"دبي": الثالثة فنياً بعد هوليوود وبوليوود

28 ديسمبر 2014
توم كروز في دبي / Getty
+ الخط -
أُنشئت لجنة دبي للإنتاج التلفزيوني والسينمائي لتسهيل عملية جذب صُنّاع المحتوى الإعلامي وما يتعلق بعملهم من نواح أمنية ومالية وقانونية. وبموجب القرار الجديد شكلت لجنة تضم ممثلين من عدد المؤسسات الحكومية، يتلخّص عملها في "وضع الإطار الأساسي الذي يوصّف الاستراتيجية العامة لإمارة دبي في زيادة الإنتاج المحلي، واستقطاب الإنتاج العالمي في قطاعي التلفزيون والسينما". 

ويستهدف عمل اللجنة، وفق مصادر إعلامية، وضع استراتيجية عمل لتعزيز موقع دبي كموقع مفضل للتصوير والإنتاج الإعلامي، واستقطاب مؤسسات الإنتاج التلفزيوني والسينمائي الأجنبية والمحلية، وضع آلية لإدارة نظام الحوافز وخفض تكاليف الإنتاج الإعلامي، بالإضافة إلى العمل كحلقة وصل بين الجهات الحكومية والشركات الخاصة.

وتدعم إمارة دبي عمل اللجنة من خلال مجموعة من التسهيلات تقدمها الحكومة لشركات الإنتاج عبر مدينة دبي للأستوديوهات، أو لجنة دبي للتصوير السينمائي، فضلاً عن توافر التخفيضات المالية والبنية التحتية المؤهلة، والمناخ الأمني المستقر، وأجواء الحرية الإبداعية في الإمارة.. وهي عوامل تعد بمجملها مشجعة للتوجه إليها للتصوير.

مدينة دبي للأستديوهات أحد العوامل الحاسمة في تلك الاستراتيجية، لما توفره من بيئة تصوير مثالية تمتد على مساحة 22 مليون قدم مربعة تضم استديوهات تصوير يصل عددها إلى 18 مدعمة بأخرى مخصصة للعمليات الفنية والدوبلاج وسواها. هي مزوّدة بأهم التقنيات المستخدمة في السينما والتلفزيون وأكثرها تطوراً، كما توفر المدينة مناطق للتصوير الخارجي بمساحة تقدر بثلاثة ملايين قدم مربعة، فضلاً عن مكاتب تجارية ومراكز عمل وأماكن ترفيهية.

ويقدّر جمال الشريف المدير التنفيذي لمدينة دبي للاستديوهات، في تصريحات صحافية، أنه و"وفقاً للدراسات الموثقة، فإن التصوير في دبي ينتج وفراً مقداره 40% عن نظيره في معظم الدول الأوروبية، ونحو 10% على الأقل مقارنة بكلفة تصويره في الهند، بسبب غياب البيروقراطية التي غالباً ما تعيق إنجاز التصوير في زمن أقصر، ما يعني اختزالاً لمدة التصوير، من ثم وفراً في أجور المعدات والفنيين، وأماكن التصوير، وغيرها من الأمور التي تسهم في زيادة كلفة الإنتاج".

الوفر المادي والدعم الفني رافقه تسهيلات حكومية لم تقتصر على تسيير الأوراق الرسمية للتصوير ومتطلباته التي لا يتجاوز الحصول عليها عادةً خمسة أيام، وإنما تعدت ذلك إلى تقديم خدمات لوجستية على الأرض بلغت في فيلم "المهمة المستحيلة4" حد إزالة خمسة كيلومترات من السياج الذي يحيط بطريق صحراوي لمنع الجمال من الاقتراب من السيارات، وذلك لضرورات فنية طلبها مخرج الفيلم، فيما قام فريق تصوير الفيلم نفسه بالتحليق عبر مروحية على بعد خمسين متراً من برج خليفة، رغم أن الحد المسموح به للتحليق فوقه هو ألف متر، وتلك تسهيلات ستبدو فريدة بالنسبة لشركات الإنتاج إذا ما قورنت على سبيل المثال بمنع المخرجة السورية عبير إسبر من تصوير مشاهد من مسلسلها "العبور" في أحد الأبنية التاريخية في لبنان، فاكتفت بالتصوير أمام المبنى التاريخي ومن دون دخوله بعد تدخّل من وزير الثقافة اللبناني.

