الحوثيون يقفلون "أخبار اليوم": أسوأ أيام الإعلام اليمني

06 فبراير 2015
لا يخفي الحوثيون تعدّيهم على الإعلام (Getty)
+ الخط -

صار نشر أي وسيلة إعلام لمادة مناهضة لجماعة "أنصار الله" (الحوثيون) كفيلاً بإغلاقها. لم تكن صحيفة "أخبار اليوم" هي الأولى.

ولا تخفي الجماعة الدينية المسلحة التي باتت تسيطر على مفاصل الدولة، أياً من نشاطاتها في إقفال وسائل الإعلام أو مصادرة حقها في التعبير، بل تواجهه بحجة دائمة "محاربة الإعلام الناطق باسم التكفيريين".

فمنذ اجتياح الحوثيين للعاصمة صنعاء في 21 سبتمبر/ أيلول الماضي، كانت مرحلة تكميم الأفواه قد بدأت في أولى تحركاتها في المدينة: من اقتحام مكاتب إعلامية وإغلاق بعضها، وممارسة أنشطة ترهيبية على الصحافيين، ثم الاعتداء الجسدي والاعتقال.

في سبتمبر/ أيلول من العام الماضي، تحوّل مقر التلفزيون الحكومي إلى ساحة مواجهات بعد هجمات منسقة شنتها الجماعة، وانتهت بسيطرتهم عليه. ومع تغلغلهم المسلح في سلطات الدولة تمكنوا من إحكام السيطرة على كافة وسائل الإعلام باستثناء صحيفة "14 أكتوبر" الصادرة من مدينة عدن (جنوب البلاد).

وسيطر الحوثيون على بث تلفزيون عدن الحكومي، منذ قطع بثه إبان ليلة استقالة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي إذ يتم التحكم في بثه من المحطةُ المركزية في العاصمة صنعاء.

ويتحكم الحوثيون في السياسة التحريرية لوسائل الإعلام الحكومية التي باتت ناطقة بكافة فعالياتهم ونشاطاتهم، وغطت المحطات التلفزيونية بصورة شاملة مؤتمراً عقده أنصار الجماعة مطلع فبراير/ شباط الحالي.

وسيطرت الجماعة على "مؤسسة الثورة للصحافة" التي تصدر عنها أكبر صحف الحكومة، والتي تضم مطابع ضخمة ومخازن للقرطاسية، فضلاً عن إجبار رئيس تحريرها فيصل مكرم على الاستقالة بعد اقتحام منزله، وبعث رسالة تهديد لوزيرة الإعلام في الحكومة المستقيلة نادية السقاف واقتحام مكتبها.

ولم يكن عام 2015 مبشراً بالنسبة للإعلام اليمني، فقد أحصت منظمات محلية أرقاماً من الانتهاكات كان الحوثيون في مقدمة مرتكبيها. ورصدت "مؤسسة حرية" 25 حالة اعتداء ضد صحافيين وإعلاميين خلال يومي الأحد والاثنين (25 و26 يناير/كانون الثاني 2015) فقط في العاصمة صنعاء من اجمالي 49 حالة انتهاك تم رصدها منذ بداية الشهر الماضي. وظلت التقارير التي تصدرها المنظمات الدولية المعنية بحرية التعبير، شحيحة، بالتزامن مع تسارع الانتهاكات التي تتعرض لها المؤسسات الإعلامية في اليمن.

اقتحام "أخبار اليوم"

وروى صحافي يعمل في صحيفة "أخبار اليوم" لـ"العربي الجديد"، تفاصيل اقتحام الحوثيين لمقرها، وقال "في الساعة الخامسة والنصف مساءً تفاجأنا بمسلحين حوثيين يقتحمون صالة الأخبار، وأقدموا على طردنا".

