بعد قبول الطعن: هكذا بدأت قصة "صحافيي الجزيرة"

01 يناير 2015
الصحافيون الثلاثة خلال المحاكمة (GETTY)
+ الخط -
عام وأيام قليلة مرتّ على سجن صحافيي "الجزيرة" في مصر... ففي 29 ديسمبر/كانون الأول 2014، كان قد مر عام كامل على اعتقال الصحافيين الثلاثة في قناة "الجزيرة" الإنجليزية من فندق "ماريوت" القاهرة، ليدخلوا في دوامة القضاء المصري من نافذة القضية المعروفة إعلامياً باسم "خلية الماريوت"، ويحصلوا بموجبها على أحكام بين 7 و10 سنوات، قبل أن تقبل صباح اليوم محكمة النقض قرار الطعن باحكام السجن الصادرة بحقهم. 

لكن إليكم تفاصيل القضية منذ بدايتها: في العام 2013، دهمت قوات الأمن المصرية الجناح الخاص بصحافي الجزيرة الإنجليزية بفندق "ماريوت" في حي الزمالك، وألقت القبض على الأسترالي بيتر غريستي، والمصري الذي يحمل الجنسية الكندية محمد فهمي رئيس القناة في مصر.

أما باهر محمد حازم، الصحافي الثالث في القضية نفسها، فقد كان يجلس بغرفة مكتبه، في منزله في مدينة السادس من أكتوبر، عندما سمع نباح الكلب الخاص به، فأسرع متجهاً إلى مصدر الصوت في الحديقة، فوجد الكلب ملقى على الأرض، وحوله عدد من ضباط الشرطة. ألقوا القبض عليه وفتشوا منزله ثم استولوا على جهاز اللابتوب الخاص به واقتادوه إلى قسم الشرطة.

وجاء قرار المحكمة بمعاقبة 11 متهماً بالسجن 10 سنوات غيابياً من بينهم فهمي وغريستي، و7 سنوات لـ 7 آخرين حضورياً، من بينهم باهر، وبراءة أنس محمد البلتاجي وأحمد عبد الحميد، والسجن لـ3 سنوات لمتهم آخر، وغرامة 5000 جنيه، بعد توجيه النيابة المصرية إليهم تهم "الانتماء إلى جماعة إرهابية ودعمها وبث أخبار كاذبة وتكدير السلم العام".



صحافيو "الماريوت" في سطور

محمد فهمي (41 عاماً)، عمل صحافياً ومراسلاً في العديد من الوكالات الأجنبية العالمية، منها صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" و"نيويورك تايمز"، كما عمل بتلفزيون دبي وتلفزيون "الحرة"، حيث كان مدير مكتب الحرة في مصر ودبي، بالإضافة إلى عمله بالصليب الأحمر في لبنان لمدة عامين، حيث كان مسؤولاً فيه عن حقوق السجناء في لبنان، وأخيراً عمل كصحافي في قناة "سي إن إن" الإخبارية لمدة تزيد عن عامين، بعدها التحق بفريق عمل قناة الجزيرة الإنجليزية في مصر.

وهو حائز على جائزة الصحافة العالمية من توم رينر في عام 2012، لإنتاج فيلم وثائقي مدته 30 دقيقة بالاشتراك مع قناة "سي إن إن". واختارته منظمة اليونسكو ولجنة حرية الصحافة العالمية، لمنح جائزتها السنوية في يوم حرية الصحافة العالمية في 3 مايو/أيار، وهو داخل محبسه، نظراً إلى تاريخه الصحافي طوال الفترة وعلى مدار 15 عاماً.

بيتر غريستي (51 عاماً)، عمل في أكبر المؤسسات الصحافية في العالم، منها رويترز، وسي إن إن، وبي بي سي، قبل أن يستقرّ في الجزيرة الإنجليزية. تمركز خلال مشواره المهني في العديد من مدن العالم المشتعلة، منها العاصمة الأفغانية، وبلجراد، ولندن، والعديد من المدن الأفريقية التي كانت تعاني من صراعات وحروب أهلية، وغطّى أحداث الغزو الأميركي لأفغانستان في 2001، ثم عمل في بعض دول أميركا اللاتينية، وجنوب أفريقيا وكينيا، ثم عمل في مصر مراسلاً للجزيرة الإنجليزية، ليغطي الأحداث فيها، ليجد نفسه في النهاية محبوساً خلف القضبان.

باهر حازم ،هو صحافي مصري، وأب لثلاثة أطفال. عمل صحفياً في عدد من المؤسسات، منها جريدة "أساهيشيمبون" اليابانية، وشبكة "سي إن إن" الأميركية، وقناة "برستيفي" الإيرانية، قبل أن يلتحق بشبكة الجزيرة الإعلامية حيث كان دوره تغطية الأحداث في مصر.