الخطوات المتسارعة التي أنجزتها دبي على صعيد الدعم اللوجستي للمشاريع الفنية التي تنفذ على أراضيها، جعلها نموذجاً لكيفية بناء مشاريع استثمارية كبرى من شأنها أن تغدو مصدر دخل قومي لأي بلد يحتضنها، وإن كنا نتحدث عن تخفيضات كبيرة تجريها دبي على تكاليف الإنتاج، ودعم للعملية الفنية بالبنى التحتية وسواها، فيكفي أن نشير إلى أن تلك الأعمال الفنية روجت لدبي سياحياً على نحو يفوق أكبر الحملات الإعلانية، فضلاً عن المردود الاقتصادي والفني الذي ترتب على استضافة تصوير هذه الأعمال ولاسيما تلك الآتية من هول هوليوود وبوليوود ، يمكن التدليل على هذا المردود، على سبيل المثال، لا الحصر، بالإشارة إلى أن تصوير قسم كبير من الجزء الثامن عشر من المسلسل الأميركي "الجريء والجميلة" في دبي تم بالاستعانة بكوادر فنية من الإمارات، وبالمثل تم تصوير الجزء الثاني من الفيلم الهندي "مرحباً بعودتك"، في حين تقدر مصادر مطلعة وجود أكثر من 60 شركة عاملة في دبي تتولى تقديم معدات التصوير كاملة لأي من الشركات الإنتاج الراغبة في التصوير في الإمارة.
اليوم بعد مرور نحو أربعة عقود، وسلسلة من استراتيجيات العمل، تحولت دبي لمقر لإنتاج المحتوى الإعلامي السينمائي والتلفزيوني من أفلام ومسلسلات وبرامج وإعلانات، وبدأت تفد إلى إمارة دبي طلبات من شركات إنتاج عربية وعالمية للتصوير على أراضيها، حتى من البلدان التي عرف عنها احتضانها تصوير الأعمال الفنية العالمية والعربية، وقد وجد هؤلاء في دبي "عينة تمثل كافة أنحاء العالم" على حد تعبير النجم الهندي شاه روخ خان الذي اختار دبي لتصوير فيلمه "Happy new year" بمشاركة "النجمة ديبيكا بادوكون"، وقال في مؤتمر صحفي: "أشعر أن دبي تضم كل ما يمكن أن يحتاج إليه طاقم أي فيلم".
الارتفاع المتواتر لعدد قاصدي دبي لتصوير أعمالهم، عرباً وأجانب، يؤكد نجاح الإمارة بتوفير بيئة تصوير درامي وإعلامي بمواصفات عالمية، وبتقنيات حديثة وبكفاءات متخصصة على أعلى المستويات، وفي كل ذلك ترسخ دبي موقعها كمركز للإنتاج الإعلامي والدرامي التلفزيوني والسينمائي في المنطقة وكل ما يخص شؤون الإنتاج الدرامي والسينمائي.
تستحق دبي على نحو خاص والإمارات على نحو عام لقب "هوليوود الخليح"، بعد أن شهدت الإمارة إضافة إلى العاصمة أبو ظبي تصوير عشرات المسلسلات الخليجية كل عام... وهي اليوم، مع استراتيجية دبي الجديدة، وبعد سلسلة متتالية من الخطط الرامية لاستقطاب نجوم العالم للتصوير على أرضها، ونجاح تنفيذها تستحق لقباً أكبر من"هوليوود الخليج"، لعلها تمضي لتكون ثالثة الاثنتين في العالم بعد هوليوود وبوليوود.
المساهمون