وأضاف طالباً عدم ذكر اسمه خشية تعرضه للأذى، "خرج كافة الموظفين من مقر الصحيفة، وبعد ساعة ونصف طلبوا منا الدخول، وأخذوا معلومات عنا وهوياتنا، وأرغمونا بعدها على المغادرة". وأردف "ما يزال الحراس والمكلفون بإدارة المطبعة محتجزين لدى الحوثيين، لا نعلم عنهم شيئاً. إصدار الصحيفة متوقف، ونحن أيضاً فقدنا لقمة عيشنا لا ندري متى سيعيدون مقر عملنا". وقال إن الحوثيين ظلوا يفتشون في مكاتب الصحيفة منذ اقتحامهم، لا نعرف ما الذي يبحثون عنه، وما تزال دورياتهم المسلحة تفرض حصاراً على مقر الصحيفة".

وكانت  جماعة أنصار الله قد هددت بمزيد من "الإجراءات الحازمة" تجاه ما وصفتها بـ"أبواق الفتنة وإعلام الحروب"، بعد ساعات من إيقاف إصدار صحيفة"أخبار اليوم". وقالت، في بيان نشر على صفحة "شباب الصمود" التابعة للجماعة، إن عددأً من وسائل الإعلام ناطقة باسم "قوى الفساد والمجرمين وتجار الحروب وعصابات التكفير والعناصر الاستخبارية القاعدية"، من بينها صحيفة "أخبار اليوم". وهاجم مسلحون حوثيون مساء الخميس، مقر مؤسسة الشموع التي تصدر عنها صحيفة "أخبار اليوم"، واحتجزوا الصحافيين والعاملين فيها، وأوقفوا إصدار الصحيفة.

ووصفت الجماعة صحيفة أخبار اليوم، بـ" الإعلام الأصفر والأسود" واتهمتها بـ"دعم مشاريع أعداء اليمن التفتيتية وانها تريد أن تذيب معها اليمنيين في براثن تلك المشاريع"، حسب تعبيرها.

وقالت في بيانها ان "وسائل الاعلام تلك والقائمين عليها تمادوا ورفعوا مستوى عدائيتهم تجاه المجتمع اليمني الذي غرق في كثير من المشاكل بسبب ذلك الاعلام وكذلك مستوى خدماته للمخططات الخارجية الهادفة الى تفكيك الوطن وتدميره وتدمير مصالحه".

وأضافت ان "لجانها الشعبية" أدركت خطورة السكوت عن تلك "التجاوزات"، "وحرصاً على المصلحة الوطنية واللحمة الداخلية سارعت الى انجاز ما كان يتمناه الكثيرون المحبون لوطنهم ومجتمعهم وانتظروه كثيرا باعتبار تلك الصحف والوسائل الاعلامية تعد جزءا أساسيا من مخطط جر اليمن الى حالة اللااستقرار والاحتقان الدائم". وقالت الجماعة التي باتت تسيطر على مقاليد السلطة في البلاد، إنه كان من المفترض أن تتخذ مثل هذه الخطوة منذ اجتياحها للعاصمة صنعاء.

النقابة تدين

دانت نقابة الصحافيين اليمنيين واقعة اقتحام مسلحي أنصار الله (الحوثيون) لمقر "مؤسسة الشموع" وإيقاف إصدار صحيفة "أخبار اليوم"، واحتجازهم للصحافيين والعاملين لعدة ساعات.

وقالت في بيان صباح اليوم، إن هذه العمليات رافقها حملة اعلامية من قبل بعض المحسوبين على الجماعة تضمنت تحريضاً خطيراً على الصحيفة والعاملين فيها.

وألقت النقابة على زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي المسؤولية الكاملة عن الاعتداءات التي يتعرض لها الصحافيون والمؤسسات الإعلامية، والتي كان آخرها ما تعرضت له صحيفة "أخبار اليوم".

وقالت النقابة في بيانها "شهدت الصحافة منذ سقوط العاصمة صنعاء في ايدي الجماعة أكبر وقائع الانتهاكات والاعتداءات ضد الصحافيين ووسائل الإعلام بمتوالية تكشف عن التوجه العدائي الذي حملته هذ الجماعة ضد منابر اعلامية مختلفة او ناقدة لها".

وأضافت "الحريات الصحافية تواجه أكبر تهديد لها منذ اقرار التعددية السياسية بعد اعلان الوحدة اليمنية في العام 1990". واختتمت بيانها "سيدافع الصحفيون عن حرية الكلمة وسترفع الميليشيات يدها الغليظة عن صحيفة أخبار اليوم".

 

المساهمون