الضفدع... وبُشْرة الخير!

05 اغسطس 2014
أنا سكّرت المعبر بين بيت النمل وضفة النهر(العربي الجديد)
+ الخط -
 

تداعى الجميع إلى اجتماع القمّة. كلّ الحشرات أتت على استعجال لتسجّل موقفها من صمود النمل في الشتاء الأخير واحتفاظه ببيوته المتمددة. حضر العنكبوت تحرسه خيوط كثيفة، الجندب الأخضر كان أطولهم فجلس على رأس وفد من نظامه. دود القزّ بموكب فخم مليء بالحرير. أم 44 حضرت بأرجلها كاملة، أبو بريص، السحلية الصحراوية، صرصار الليل، جميعهم حضروا. افتتح العنكبوت الجلسة خطيباً في جمع الحشرات: "لايغرنّكم منزلي، صحيح أنه متقن الهندسة وقد نسجت خيوطه بدقة متناهية، إلا أنني أعتمد بها مبدأ التربص للاصطياد، وبالتالي فإن الوقت قد يطول حتى تقع أية فريسة فيه. وأضاف: ركّزوا جميعاً على كمّ البذور والحلوى وغيرها عند النمل، حتى السكريات. قاطعته السحلية الصحراوية وسألته: "هل تطالب بتدخل خارجي؟". مدَّ الجندب رقبته الطويلة، مسجلاً اعتراضاً شديد اللهجة، فقال: "التدخل يعني الجراد"! أنتم تمنحونه الآن مجالاً كبيراً للتدخل، وتظنون أنه سيراعي سير المعركة، لا! لن نسمح بذلك، سنكون جميعنا ضحاياه، فغزواته كلها قضت على الأخضر واليابس..، علينا يا رفاق أن نكون أمة واحدة ذات رسالة موّحدة.

لاحظ الجميع أن الجندب كان يقرأ من ورقة، وينظر إلى شاشات النقل المباشر. فطالبت دود القز بتحويل الجلسة إلى اجتماع سري بعيداً عن الإعلام. وافقت الأكثرية باستثناء أم 44  حيث آثرت سياسة الحياد. في الحال توقف البث، فبادرت الدودة قائلة: "كفَّ عن الاستعراض يا جندب"! أنت بنفسك طالبت بحماية وجودك عبر التفاوض مع الجراد نفسه، ولدينا ألف دليل.

عمّت الضجة الجلسة، أخذ صرصار الليل بالصراخ: "زيزييزيزيز"..، فعاجله أبو بريص بضربة من ذيله، صارخاً: اصمتْ أو اطرحْ حلاً منطقياً! السحلية تقدمت وسط الحاضرين وطالبتهم بالتوقف عن الفوضى..، ثم صرخت بأعلى صوتها: "الضفدع"!

الضفدع...، صمت الجميع وتنبهوا إلى غيابه! نظروا باتجاه ضفة النهر العظيم حيث يقيم الضفدع، فتعاظمت الأسئلة وكثرت الاستفهامات، وحاول الجميع الاتصال به. لحظات وسمعوا حفيف أشجار، تلفتوا صوب المكان الذي صدرت منه تلك الجلبة. هذا هو الضفدع! فقد حضر ببزّة مموهة، مرتدياً نظارة شمسية، ثبت ذراعيه ومدّ رقبته مخرجاً لسانه، مستعرضاً نملة تلفظ أنفاسها الأخيرة عليه، مضغها وقال: "أنا برضه خايف من إن النمل يخشّ علينا وتستحسن الحشرات الضعيفة أسلوبه، كده مش حنلحّق عليه في كل الدنيااااااااا، أنا سكّرت المعبر بين بيت النمل الكبير وضفة النهر. هو كان ينقل المونة وجميع لوازم صموده من هناك..، خلص بقا! النملة يلي حتقطع حيكون ده مصيرها..".

ضحك الجندب، وضحك الصرصار والسحلية، ضحكت الحشرات وصفقوا وأعلنوا ختام الجلسة. لكن قبل أن يهمّوا بفضّ الاجتماع، مرّت سريّة من الجنود داست عليهم ومزقت بيت العنكبوت. أصيب الضفدع وفقد ساقه، نظر إلى الضفة فرأى النمل يحملونها، ثم رأى ذيل أبو بريص يتقلب، وصاحبه يحاول أن يلتقطه دون جدوى. ظلت ذيله تقفز أمامه حتى ارتطمت برأس الضفدع الذي صرخ من الألم: "واق واق واق".. ربت أبو بريص على كتفه: "ما تزعلش! دي بشرة خير".

دلالات
المساهمون