صحافيو "الماريوت" ورحلة نفي الانتماء إلى "الجماعة"


لم يتوقف الصحافيون المتهمون في قضية خلية لماريوت عن نفي انتمائهم إلى جماعة الإخوان المسلمين، وخصوصاً الصحافي المصري محمد فهمي الذي لجأ إلى إصدار خطابات ورسائل وبيانات عنه وعن أسرته ومحاميه، تنفي انتماءه إلى الجماعة، وتؤكد مشاركته في تظاهرات 30 يونيو/حزيران 2013. بل إن حملة دعائية قادها عدد من الفنانين والسياسيين ورجال أعمال مصريين، مثل خالد أبو النجا وعمرو موسى ونجيب ساويرس وغيرهم، أعدّوا مادة فيليمة قصيرة تتحدث عن فهمي ومشاركته في تظاهرات 30 يونيو/حزيران.

وتقدّمت أسرة فهمي بطلب إلى النائب العام منذ أيام، لنقل مكان محبسه من مصر إلى أحد سجون كندا. وذكرت أسرته في طلبها أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أصدر بتاريخ 1 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قانوناً يجيز تسليم المتهمين الأجانب إلى بلادهم، سواء لمحاكمتهم فيها أو قضاء مدة العقوبة، ومن ثم طالبت أسرة "فهمي" بنقله إلى كندا لقضاء مدة العقوبة هناك، على أن تتم إعادة محاكمته خارج البلاد.

محطات "الماريوت" في عام

بعد إلقاء القبض عليهم، وجّهت السلطات المصرية إلى الصحافيين الثلاثة تهم الانتماء إلى جماعة إرهابية، ونشر أخبار كاذبة وتكدير السلم العام، في القضية التي تحمل رقم 353 لسنة 2013 أمن الدولة العليا، جنايات الجيزة. وفي 29 يناير/كانون الثاني 2014، أمر النائب العام المصري بإحالة الـ20 متهماً في القضية إلى محكمة الجنايات.


وفي 23 يونيو/حزيران 2014، أصدرت محكمة جنايات القاهرة أحكامًا بالسجن المشدد 7 سنوات بحق محمد فهمي وبيتر غريستي بالإضافة إلى 10 سنوات بحق باهر محمد، وأحكاماً غيابية مشددة بحق آخرين. وفي 21 أغسطس/آب 2014، تقدّم محامو المتهمين بنقض الحكم الذي صدر ضدّهم، لتنظر في 1 يناير/كانون الثاني 2015، اليوم، محكمة النقض المصرية في أحكام الطعن المقدّمة على الحكم الصادر عن محكمة جنايات القاهرة ضد المتهمين.

"أمل" علم الدين و"أمل" العفو الرئاسي

تخلى فهمي عن فريق الدفاع الذي وكّلته قناة "الجزيرة" الإنجليزية للدفاع عنه في القضية، ولجأت أسرته إلى التعاقد مع المحامي الحقوقي المصري نجاد البرعي، والمحامية اللبنانية أمل علم الدين اللذين أصدرا بياناً صحافياً فور انعقاد اتفاقية الرياض للمصالحة بين مصر وقطر، طالبا فيه قناة "الجزيرة" وقطر باحترام الاتفاقية ومنع ما وصفاه بـ"عناصر التحريض على الكراهية، والعمل على تأسيس روح المصالحة".

وقبل ذلك بفترة وجيزة، صدرت تصريحات عن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لقناة "فرانس 24"، مفادها أنه يدرس إصدار عفو رئاسي عن اثنين من بين ثلاثة صحافيين في قناة الجزيرة. بعدها أصدر السيسي قراراً بقانون يتيح له ترحيل سجناء أجانب في مصر إلى بلادهم؛ الذي أثار احتمالات أن يتم الإفراج عن بعض صحافيي الجزيرة المسجونين في مصر.

ومنذ هذه الأثناء، تتوارد أنباء شبه رسمية عن "قرب" صدور عفو رئاسي عن صحافيي الجزيرة المسجونين في مصر، لا سيما بعد المصالحة المصرية القطرية التي تمّت بمباركة سعودية منذ أسابيع قليلة.

إلا أن الحديث عن العفو الرئاسي، لم يتخطَّ عتبات "الأمل" في صدور قرار من السيسي، كذلك لم يصدر على لسان أي مسؤول، بل هو مجرد أحاديث وتكهنات إعلامية.
المساهمون