يعود رضا العبدالله للغناء "نشيطاً"، فالمطرب العراقي الذي سجل حضوراً مهمّاً في الساحة الفنية قبل عشرة أعوام، اختفى نهائياً قبل خمسة أعوام، وتناثرت الأقاويل حينها عن صاحب أغنية "ظالم حبيبي أكبر ظالم"، مرة بأنه اعتزل الغناء، ومرة أنه تزوج فتاة من شرق أوروبا، ومرة أنه صاهر إحدى العائلات الثرية، ما عجّل بانسحابه من الساحة الفنية.
المطرب العراقي الذي اشتهر بأغانيه وموسيقاه مطلع الألفية الجديدة، اعتبره كثير من النقاد والإعلاميين والجمهور بأنه يعيش في "جلباب كاظم الساهر". فرضا العبدالله قدم ثلاثة ألبومات مع شركة روتانا، هي "ظالم" و"بعدك حبيبي" و"عد الأصابع"، وألبوم "يوم وسنة" مع شركة ميلودي، خلال عشرة أعوام ما بين 1999 و2009، فضلا عن البومه الأول من إنتاجه الخاص الذي حمل عنوان "يا ظلام ياهلي"، كان فيها شبيها حد التطابق مع شخصية كاظم الساهر الفنية، من ناحية الموسيقى التي يقدمها ونوع الأعمال التي يطلقها، حتى أن العبدالله في مرحلة انتشاره الأولى مع روتانا، تعاون مع الشعراء والموزعين الموسيقيين أنفسهم الذين يتعامل معهم الساهر، ككريم العراقي وكاظم السعدي وعمرو عبد العزيز وإبراهيم الراديو. وعدا عن إصراره الغريب وقتها بأن يغني فقط من ألحانه، فتح الباب للتعاون مع المخرج الأردني حسين دعيبس تيمّناً بصاحب "مدرسة الحب".
الغياب الطويل الذي قارب السنوات الست لرضا العبدالله، يبدو أنه ساهم في تغيير وجهة نظره الفنية، فهو اليوم يعود للساحة الغنائية بأغنية وكليب "تعال لحضني"، معتمداً كما كان على اللون الرومانسي، إنما عبر التعامل مع شعرا وملحنين شباب، ما يعني أن قناعته السابقة بأن يغني فقط من ألحانه، تنازل عنها إلى غير رجعة، وهذا ما سيصب في صالحه، فرضا العبدالله في الأغنية الجديدة يبني نجاحاً جديداً لنفسه أولاً قبل الجمهور، ويثبت أنه ما زال مطرباً يقدم الأغنية العراقية بذوقه الخاص، وليس تقليداً عن فنانين سبقوه في المجال كان متأثراً بهم.
الأغنية الجديدة التي أطلقها العبدالله كـ"سنغل" يبدو أنها كانت بالون اختبار لعودته للساحة الفنية بعمل رومانسي عراقي، ينتمي للغناء الجيد، والبعيد عن صخب الإيقاعات الصاخبة والمفردات صعبة الفهم، التي غزت معظم أغنيات الفنانين الشباب، فهو تعامل مع الشاعر رامي العبودي والملحن سيف عامر والموزع الموسيقي البحريني سيروس عيسى، ومع المخرج مصطفى العبدالله، إذ تحقق الأغنية تواجداً جيداً في الساحة الفنية، وعلى الأقل، تذكّر الجمهور ووسائل الإعلام بالمطرب الغائب عن الساحة.
ويواصل العبدالله إثبات تواجده فنياً، فهو أعلن قرب صدور أحدث أغانيه "يا عذابي" التي يلحنها هو من كلمات الشاعر العراقي فراس الحبيب، والتي صورها في العاصمة المصرية القاهرة، مع المخرج جميل جميل المغازي، وبمشاركة نجوم الدراما المصرية محمود الجندي وصبري عبد المنعم وإنعام سالوسة، حيث يبدو مصراً على أن يبقى متواجداً في ذاكرة الجمهور عبر عمل يحمل قصة.
الشهور المقبلة ستحمل تحدياً للمطرب الشاب بأن يستعيد حضوره الفني والعربي، والأهم حضوره الإعلامي والجماهيري، وهو بمجرد أنه عاد ليغني، بأسلوبه هو، يكون حقق نقطة في صالحه. وأعماله المقبلة إن قدمها وفق رؤيته الفنية، وعدم تأثره بأي فنان آخر، ستسهّل من وصوله لقمة الهرم الغنائي، عطفاً على الإمكانيات الفنية التي يتمتع بها.
اقرأ أيضاً: الأغنية العراقية.. بوفيه مفتوح للمطربين العرب