الرجل قدّم في البرنامجين الرقصة نفسها، حتّى إنّه دخل المسرح بالطريقة نفسها، فكيف تعاطت كلّ لجنة معه؟.

هنا لا بد من طرح الكثير من الأسئلة حول لجان التحكيم وأعضائها، وحول دورهم الحسّاس في تقرير مصير أشخاص يقفون أمامهم. لجنة التحكيم قادرة على أن تحطّم شخصاً مع كلّ أحلامه، وهي قادرة على أن تضع في الواجهة شخصاً قد لا يكون صاحب موهبة كبيرة.

في حالة "سام بي"، هل نعتبر أنّ العرب عميان فلم يرَوا فيه الموهبة الكبيرة، في حين عرف الأميركيون كيف يستثمرون ما قدّمه؟ أو إنّ الأميركيين سخيفون يفرحون بأيّ أمرٍ، حتّى لو لم يكن يستحق الاهتمام، في حين أنّ العرب مثقّفون جداً فرأوا أنّ العرض مجرّد سخافة؟ وكيف يكون العرض نفسه سخيفاً ورائعاً في الوقت نفسه؟ وعلى أية مقاييس يتمّ الحُكم على المواهب؟.



لا شكّ في أنّ الأحكام، في كلّ المجالات، تتأثّر بثقافة الشخص الذي يُطلقها، وبتاريخه وبحاضره، بمجتمعه وحضارته، بخبراته واختباراته. وبالتالي فإنّ مصيرَ مشتركٍ ما، في برنامج ما، سوف يتغيّر بحسب تغيّر الأشخاص الذين يقوّمونه. ولكن هل يعي أعضاء لجان التحكيم مدى أهمّية قراراتهم وتأثيرها على كلّ مَن يقف أمامهم؟ هل يجيدون القول: "أنا لم أحبّ ما قدّمته" بدلاً من القول: "إنّ ما قدَّمتَه سخيف"؟! هل ينتبهون إلى أنّ ما يقولونه ليس إلّا رأيهم الخاص، ولا يعكس الحقيقة المطلقة؟.

في التاريخ عشرات الأمثلة عن موهوبين تركوا أثراً كبيراً في ما قدّموه، رغم أنّهم حين وقفوا أمام لجنة التحكيم تمّ انتقادهم بشدّة. تلك اللجان لا بدّ من أنّها تمنّت بشدّة لو يُمحى قرارها من التاريخ كي لا تُذكَر بصفتها "التي رفضت موهبة مميزة".

الحُكم على الأمور مسألة دقيقة، حسّاسة، وشخصية جداً. إذا أردتم أن تتحقّقوا من كلّ ما قلته أعلاه، ليس عليكم إلّا أن تعطوا رأيكم بهذا المقال... البعض سيعتبره صحيحاً، والبعض الآخر قد لا يوافق على معظمه... فمَن معه الحق؟!

دلالات
المساهمون